إعتبرت مجلة”ناشونال إنترست” أن استمرار النزاع الخليجي – الخليجي ينذر بتداعيات جيوسياسية بعيدة الأمد، فضلاً عن كونه تهديداً للسياسة الخارجية لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأشارت المجلة إلى أن حالة الخوف الشديد التي اجتاحت القيادة القطرية جراء تصريحات الرئيس الأمريكي المنددة بسياسات الدوحة، والحملة الواسعة ضدها في وسائل الإعلام الأمريكية، دفعت قادة قطر إلى طلب الدعم العسكري والديبلوماسي من قبل دول إقليمية، مثل تركيا.
كما أن موقف إدارة ترامب مما تعتبره الدوحة”عدائية” من جانب الإمارات والسعودية، حث الإمارة على تدشين خطط من أجل تعزيز قدراتها العسكرية والأمنية، لأغراض الحفاظ على الأمن الداخلي للإمارة، مع ترجيح فرضية لجوئها إلى طلب دعم قوى دولية كبرى، مثل روسيا، في حال قررت الولايات المتحدة سحب قواتها من قاعدة العديد على الأراضي القطرية، وفق “ناشونال إنترست”.
ولفتت المجلة إلى الخدمات الجليلة التي قدمتها قطر للولايات المتحدة، سواء من خلال علاقاتها مع حركة “حماس”، و”طالبان”، أو عبر انفتاحها الديبلوماسي على إسرائيل، حيث لعبت السياسة القطرية دوراً في إبقاء قيادات حمساوية تحت العين الأمريكية بعيداً من إيران، من جهة، ودفع المساعي المندرجة ضمن إطار”عملية السلام” بين الفلسطينيين والإسرائيليين، من جهة أخرى، ناهيك عن الالتزامات المادية التي أخذتها الدوحة على عاتقها إزاء قطاع غزة.
“فالدعم القطري لغزة، ينظر إليه إسرائيلياً على أنه عنصر أساسي لمنع اندلاع (جولة) صراع جديدة بين حماس، وإسرائيل”. كذلك، اضطلعت الديبلوماسية القطرية، ونزولاً عند رغبة واشنطن، بدور مهم في المحادثات بين الولايات المتحدة وحكومة كابول، من جهة، وحركة “طالبان” من جهة أخرى، قبل انفراط عقد المحادثات في العام 2013، إضافة إلى نجاح جهودها في إتمام صفقة تبادل أسرى بين الحكومة الأمريكية، و”طالبان” في العام 2014، وفق “ناشونال إنترست”.
كما أوضحت “ناشونال إنترست” عدم قدرة قطر، الداعمة للتيارات “الإسلاموية”، كتنظيم”الإخوان المسلمين”، على التكيف مع العهد الأمريكي الجديد حتى الآن، لا سيما وأنه يحمل توجهات إقليمية مغايرة لتوجهات الرئيس السابق باراك أوباما، التي كانت تميل إلى تأييد “الإخوان المسلمين” في بعض الأقطار العربية بعد أحداث “الربيع العربي”، وهو ما علمت كل من الرياض وأبوظبي على الاستفادة منه.
وأكملت المجلة أن الأزمة الخليجية لم تفضي إلى إرباك “الأجندة الإقليمية” لواشنطن، على صعيد محاربة “داعش” واحتواء إيران، وحسب، بل نجم عنها إقحام الولايات المتحدة في نزاع بين حلفائها، مشيرة إلى أن طرفي النزاع هم أنفسهم المعنيون الأطراف بإيجاد الحلول للأزمة.
أما الإدارة الأمريكية، فيتعين عليها أن تركز جهودها على جمع أطراف الأزمة حول طاولة المفاوضات، وذلك من خلال إطار عمل سياسي، يحظى بإجماع تلك الأطراف، وبالاستناد إلى خارطة طريق تسمح للدول المتنازعة حفظ ماء وجهها، على غرار توقيع دول مجلس التعاون الخليجي، بصورة جماعية، على “بروتوكول تعاون في مجال مكافحة الإرهاب” مع الوكالات الأمريكية والأوروبية الأمنية المعنية، إلى جانب عقد تفاهمات ثنائية في هذا المجال مع تلك الدول، تكون شبيهة بالاتفاقية الموقعة بين واشنطن والدوحة مؤخراً، بما يساعد على توحيد معايير وبرامج مكافحة الإرهاب فيها بصورة أدق، بخاصة فيما يتعلق بتمويل المنظمات الإرهابية، ومكافحة الجرائم الإلكترونية، والدعاية السياسية.