كشفت مصادر مطلعة في صنعاء عن صفقة سرية تمت بين قوات حكومة الإنقاذ الموالية لأنصار الله وحلفائهم والقوات الموالية للتحالف فيما يتعلق بوضع المسلحين الموالين للتحالف والمحاصرين في مديرية الخوخة جنوب غرب الحديدة.
المصادر كشفت عن أن مغادرة وفد من أنصار الله لصنعاء على متن طائرة عمانية واتجهت إلى مسقط بهدف إعادة فتح ملف المفاوضات السياسية من جديد، جاء بالتزامن مع التطورات الأخيرة التي شهدتها جبهة الساحل الغربي التي بدأت بسقوط مديرية الخوخة بيد قوات التحالف بعد أن سلمتها القوات التي كانت متواجدة فيها بتوجيهات من نجل شقيق الرئيس الراحل علي صالح “العميد طارق محمد صالح” على إثر انقلاب عمه على جماعة أنصار الله.
غير أن الوضع في الخوخة لم يدم طويلاً إذ سرعان ما هدأت الأوضاع في العاصمة صنعاء بعد مقتل صالح في 4 ديسمبر الجاري لتتجه قوات صنعاء إلى إعادة ترتيب وضعها العسكري في الجبهات التي كانت قد شهدت تطورات عسكرية، حيث تمكنت من قطع خط إمداد القوات الموالية للتحالف والتي دخلت مديرية الخوخة وسيطرت على معسكر أبو موسى الأشعري وكانت في طريقها نحو مديرية حيس جنوب شرق الحديدة، هذا التطور الذي بدأ إيجابياً لقوات التحالف، انعكس مؤخراً بشكل سلبي وكلفها مئات القتلى والجرحى من المسلحين المنتمين للمحافظات الجنوبية التي كانت الإمارات تقاتل بهم في جبهة الساحل الغربي وتسعى لإحكام سيطرتها على الخوخة والتقدم باتجاه الحديدة.
بعد قطع قوات صنعاء خط إمداد قوات التحالف في الخوخة إذ عززت سيطرتها على مناطق يختل وشمالها وهي الواقعة إلى الشمال من مديرية المخا الساحلية الواقعة جنوب غرب محافظة تعز، وأدى قطع خط الإمداد إلى جعل قوات التحالف في الخوخة في وضع المحاصرة، بالتزامن مع ذلك شنت قوات صنعاء هجمات يومية مع تقدم تكتيكي باتجاه الخوخة وشيئاً فشيئاً بدأت باستعادة المواقع التي سيطرت عليها قوات التحالف وصولاً إلى سيطرتها على معسكر أبو موسى وإطباق الحصار على قوات التحالف في الخوخة.
وفي خضم التصعيد العسكري المعاكس لقوات صنعاء باتت قوات التحالف محاصرة داخل الخوخة، وعلم “المساء برس” قبل نحو أسبوع أن قوات صنعاء تلقت توجيهات قيل أنها صادرة من مكتب زعيم جماعة أنصار الله عبدالملك الحوثي بعدم اعتقال أي مسلح جنوبي من المقاتلين الموالين للتحالف في الخوخة وتركهم يغادرون المديرية بأسلحتهم الشخصية دون اعتراضهم، لكن مصادر جنوبية موالية للتحالف كشفت أن طيران التحالف كان يستهدف كل من ينسحب من الخوخة وهو الأمر الذي أدى إلى ارتفاع عدد القتلى من الجنوبيين الموالين للتحالف.
عقب ذلك حاولت القوات الإماراتية تعزيز مسلحيها في الخوخة ومدهم بقوات عسكرية أخرى بهدف فك الحصار عليهم من جهة يختل جنوب الخوخة وشمال المخا غير أن هذا التعزيز فشل في فك الحصار ووقع في شراك قوات صنعاء التي بث إعلامها الحربي صوراً لأكثر من كمين نصبته للقوات الموالية للتحالف، ولم تكتفِ القوات الموالية للتحالف بذلك الكمين إذ زادت من عمليات تعزيز قواتها بالتزامن مع غارات جوية مكثفة بهدف فك الحصار لكن دون فائدة، وقد تحولت جبهتي الخوخة ويختل مفتوحتين فالأولى محاصرة من قوات صنعاء حيث تحتمي قوات التحالف بالمدنيين داخل المدينة ولا تستطيع الانسحاب بسبب معارضة قياداتها المتواجدة في عدن لأي انسحاب وانتظار تعزيزات عسكرية قادمة، أما الثانية وهي يختل فقد باتت تحت سيطرة قوات صنعاء ولم يعد بإمكان قوات التحالف مد مقاتليها في الخوخة بأي تعزيزات عسكرية، وقد أدى هذا الوضع إلى جعل جبهة الخوخة جبهة استنزاف للتحالف فكلما حاولت الإمارات إرسال تعزيزات عسكرية، تكون النتيجة هي خسارة تلك التعزيزات في يختل.
