“مخطط الإمبراطورية الإماراتية”، هكذا وصف ديفيد هيرست مدير تحرير موقع ميدل إيست آي البريطاني، ما وصفه “اتساع النفوذ الإماراتي في المنطقة، الذي وصل للتلاعب بمصائر دولها، مفسراً في الوقت ذاته سبب العداء الشديد من قبل الرياض وأبو ظبي للإخوان المسلمين”، على حد مزاعمه التي يواصلها في الآونة الأخيرة.
في مقاله بموقع ميدل إيست آي البريطاني، يشرح هيرست ظروف التغير التاريخي في المنطقة والعالم، جراء تراجع الدول الغربية الغريب، الذي جعلها تتلقى معاملة سيئة من الدول الخليجية، التي كانت تستعمرها سابقاً.
ويقول هيرست الذي كان كبير الكتاب في الشؤون الخارجية بصحيفة الغارديان البريطانية سابقاً: “ستدرس الأجيال المستقبلية تلك الفترة التي نعيش فيها بفضولٍ كبيرٍ، إن لم يكن بهوس”، وسيتأملون الانسحاب الأميركي من الشرق الأوسط، وتراجع بريطانيا.
ويلفت هيرست لما وصفه “الدور الغريب” لسفير الإمارات بأميركا يوسف العتيبة، يرى العتيبة نفسه بصفته سفيراً لدولة الإمارات لدى الولايات المتحدة، أحد لاعبي السلطة في البلد المضيف.
فبإمكانه نشر إطراءاتٍ تخلو من النقد لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في صحيفتي نيويورك تايمز وواشنطن بوست.
وبإمكانه أن يَشْغَل أجزاءً من جدول ترامب الرئاسي، وبإمكانه ترتيب لقاءاتٍ سرية مع الرئيس، وبإمكانه تشويه سمعة ابن عم محمد بن سلمان الذي كان ينافسه، الأمير محمد بن نايف، على حد قول “هيرست”، الذي يرى جزء من الإماراتيين أنه يحمل موقفا متحاملا من دولة الإمارات، في حين يراه قطاع واسع النطاق من الإماراتيين بأنه يقدم وجهة نظر موازية وخارج سيطرة الرقابة، على حد تعبير ناشطين.
هل تصبح وريثاً للولايات المتحدة؟
ويرى العتيبة أنَّ أبعاد وظيفته أكبر بكثير من مجرد تمثيل دولةٍ خليجيةٍ صغيرة كالإمارات، حسب وصف هيرست.
وأحد أسباب ذلك هو أنَّه استخدم معظم طاقته للترويج لأميرٍ من بلدٍ آخر، وهو محمد بن سلمان، الملك السعودي المستقبلي، بينما كانت السفارة السعودية غائبةً تماماً تقريباً، وغير مشاركة في الأمر.
وسببٌ آخر هو أنَّ لديه طموحاً كبيراً، ويتمثَّل هذا الطموح في بناء سرديةٍ معقولة تتولَّى فيها دولته الصغيرة، عن طريق المال والوكلاء، دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، في الوقت الذي تنسحب فيه أميركا من المنطقة لمواجهة الصين في المحيط الهادي.
مخطط الإمبراطورية
إنَّ الكلمات التي يستخدمها العتيبة في رسائل بريده الإلكتروني للتغطية على إمبراطوريةٍ إماراتية بحرية مستقبلية، تتكون من الموانئ التي تمتد من الخليج العربي إلى البحر الأحمر وقناة السويس، زائفةٌ تماماً.
حيث يتحدث العتيبة عن شرق أوسطٍ تسيطر عليه حكوماتٌ علمانية؛ إذ قال لتشارلي روز، المذيع بمحطة PBS الأميركية: “ما نرغب أن نراه هي حكوماتٌ قوية أكثر علمانية، واستقراراً، وازدهاراً، وتمكيناً”.
ويؤكد “هيرست”، في الواقع، “تستخدم ملكيات الخليج المطلقة الإسلام والأئمة لدعم الديكتاتورية، حتى أكثر مما يفعل مناصرو الإسلام السياسي”، على حد وصفه.
وقد اختار بن سلمان ليلةً مهمةً جداً في التقويم الإسلامي لتلقِّي البيعة كوليٍّ جديدٍ للعهد، وبالطبع جرى ذلك في مكة. وكانت تلك الليلة هي ليلة السابع والعشرين من رمضان، التي يرجح أنها ليلة القدر، حين تصبح قيمة الصلوات أكبر ألف مرة.
ويُصوَّر الدعاة المُنافسون بالإرهابيين، بالتأكيد ليس لأنَّ تفسيرهم للإسلام أكثر تطرُّفاً، ولكن ما يخشاه السعوديون هو اعتدالهم.
السعي وراء الشرعية
يتساءل هيرست :لِكم من الوقت ستقبل واشنطن حجة أنَّ الإماراتيين والسعوديين يقاتلون الإرهاب؟
في 2004، قال جورج تينت، المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، للجنة الحادي عشر من سبتمبر، عن السبب الذي اضطروا فيه ذات مرة لإلغاء ضربةٍ جوية مشتبهة ضد أسامة بن لادن: “كنتم لتقضوا على نصف العائلة المالكة في الإمارات في تلك العملية”، على حد اتهامه الذي يعوزه الدليل.
وفي اليمن، تواصل الإمارات استخدام وكلاء تنظيم القاعدة لتقويض حزب الإصلاح في معقل الثوار المُحاصَر في تعز.
وقد سلَّط تقريرٌ سري للأمم المتحدة، أعدَّته لجنة خبراء تُقدِّم تقاريرها إلى مجلس الأمن، الضوءَ على ظهور القائد السلفي المعادي للحوثيين الشيخ أبو العباس في تعز.
وجاء في التقرير: “يتلقَّى أبو العباس دعماً مالياً وعينياً مباشراً من الإمارات. وتتمثَّل استراتيجيته في تعز في الاشتباك مع الحوثيين باعتبارهم هدفه الأساسي، في حين يُقيِّد نفوذ حزب الإصلاح السياسي والعسكري. ويعني اشتباكه المباشر مع الحوثيين أنَّه سمح بانتشار عناصر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب داخل المدينة لمضاعفة القوة”.