الصباح اليمني_مساحة حرة
ترى دول التحالف وعلى رأسها السعودية بأن تنفيذ الاستحقاقات الإنسانية للشعب اليمني المتمثلة بصرف الرواتب وفك الحصار عن الموانئ والمطارات وخروج القوات الأجنبية وتعويض الضرر_التي هي المفتاح الرئيسي لعملية سلام حقيقية_سيمنح صنعاء نصراً كبيراً ويحقق لها التفافاً شعبياً من كل المناطق اليمنية، وهذا مالاتريده.
وفي المقابل فإن التردد في تنفيذ الاستحقاقات سيجعل صنعاء أمام خيار العودة إلى الحسم العسكري الذي سيكون موجعاً هذه المرة، خصوصاً مع التقدم المضطرد في الصناعات العسكرية واستراحة المحارب لقوات صنعاء خلال الفترة الماضية التي منحتها وقت كافي لترتيب الصفوف وتحديد قواعد الاشتباك، وبتوصيف رسمي فقد علّق نائب رئيس الوزراء لشئون الدفاع والأمن بقوله إن لدى قوات صنعاء القدرة على إغلاق الموانئ السعودية وإيقاف الخطط الإقتصادية للسعودية إن لم تحسم موقفها بشأن الملف الإنساني.
إن تنفيذ المطالب المشروعة للشعب اليمني أهون على السعودية من أن تتحول كل المناطق الحيوية في أراضيها إلى أماكن محروقة وإحداث شلل في عصب الاقتصاد السعودي، وستتحول كل مؤسسات الدولة السعودية إلى دفاع مدني لإخماد الحرائق.
تحجج النظام السعودي بالضغوطات الأمريكية والغربية لايمكن أن يكون على حساب الآلام التي يتجرعها المواطن اليمني نتيجة استمرار الحصار، ولايمكن أن يكون على حساب استمرار انتهاك السيادة اليمنية، والمفترض أن تكون الفترة الماضية كافية لأن تعمل السعودية على قطع حبال الحجج والتقدم بنية صادقة نحو عملية السلام، لكن الملاحظ على الواقع بأنها لازالت مترددة بحيث تخطو خطوة واحدة نحو السلام وخطوتين نحو تعقيده.
مماطلة السعودية في تحقيق السلام يأتي لغرض زيادة السخط الشعبي في مناطق سيطرة قوات صنعاء خلال هذه الفترة وإذكائه بحملات إعلامية منظمة، ومن جانبٍ آخر لتحريك أوراق أخرى من شأنها الضغط على صنعاء لتقبل بسلام هش، فخلال الأيام الماضية أوعزت للحركات الانفصالية في المحافظات الجنوبية التحرك بشكل مكثف فهي تعول عليهم حماية نفوذها مستقبلاً بعد أن فقدته في الشمال، وهذه الخطوة من شأنها أيضاً ضرب سمعة صنعاء لدى الأوساط الشعبية حيث تعمل بنشر شائعات بأن صنعاء تخلت عن الوحدة لسماحها للانفصاليين بالتحرك بكل أريحية في المحافظات الجنوبية دون أي رد، وفي نفس الوقت هي تستخدم فصائلها لإحداث حركات استفزازية لتوريط صنعاء بالتقدم نحو المحافظات الجنوبية لاستنزافها.
كما يأتي الغرض من زراعة دول التحالف لفصائل مناهضة لصنعاء، لتنفيذ أجنداتها في حال قررت الخروج من اليمن تحت ضغوط صنعاء، فخلال السنوات الماضية عملت بكل جهد لخلق انقسام مجتمعي وتعزيز حالة التنافر مع صنعاء بكل الوسائل، كما أنها دعمت هذه الفصائل عسكرياً بغرض أن تشكل مصدر قلق وضغط على صنعاء واستخدامها متى شاءت.
في الحقيقة إن السعودية ذهبت لخيار المماطلة بعد أن فشلت في تنفيذ مخططها من أول لقاء مع صنعاء، إذ أنها كانت أرادت أن تجعل من نفسها وسيطاً بين صنعاء وفصائلها لإخراج نفسها أولاً ومن ثم الدفع بفصائلها لاستفزاز صنعاء والدخول بحروب أهلية لانهاية لها، إلا أن مخططها فشل فصنعاء متمسكة بأن السعودية الطرف الرئيسي في الحرب ولاحوار إلا معها، وهذا مادفع السعودية للمماطلة ومحاولة استخدام أوراق أخرى، وفي الأخير فالسعودية هي أمام خيارين لاثالث لهما إما السلام مع صنعاء أو أن تتحول كل أجهزة دولتها إلى دفاع مدني لإخماد الحرائق
خليك معنا