الجبير يصافح ظريف عن سابق تصوّر وتصميم؟

|بقلم:روزانا رمّال|


يعرف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير سلفاً، المناسبة التي طار على اساسها الى اسطنبول. وهي مناسبة اسلامية جامعة ويعرف ايضاً أن ايران من بين الدول الرئيسية الحاضرة فيها. وهي تضم دول منظمة التعاون الإسلامي المنعقدة في اسطنبول بتركيا.

ومع ذلك لم يتفادَ اللقاء بالوفد الديبلوماسي الايراني برئاسة الوزير محمد جواد ظريف بل لم يتوانَ عن الكشف عن روحية جديدة من التعاون مع إيران أمام أعين الكاميرات والنقاد والمتحمسين لرسم خطط ومؤشرات من أي لقطة أو نظرة تجمع ما بين الخصمين اللدودين ممثلي المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية على مدى سنوات أزمات الربيع العربي المزعوم.
لقاء مصافحة استثنائي جمع الوزيرين الجبير – ظريف بما لم يكن بالحسبان أو التوقع بأحسن الأحوال عند مَن عاينوا التصريحات الحادة بين الطرفين على مدار سنوات، ومَن يدركون أن ازمة الخليح اليوم حسب الاتهام السعودي يعود لدور ايران الاساسي في استعارها أما وبحسب معاينة الحاضرين في قاعة الاستقبال وما نقلته وسائل إعلام التقطت صورة تظهر المصافحة بين الجبير – ظريف، فإن الجبير هو مَن بادر بالتوجه إلى ظريف ومد يده لالقاء السلام عليه. وبعد السلام اقترب أكثر واحتضنه واستمر اللقاء نحو دقيقة واستفسار عن الحال والأحوال. اما مراسل وكالة الانباء الإيرانية فيقول حسب ما نقلت وكالته عبر مصادر إيرانية أن لقاء الوزيرين اقتصر على تبادل التحية والمصافحة والسؤال عن الأحوال الشخصية، ولم يتطرّق الوزيران إلى أي من المواضيع السياسية.

هذا الحدث الذي لا يمكن اعتباره عرضياً ولا حتى بروتوكوليا، رغم متابعة الجبير لتكرار مواقفه بوجه إيران ودورها في المنطقة لم يكن ليحصل في ظروف غير هذه الظروف التي يبدو ان الرياض قررت فيها رسم سياسية مغايرة ونقل صورة أكثر اعتدالاً الى المشهد الذي أحاط بها بين اتهامات واتهامات متبادلة حول رعايتها الإرهاب، وبين ما كان قد تحدث عنه الرئيس الأميركي باراك اوباما في تصريحه لمجلة اتلانتيك حول تجنيد السعودية لمشايخ في اندونيسيا وغيرها ودعم الإرهاب وداعش يُضاف اليها قانون جاستا الآتي من رحم عملية 11 ايلول/سبتمبر التي يقترب موعد استحقاقها على ما ينتظره أهالي الضحايا. وهو القانون الذي يجيز محاسبة او مقاضاة الدول المعنية او المتورطة بأدوار حسب التحقيقات بالعملية. وهو الأمر الذي يعود لرغبة أهالي الأميركيين المتوفين في الحادثة المفصلية تلك.

المحاولة السعودية هذه بدت موفّقة اليوم وهي التي تعرف تماماً أن إيران تنتظر هذه اللحظة وتفتح يديها اليها تماماً، كما فتحهما ظريف ونجح الطرفان في جس النبض أمام أعين الكاميرات كلها، فطهران لطالما اعلنت عن رغبتها بالحوار مع السعودية من أجل حل أزمات المنطقة.

وهو الأمر الذي تحدّث فيه محمد جواد ظريف شخصياً في مؤتمر دافوس الماضي حيث وجّه للسعودية دعوة للالتقاء من أجل حل الخلافات تماماً، كالحوار الذي تم بين السعوديين وإيران في ما يتعلق بالازمة الرئاسية اللبنانية حينها. وقد تم تفسير ذلك باتجاهات وتفسيرات عدة، وان الوزير الايراني لم يكن يقصد حينها الحوار المباشر، بل غير المباشر الذي جرى بين حلفاء الطرفان المحليين «تيار المستقبل وحزب الله».

وبأي حال تدرك الرياض الحاجة اكثر اليوم الى هذا الحوار، خصوصاً في ما يتعلق بالأزمة اليمنية التي كانت بعض المصادر الإيرانية تراهن على نهايتها على الطريقة اللبنانية نفسها او بتسهيلات عبر وسطاء تساعد المملكة من التخلص من المأزق الذي طال أكثر مما يلزم فكيف بالحال وأن الأزمة الخليجية اليوم بين السعوديين والقطريين أخذت تعبّر عن فشل جدي بالخطط الماضية التي كانت قد رسمتها المملكة وقطر معاً كوحدة مصير وحال بما يتعلّق بالمتغيّرات المفترض أن تنتج عن الربيع العربي خصوصاً في سورية.

تلفت الإشارة هنا الى ان استثنائية اللقاء آتية من خلفية تصادمية سابقة لطالما حلت في أكثر من محفل دولي بين الأطراف نفسها. فلم يصدر اي اشارة عنهما طيلة الأزمة او اي محاولة، للمصافحة مسبقاً ما يؤكد على قدرة على ضبط النفس وعدم الذهاب مع الشكليات لآخر الطريق ويأتي مؤتمر ميونيخ للأمن الذي عقد في شباط الماضي ليؤكد على هذه الحدّة، وعلى مفترق الطرق التي وصلت اليه العلاقات السعودية الإيرانية بروحيتها ومضمونها، بعدما شهد المؤتمر في ذلك الوقت هجوماً حادًا من قبل وزير الدفاع «الإٍسرائيلي» أفيغدور ليبرمان ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير ضد إيران، حيث اجتمعا في قاعة واحدة ضمن اجتماعات مؤتمر الأمن المنعقد في ألمانيا في وقت كان الوفد الإيراني المشارك في مؤتمر ميونيخ الأمني قد عزف عن المشاركة في حلقة نقاش يحضرها «الإسرائيليون». وكانت هذه محطة انتُقدت عليها المملكة بشكل ملحوظ لعدم انسحابها من قاعة فيها مسؤولين «إسرائيليين» رسميين بهذا الحجم بغض النظر عن إيران والموقف منها.
المؤكد اليوم أن السعودية باتت تجنح نحو مساعي مظهر الاعتدال والتقارب، ولو على حساب بعض الاشارات اللافتة ليس آخرها استقبالها لشخصية عراقية شعبية شيعية وازنة السيد مقتدى الصدر في المملكة، فيما يوحي أيضاً بما من شأنه نسف الحساب الطائفي من المنطق السعودي، بعد حديث ولي العهد بوقت سابق بشكل مريب عما يؤمن به الشيعة من ظهور للإمام المهدي التي وصفها بأفكار تعيق التقارب من إيران أو الشيعة.

خليك معنا
قد يعجبك ايضا