ووفقاً للمعلومات الواردة من مصادر أمنية عليا في صنعاء فقد تم التأكد من سقوط (700) قتيل وجريح من الموالين للتحالف، تقول المصادر أن أغلبهم سقطوا في يختل التي ظلت لأسبوعين لا تخلو من عمليات عسكرية “بين تعزيزات من الجنوب باتجاه الخوخة وبين قوات صنعاء” التي رتبت وضعها لتكون كمصيدة لأي تعزيزات قادمة.
وفي ساعات الليل الأولى من مساء الخميس وردت معلومات عسكرية تؤكد إنهاء سيطرة قوات التحالف على الخوخة بعد صفقة جرى الاتفاق عليها بين قوات صنعاء ممثلة بقيادة المنطقة العسكرية الخامسة وقوات التحالف قضت بالسماح لمسلحي الأخيرة بالانسحاب من المديرية بالأطقم العسكرية فقط وترك الآليات العسكرية الثقيلة والمدرعات وكافة الأسلحة لقوات الجيش واللجان الموالية لها مقابل ذلك.
مصادر صحفية كشفت الأربعاء الماضي أن المقاتلين في الساحل الغربي والذين تقدموا حتى الخوخة ثم تمت محاصرتهم ينتمون إلى “محور العند ولواء تهامة وقوات الطوارئ” التي شكلتها الإمارات، بالإضافة إلى قوات العمالقة واللواء 17 مشاة، مشيرة إلى أن معظم القوات تتبع الإمارات رأساً.
وكشف موقع “العربي” في تقرير سابق أن إحصائية الخسائر التي تكبدتها القوات الموالية للتحالف في الخوخة منذ بدء العمليات العسكرية وحتى الإثنين الماضي بلغت: “58 طقماً عسكرياً، جرافة عسكرية، 76 آلية عسكرية إماراتية، 24 عربة مدرعة”، وتفيد المصادر أن معظم هذه الخسائر وقعت إثر معارك أو كمائن في منطقة يختل التي تحولت إلى مصيدة لأي تعزيزات قادمة.
هذا الحصار المطبق على قوات التحالف وإدارة قوات صنعاء لمعركة استنزاف محكمة دفع بقوات التحالف إلى طلب التفاوض مع قيادة المنطقة العسكرية الخامسة للانسحاب، وهو الأمر الذي انتهى بالقبول بالانسحاب شريطة ترك الأسلحة بالكامل والعتاد العسكري الثقيل باستثناء فقط الأطقم العسكرية المتبقية فيما الآليات التابعة للإمارات والعربات المدرعة وكميات الأسلحة الأخرى فقد كانت ثمناً لقبول قوات صنعاء بخروج الموالين للتحالف من الخوخة.
ويرى مراقبون أن التصعيد العسكري في الساحل الغربي والذي فشل تماماً رغم ما أحدثه الطيران الحربي للتحالف من دمار هائل واستهداف للمدنيين، دفع إلى اللجوء إلى ترك الخيار العسكري والاستجابة للضغوطات الدولية والأممية بوقف التصعيد العسكري الذي لم يجدِ نفعاً ولا يكون ضحيته سوى المدنيين والاتجاه لحل سياسي يبدأ بمفاوضات سياسية، وهو الأمر الذي حدث بالفعل إذ تزامن إنهاء الوضع العسكري في الخوخة بمستجدات سياسية فيما يتعلق بالمفاوضات حيث أفادت مصادر خاصة أن طائرة عمانية وصلت مطار صنعاء الخميس ونقلت وفداً من أنصار الله إلى العاصمة مسقط، في خطوة يبدو أنها تعلن الإيذان لجولة مفاوضات جديدة وأخيرة لإنهاء الحرب على اليمن بعد أن فشلت الأوراق العسكرية التي استخدمها التحالف على مدى أكثر من 1000 يوم كان آخرها استخدام الرئيس الراحل صالح ودفعه لتفجير الوضع من الداخل وتسهيل مهام التحالف العسكرية عبر قطع خطوط إمداد الجبهات التي كشفت المعلومات التي حصل عليها “المساء برس” أنها ظلت مقطوعة لثلاثة أيام أثناء أحداث صنعاء الأخيرة وهو ما حدث بالفعل وانتهى بمقتل صالح وخسارة الرياض وأبوظبي ومن معهما لآخر الرهانات العسكرية.
المصدر ـ المساء برس
خليك معنا