«عاصفة الحزم» التي أطلقتها السعودية لدعم حكومة عبدربه هادي منصور باليمن في 25 مارس 2015، لم تكن حازمة في تحقيق أهدافها بعد مرور عامين ونصف العام، لكنها عصفت بالبنية التحتية للبلد الذي يعاني من انتشار للأمراض خاصة وباء الكوليرا.
أضحت اليمن شبيهة لنظرائها في المنطقة كسوريا والعراق، حيث تُملأ بالمباني المدمرة والشوارع المليئة بالخراب والدمار جرّاء الغارات الجوية العنيفة للتحالف الذي تقوده السعودية وتستهدف المناطق السكانية.
ولكن الدمار لم يصل فقط إلى المباني السكانية فحسب، ولكن مرافقها الرئيسية التي تربطها بالعالم الخارجي صارت خارج نطاق الخدمة بأمر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي أعلن حربه على المتمردين باليمن، وفي مقدمتها مطار صنعاء وميناء الحديدة اللذان تعرّضا لضربات الطيران السعودي.
مطار صنعاء
وأكمل مطار صنعاء الدولي عامه الأول دون استقبال أي رحلات تجارية لنقل الركاب. ومع دخول العام الثاني -ورغم ازدياد الدعوات الدولية إلى إعادة فتح المنفذ الجوي الرئيسي في اليمن- ما زال مغلقاً.
مسألة حظر الرحلات في مطار صنعاء تعود إلى فشل مشاورات الكويت العام الماضي، فبعد 3 أيام من رفعها، وعقب رفض الحوثيين توقيع اتفاق سلام، فرض التحالف العربي يوم 9 أغسطس 2016، حظراً جوياً على المطار، قبل أن يستثني طائرات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، التي ظلت تهبط بشكل دائم وتنقل مسؤولين أمميين إلى صنعاء.
وكان مبرر التحالف السعودي حينذاك أن المطار يقع في نطاق منطقة عسكرية، هي مديرية «نهم» التي تدور فيها اشتباكات بين القوات الحكومية ومسلحي الحوثيين وصالح، على بعد ما يقرب من 55 كيلومتراً. وبعد حظر الرحلات التجارية بشكل كامل، كانت المعاناة تشمل أغلب اليمنيين في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حيث يضطر الراغبون في السفر إلى قطع مسافات تستغرق قرابة يوم كامل، للوصول إلى مطاري عدن وسيئون آخر المنافذ الجوية المتبقية.
وقال اليمني عبدالباسط المقرمي -وهو طالب دراسات عليا في إحدى الدول العربية- إن «حظر الرحلات الجوية لم يعاقب سوى المواطنين، فيما استمرت قيادات الحوثي تتنقل إلى الخارج، سواء عبر طائرات عمانية أو أممية كما كان يُتداول».
وأضاف المقرمي في حديث لـ «الأناضول»، أن «من يقطنون في صنعاء يضطرون إلى السفر نهاراً كاملاً إلى مدينة عدن (العاصمة المؤقتة)، ثم المبيت هناك ليلة قبل السفر، وكذلك الحال في مطار سيئون (..) هذا الأمر من المستحيل أن يستحمله المرضى الراغبون في السفر أو كبار السن».
ووفقاً لمنظمات أممية إغاثية، فإن حوالي 7 آلاف يمني كانوا يخرجون من البلاد عبر مطار صنعاء سنوياً للعلاج في الخارج قبل اندلاع الحرب، لكن الرقم ارتفع إلى 20 ألفاً خلال العامين الماضيين من النزاع. وسبق وأن قصف الطيران السعودي مطار صنعاء -الذي يعمه الدمار حتى الآن- عدة مرات، آخرها منتصف شهر يوليو الماضي، بزعم وجود قوات حوثية داخل المطار، وأيضاً يوم 28 أبريل 2015 عندما دمر مدرجاً بداعي منع هبوط طائرة إيرانية.
ميناء الحُديدة
القصف والحصار الذي يفرضه التحالف السعودي، أدى إلى توقف العمل نهائياً داخل ميناء الحديدة الذي يقع حالياً في وسط بؤرة اشتباكات عنيفة بين الجيش اليمني والمتمردين، لكن ذلك انعكس على توقف وصول المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية إلى اليمنيين.
ومؤخراً، اتهم رئيس هيئة موانئ البحر الأحمر -التي تشمل الحديدة- السعودية بمنع تسليم أربع روافع متحركة إلى ميناء الحديدة المعطل. ويعاني الميناء من خسائر مالية جسيمة نتيجة إغلاق المجال الجوي وحصار المياه الإقليمية اللذين يفرضهما التحالف الذي تقوده السعودية.
وقال رئيس هيئة موانئ البحر الأحمر، محمد أبو بكر إسحاق، لوكالة رويترز: «بعد أن يدمر أكثر من 60 % إلى 80 % من قدرات الميناء، والتي وصلت تكلفتها بالأرقام تكلفة مباشرة وغير مباشرة إلى ما يتجاوز 600 مليون دولار، تعكس حقيقة الصعوبات التي يواجهها ميناء الحديدة».