|بقلم:محمد صادق الحسيني|
هذا العنوان ليس من عندي، وليس حلم 12 مليون فلسطيني في فلسطين والشتات…
أيضاً ليس تحققاً لنبوءة محمود درويش، حين وصف قبل أكثر من 20 سنة أنّ «الإسرائيليين» «عابرون في كلام عابر».
إنّه عنوان مقال لكاتب «إسرائيلي» يدرك الحقيقة، ويعبّر عنها بوضوح في صحيفة «هآرتس». وهو ليس الوحيد الذي دقّ جرس الإنذار في الكيان «الإسرائيلي»، لينبّه «غلاة الصهاينة» ومتطرّفيهم، إلى أن لا مستقبل لهم في هذه البلاد التي اسمها فلسطين، وستبقى فلسطين.
يقول الكاتب آري شبيط في مقاله:
«يمكن أن يكون كلّ شيء ضائعاً، ويمكن أننا اجتزنا نقطة اللا عودة، ويمكن أنه لم يعُد من الممكن إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وتحقيق السلام، ويمكن أنه لم يعُد بالإمكان إعادة إصلاح الصهيونية وإنقاذ الديمقراطية وتقسيم البلاد.
إذا كان الوضع كذلك، فإنّه لا طعم للعيش في البلاد، وليس هناك طعم للكتابة في هآرتس، ولا طعم لقراءة هآرتس. يجب فعل ما اقترحه روغل ألفر قبل عامين، وهو مغادرة البلاد. إذا كانت «الإسرائيلية» واليهودية ليستا عاملين حيويين في الهوية، وإذا كان هناك جواز سفر أجنبي، ليس فقط بالمعنى التقني، بل بالمعنى النفسي أيضاً، فقد انتهى الأمر. يجب توديع الأصدقاء والانتقال إلى سان فرانسيسكو أو برلين.
من هناك، من بلاد القومية المتطرفة الألمانية الجديدة، أو بلاد القومية المتطرفة الأميركية الجديدة، يجب النظر بهدوء ومشاهدة دولة «إسرائيل» وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة. يجب أن نخطو ثلاث خطوات إلى الوراء، لنشاهد الدولة اليهودية الديمقراطية وهي تغرق. يمكن أن تكون المسألة لم توضع بعد.
ويمكن أننا لم نجتز نقطة اللا عودة بعد. ويمكن أنه ما زال يمكن إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وإعادة إصلاح الصهيونية وإنقاذ الديمقراطية وتقسيم البلاد».
يضع شبيط إصبعه على الجرح، بل في عين نتن ياهو وليبرمان والنازيين الجدد، ليوقظهم من هذيانهم الصهيوني، بقوله «إن باراك أوباما وهيلاري كلينتون ليسا هما اللذان سيُنهيان الاحتلال.
وليست الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي هما اللذان سيوقفان الاستيطان. القوة الوحيدة في العالم القادرة على إنقاذ «إسرائيل» من نفسها، هم «الإسرائيليون» أنفسهم، وذلك بابتداع لغة سياسية جديدة، تعترف بالواقع، وبأنّ الفلسطينيين متجذّرون في هذه الأرض. ويحثّ على البحث عن الطريق الثالث من أجل البقاء على قيد الحياة هنا، وعدم الموت».
«الإسرائيليون» منذ أن جاءوا إلى فلسطين، يدركون أنّهم حصيلة كذبة اخترعتها الحركة الصهيونية، استخدمت خلالها كلّ المكر في الشخصية اليهودية عبر التاريخ.
ومن خلال استغلال ما سُمّي المحرقة على يد هتلر «الهولوكوست» وتضخيمها، استطاعت الحركة أن تقنع العالم بأنّ فلسطين هي أرض الميعاد، وأنّ الهيكل المزعوم موجود تحت المسجد الأقصى، وهكذا تحوّل الذئب إلى حمَل يرضع من أموال دافعي الضرائب الأميركيين والأوروبيين، حتى بات وحشاً نووياً.
فقد أكد علماء آثار غربيّون ويهود، من أشهرهم «إسرائيل فلنتشتاين» من جامعة تل أبيب، أنّ الهيكل أيضاً كذبة وقصة خرافية ليس لها وجود، وأثبتت جميع الحفريات أنه اندثر تماماً منذ آلاف السنين، وورد ذلك صراحة في عدد كبير من المراجع اليهودية، وكثير من علماء الآثار الغربيين أكدوا ذلك.
وكان آخرهم عام 1968، عالمة الآثار البريطانية الدكتورة كاتلين كابينوس، حين كانت مديرة للحفائر في المدرسة البريطانية للآثار بالقدس، فقد قامت بأعمال حفريات بالقدس، وطردت من فلسطين بسبب فضحها للأساطير «الإسرائيلية»، حول وجود آثار لهيكل سليمان أسفل المسجد الأقصى.
