| بقلم:مهند فائز نصرة|
السعودية اليوم وكعادتها في فرض الإملاءات والحلول تفرض على قطر شروطاً تعجيزية في حال قبل بها الأمير القطري سيعتبر ذلك انقلاباً على السياسة والنهج الإخواني من جهة وضرباً لكلّ التحالفات مع الدول والمجموعات المموّلة قطرياً والذي لم تعترض عليه السعودية من بداية الأزمة السورية من جهة أخرى، ولكن السؤال المحوري هل فعلاً السعودية تريد حلاً؟ أم أنها رفعت سقف الشروط لضرب النظام القطري واستمرار مقاطعته ورفع الحرج الدولي عما تفعله السعودية بقطر…؟
ثلاثة أسباب، كان واضحاً أنها خلف الفشل الذريع لمُهمّة ريكس تيلرسون، وزير الخارجية الأميركي الموكل إليه حلّ الأزمة الخليجية مع قطر، أو بالأحرى الموكل إليه ترسيخ فكرة أنّ السعودية ترغب بالحلّ، كما ادّعت على الإعلام وترسيخ الخلاف الخليجي الخليجي الذي تصطاد فيه أميركا المليارات. أربعة أيام قضاها الوزير الأميركي، زار خلالها كلاً من الكُويت والدوحة والرياض، والتقى أربعة من وزراء خارجية الدول المقاطعة. وفي كلّ زيارة كان يلقي لغماً أو تصريحاً يثير الانتباه والرعب في نفوس المترقبين من القادة العرب. وهنا يمكن أن نمرّ على هذه الأسباب كما يلي:
السبب الأول، كان تصميم الدول الأربع المقاطعة على إفشال الوساطات والحلول التي لا تُحقّق مطالبها بالرضوخ الكامل وغير المشروط لقطر، وتنفيذها جميع الشروط الـ13 بالكامل من دون التنازل عن أي شرط.
والسبب الثاني، على ما يبدو كان اتهام الدول الأربع تيلرسون بالانحياز الواضح إلى دولة قطر وانتقاده بشكل لاذع بعد تصريحه بأنه معارض للحِصار الذي فرض عليها، والذي يضرّ بالعمليات العسكرية الأميركية ضدّ «الدولة الإسلامية»، بحسب ما أكد وزير الخارجية الأميركي.
والسبب الثالث، كان توقيع مُذكّرة التفاهم الأميركية القطرية لمُكافحة تمويل الإرهاب والتي حملها تيلرسون معه أثناء زيارته للدوحة وقابلها خُصوم قطر بالرفض ووصفوها بغير الكافية، ولم يكن مديح تيلرسون لقطر بحجة استجابتها لوقف دعم الإرهاب سوى المزيد من المِلح على جُرح المقاطعة الرباعية.
قد لا يلاحظ البعض وجه الشبه العميق بين الأزمتين التي قادتهما السعودية ضدّ كلّ من إيران وقطر، ولكن بقليل من التمعّن نلاحظ تشابهاً بشقين الأول أساسي والثاني فرعي..
فعلى سبيل المثال وفي سياق التشابه الفرعي للأزمتين نلاحظ أنّ السعودية اتهمت إيران وقطر بالتهمة نفسها. وهي تعريض أمنها القومي للخطر من خلال ما سمّتهم دعم الإرهابيين المقصود طبعاً بهم هم المعارضون مع فارق واحد أنّ «الإرهابيين» في إيران هم من الشيعة أما في قطر فهم من السنة والإخوان المسلمين. وطبعاً هذه الدعاية ليست سوى لضرب المعارضين والتمهيد لقمع أي تحرك في الداخل. فكل من يعترض على آل سعود اليوم هو إما صفوي إيراني شيعي أو سني أخواني قطري …
وفي جانب فرعي آخر للوحة التشابه بين الأزمتين القطرية والإيرانية مع السعودية نلاحظ أنّ السعودية لم تقبل بعودة العلاقات الدبلوماسية مع كلّ من إيران وقطر إلا بعد الرضوخ لشروطها المستحيلة التحقيق، وبالتالي نستطيع القول إنّ السعودية لم تكن تريد حلاً، كما تدّعي إنما تريد رفعاً للحرج الدولي..
ولربما كان الإصرار والإلحاح السعودي والحرب الإعلامية الشرسة هو وجه التشابه الأساسي بين الأزمتين اللتين افتعلتهما السعودية مع قطر وإيران. والجميع يعلم أنّ السعودية هي مَن قطعت علاقاتها مع إيران بعد الهجوم على السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد، والذي وقع بعد إقدام السعودية على إعدام الشيخ نمر باقر النمر لتستفيد بذلك السعودية من الحجة وتعلن القطيعة مع إيران…
وبالعودة إلى الوراء والتدقيق في شرارة اندلاع الأزمة بين قطر والسعودية، نلاحظ أنها انطلقت أثناء زيارة ترامب للسعودية وبالتحديد أثناء اجتماعه بقادة الخليج، حيث انطلقت روايتين إعلاميتين. الأولى سعودية تقول إنّ ترامب اتهم قطر بتمويل الإرهاب، والثانية قطرية تقول إن ترامب أتهم قطر والسعودية بتمويل الإرهاب.
وطبعاً الرواية القطرية أقرب إلى الحقيقة التي كان قد كرّرها ترامب مراراً خلال حملته الانتخابية واتهم فيها السعودية وقطر بتمويل الإرهاب، فالجميع يعلم أنّ السعودية تدعم الإرهاب مالياً وعسكرياً في سورية وتدعمه معنوياً وإعلامياً في مصر وأفغانستان، والفكر الإرهابي العالمي بات واضحاً ومعلوماً أنه يشرب من نبع الفكر الوهابي السعودي…
هنا نستطيع القول إنّ النظام السعودي يحاول تشتيت الانتباه وتركيز الاتهام على قطر وإخراج نفسه من دائرة الاتهام الدولي كداعم أساسي للإرهاب عبر رفع سقف المطالب واستمرار المقاطعة والاتهام لقطر بحجة عدم الرضوخ للشروط السعودية المستحيلة التحقيق… خليك معنا