|بقلم:علي إبراهيم مطر*|
80 يوماً لم تكتفِ خلالها السلطات السعودية بالانتقام من أهالي العوامية. 80 يوماً من القتل، الترعيب، الخطف، الاعتقالات وتدمير المنازل والمساجد. استخدم النظام السعودي أنواع الأسلحة كلّها. لم يألُ جهداً في القتل، لم يشف غليله بأهل اليمن، لم يشبع من إراقة الدم السوري والعراقي، فلم يترك أهالي العوامية يسلمون من شرّه.
80 يوماً، ويمارس النظام كلّ ما يبدو له من انتهاكات. لم يوفّر صغيراً ولا كبيراً، لم تسلم منه مآذن المساجد ودور العبادة، ولا المستشفيات، وشبكات المياه والكهرباء، وكأنه يتقصّد من حصاره للمنطقة تجو يع أهلها، وإهلاكهم إهلاكاً كلياً. لم يسلم منه أحد حتى النساء والأطفال الذين يشكلون أكثر الضحايا في هذا العدوان.
سياسة جديدة، يحاول النظام السعودي ممارستها تتمثل بتهجير سكان العوامية بشكل قسري، وبإيهامهم بفتح الطريق لهم ليتخلّصوا من الحصار، وذلك في سياسة مموّهة يُراد منها تغطية فشلها في إخضاع أهالي المنطقة وكسر صمودهم عبر تهجيرهم بشكل غير قانوني، وذلك عبر الترويج لنجاح مزعوم للقوات الأمنية في محافظة القطيف في تأمين خروج المدنيين الراغبين بمغادرة العوامية.
هذه السياسات التي تقوم بها السعودية، تنتهك من خلالها القانون الدولي، فالتهجير القسري هو «ممارسة تنفذها حكومات أو قوى شبه عسكرية أو مجموعات متعصّبة تجاه مجموعات عرقية أو دينية أو مذهبية بهدف إخلاء أراضٍ معينة وإحلال مجاميع سكانية أخرى بدلاً عنها. ويندرج ضمن جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضدّ الإنسانية، وفق قاموس القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
لقد عرّف القانون الدولي الإنساني التهجير القسري بأنه «الإخلاء القسري وغير القانوني لمجموعة من الأفراد والسكان من الأرض التي يقيمون عليها».
وهو ممارسة مرتبطة بالتطهير وإجراء تقوم به الحكومات أو المجموعات المتعصّبة تجاه مجموعة عرقية أو دينية معينة، وأحياناً ضدّ مجموعات عديدة بهدف إخلاء أراضٍ معينة لنخبة بديلة أو فئة معينة. وتعتبر المواد 6 ، 7 ، 8 من نظام روما الأساسي، التهجير القسري جريمة حرب.
وبحسب «اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها» الصادرة عن الأمم المتحدة، تعني الإبادة الجماعية أياً من الأفعال التالية، المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، بصفتها هذه:
أ ـ قتل أعضاء من الجماعة.
ب ـ إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة.
ج ـ إخضاع الجماعة، عمداً، لظروف معيشية يُراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً.
د ـ فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.
هـ ـ نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى.
وتنص المادة الثانية على أنه يُعاقَب على الإبادة الجماعية، التآمر على ارتكاب الإبادة الجماعية، التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية، محاولة ارتكاب الإبادة الجماعية، الاشتراك في الإبادة الجماعية.
ويعاقب مرتكبو الإبادة الجماعية أو أيّ من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة، سواء كانوا حكاماً دستوريين أو موظفين عامين أو أفراداً.
والمهمّ جداً في هذه الاتفاقية أنها تعرض على محكمة العدل الدولية، بناءً على طلب أيّ من الأطراف المتنازعة، النزاعات التي تنشأ بين الأطراف المتعاقدة بشأن تفسير أو تطبيق أو تنفيذ هذه الاتفاقية، بما في ذلك النزاعات المتصلة بمسؤولية دولة ما عن إبادة جماعية أو عن أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة، وهذا ما يمكّن من محاسبة الدولة على أفعالها.
وما تقوم به السعودية، ينطبق من خلال سياسات التهجير، على جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية التي يؤكد عليها نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية، والتي ترتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه، إهلاكاً كلياً أو جزئياً، أو التي ترتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضدّ أية مجموعة من السكان المدنيين، وتشمل فضلاً عن قتل أفراد الجماعة، والإبادة، تهجير السكان والنقل القسري لهم.
لقد حوّل النظام السعودي العوامية إلى منطقة قتل وتدمير، وقد تحوّل المشهد في البلدة الى دمار وخراب في كلّ مكان، ولم تعر السلطات السعودية أيّ أهمية للقانون الدولي الذي يجرّم أفعالها كلّها. وللأسف فإنّ الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على رأسه الولايات المتحدة التي تدّعي حماية حقوق الإنسان والديمقراطية لم يرفّ له جفن، ولم يعلُ له صوت لإيقاف هذا الإرهاب السعودي.
-
باحث لبناني