حيث قرّرت عدم وجود أيّ آثار أبداً لهيكل سليمان، واكتشفت أنّ ما يسمّيه «الإسرائيليون» مبنى إسطبلات سليمان، ليس له علاقة بسليمان ولا إسطبلات أصلاً، بل هو نموذج معماري لقصر شائع البناء في مناطق عدة في فلسطين. وهذا رغم أنّ كاثلين كينيون جاءت من قبل جمعية صندوق استكشاف فلسطين، لغرض توضيح ما جاء في الروايات التوراتية، لأنها أظهرت نشاطاً كبيراً في بريطانيا في منتصف القرن 19 حول تاريخ «الشرق الأدنى».
لعنة الكذب هي التي تلاحق «الإسرائيليين»، ويوماً بعد يوم، تصفعهم على وجوههم بشكل سكين بيد مقدسي وخليلي ونابلسي، أو بحجر جمّاعيني أو سائق حافلة من يافا وحيفا وعكا.
يدرك «الإسرائيليون» أن لا مستقبل لهم في فلسطين، فهي ليست أرضاً بلا شعب، كما كذبوا. ها هو كاتب آخر يعترف، ليس بوجود الشعب الفلسطيني، بل وبتفوّقه على «الإسرائيليين»، هو جدعون ليفي الصهيوني اليساري، إذ يقول:
«يبدو أنّ الفلسطينيين طينتهم تختلف عن باقي البشر، فقد احتللنا أرضهم، وأطلقنا عليهم الغانيات وبنات الهوى، وقلنا ستمرّ بضع سنوات، وسينسون وطنهم وأرضهم، وإذا بجيلهم الشاب يفجّر انتفاضة الـ 87… أدخلناهم السجون وقلنا سنربّيهم في السجون.
وبعد سنوات، وبعد أن ظننا أنهم استوعبوا الدرس، إذا بهم يعودون إلينا بانتفاضة مسلحة عام 2000، أكلت الأخضر واليابس، فقلنا نهدم بيوتهم ونحاصرهم سنين طويلة، وإذا بهم يستخرجون من المستحيل صواريخ يضربوننا بها، رغم الحصار والدمار، فأخذنا نخطط لهم بالجدران والأسلاك الشائكة…
وإذا بهم يأتوننا من تحت الأرض وبالأنفاق، حتى أثخنوا فينا قتلاً في الحرب الماضية، حاربناهم بالعقول، فإذا بهم يستولون على القمر الصناعي عاموس ويدخلون الرعب إلى كلّ بيت في «إسرائيل»، عبر بث التهديد والوعيد، كما حدث حينما استطاع شبابهم الاستيلاء على القناة الثانية… خلاصة القول، يبدو أننا نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ، ولا حلّ معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال».
إذا كان هذا هو حالهم في أيلول/ سبتمبر من العام 2016، فها هو قائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال «الاسرائيلي»، الميجر جنرال أيال زامير يصرّح أمام مجموعة من الصحافيين بداية هذا الأسبوع بأنّ «إسرائيل بدأت ببناء جدار تحت الأرض يحيط بقطاع غزة بهدف إبطال مفعول الأنفاق التي شيدتها المقاومة الفلسطينية».
ويتابع قائلاً: «انّ عمق الجدار سيكون 130 قدماً، أيّ أنه سيصل إلى عمق 32 متراً داخل الأرض»، وأنّ بناءه سيكلف أربعة مليارات شيكل، أيّ أكثر من مليار دولار بقليل، وسيستغرق بناؤه حوالي سنتين، وأنّ الجيش «الإسرائيلي» سيبدأ الحرب المقبلة في غزه بتدمير بنايتين:
الأولى في بيت لاهيا والثانية في حي العطاطرة في شمال قطاع غزة، وذلك لأنهما تضمّان أنفاقاً قتالية… تبدأ الأنفاق من تحت هاتين البنايتين…».
نعم باستطاعة الجنرال زامير تدمير هاتين البنايتين، ولكنه لن يستطيع وقف عملية التدمير الذاتي الداخلي «الإسرائيلي»، إذ إنّ المرض السرطاني الذي يعاني منه الكيان قد بلغ مراحله النهائية ولا سبيل لعلاجه لا بالأسوار ولا بالقبب الحديدية ولا حتى بالقنابل النووية…
إننا نؤكد لك أيها الجنرال بأنها الأقدار مرة أخرى، وقدر «إسرائيلكم» أن تلفظ أنفاسها الأخيرة…!
بعدنا طيّبين، قولوا الله…
خليك معنا