كثيرة هي الكوارث التي تحيط بالملف اليمني سياسيا وعسكريا وقانونيا وانسانيا ومن بين تلك الكوارث كارثة الدور الاممي الذي يجسده مبعوث الامين العام للامم المتحدة الى اليمن اسماعيل ولد الشيخ.
هناك معايير لاداء الوسيط وهناك معايير لاداء الدور الاممي وكل هذه المعايير منتهكة بسفور بالغ من قبل ولد الشيخ، ومع انه لا زال يحمل صفته كمبعوث اممي الا انه واقعا تدرج من مبعوث للرباعية ووصولا الى مبعوث للسعودية التي تترأس تحلفا عدوانيا يحارب اليمن ويرتكب افضع المجازر بحق المدنيين ويتعمد اسوء صور العقاب الجماعي بحق شعب بأكمله ويعيق توصل اليمنيين الى حل لازمتهم قبل تحقيقه لاجندته الخاصة في اليمن والبعيدة كل البعد عن ما يعلنه من انه يعمل على اعادة “الشرعية” الى اليمن.
يفتقد ولد الشيخ اولا الى المهارات الديبلوماسية والسياسية ولقوة الشخصية التي كان يتحلى بها سلفه جمال بن عمر، وهذا الامر تسبب في تحول ولد الشيخ الى مستخدم وليس وسيط، وعادة ما يتدخل لحمل ما يطلب منه من اولا من الرباعية ” الولايات المتحدة، وبريطانيا، السعودية، الامارات”، وشواهد ذلك كثيرة منذ مشاورات الكويت وحتى فتح الحديث عن ميناء الحديدة التي تحول فيها الى مبعوث للسعودية يمارس الدور المطلوب منه وليس المفترض به كوسيط اممي.
عجز التحالف السعودي عن تحقيق اي تقدم ذواهمية في اي من الجبهات التي يحارب فيها منذ اكثر من عامين، وبعد ما تحقق له في محافظات الجنوب كترتيب على “ملف القضية الجنوبية” المفتوح وليس نصرا عسكريا بدرجة اولى فشل التحالف السعودي في ان يتقدم ويستقر في اي جبهة اخرى على الاطلاق، وهذا الامر فرض على التحالف السعودي ان يفكر في خطوة يتوقع ان يترتب عليها تحقيقه لتقدم عسكري في عدوانه على اليمن اذا ما تمت.
ميناء الحديدة الذي يعتمد عليه اليمنيون المدنيون لاستمرار معائشهم ومتطلبات حياتهم بدرجة رئيسية وعلى محدودية كفايتها هوالهدف الذي بات التحالف السعودي ينضر اليه كمنقذ له من ورطته في اليمن، ومهاجمة ميناء ومدينة الحديدة ليست فكرة عسكرية صرفة فالتحالف السعودي لديه العديد من الجبهات المفتوحه عجز فيها جميعا وجبهة الحديدة ليست باستثناء من الناحية القتالية وسيلقى فيها ما سيلقاه في غيرها، لكن مهاجمة ميناء ومدينة الحديدة هي خطوة يراد منها التاثير على الجانب الانساني بشكل مدمر لحياة المدنيين يترتب عليها حالة اضطراب في الداخل يضعف الجبهات وييسر له تحقيق تقدم كنتيجة لخنق ومعاناة المدنيين وليس كنتيجة لتفوق قتالي .
مهاجمة ميناء ومدينة الحديدة هي واحدة من خطوات تهدف الى استخدام المدنيين في الحرب العدوانية على اليمن، وهي اخر خطوة في سلسلة من عمليات العقاب الجماعي التي يفرضها التحالف السعودي على اليمنيين في ضل تغطية ولد الشيخ وفي ضل صمت دولي واممي مخز، فمن اغلاق مطار صنعاء الدولي الى نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء الى عدن الى مهاجمة ميناء ومدينة المخاء ووصولا الى اخطر خطوات العقاب الجماعي الممارس ضد المدنيين اليمنيين وهي اعتزام مهاجمة ميناء ومدينة الحديدة الذي يمثل نشاطه ما يصل الى 85% من الاحتياجات الاساسية لحياة المدنيين اليمنيين.
موانع كثيرة تواجه التحالف السعودي في ما يعتزمه اولها التبعات الانسانية الكارثية التي ستنقل الوضع الانساني في اليمن الى تهديد مباشر للامن والسلم الدوليين، وثانيها انتهاك قوانين الحرب التي تحضر مهاجمة المطارات والمواني المدنية خصوصا وان الميناء يخضع لرقابة مشددة من قبل التحالف السعودي لا تقل عن الحصار الا قليلا وما من سفينة تدخل اوتخرج من الميناء الا بنضره، وثالثها ايضا انتهاك القوانين الدولية بتحويله مدينة أهلة بالسكان الى جبهة قتال على روؤس مدنييها، رابعها مجاوزة القرار الاممي الداعي لحل سياسي في اليمن وهوامر يجعل مهاجمة ميناء الحديدة امرا متعلقا بحالة التنافس العالمي وحق الحضور الاممي للدول العظمى، وليس اخرها ما سيترتب على فتح هذه الجبهة من تعريض امن الملاحة في المياة اليمنية والمياة الدولية المحاذية لسواحل الحديدة وفي مضيق باب المندب الحيوي للانشطة الملاحية للعالم بأسره .
وكل هذه الموانع تجعل الاقدام على هذه المعركة غاية في الصعوبة بالنسبة للتحالف السعودي لكن لكونه يراها طوق نجاة بالنسبة له بعد اخفاق اكثر من عامين فهويعمل حثيثا لفتح الطريق امام هذه المعركة ويأتي دور ولد الشيخ احد وسائل التحالف السعودي لفتح الطريق امامها .
بالنظر الى كل تلك الموانع والتبعات الانسانية الفاقرة التي ستترتب على مهاجمة ميناء الحديدة ليس امام ولد الشيخ بصفته مبعوثا امميا الا موقف واحد هوان يعارض قطعيا مهاجمة هذا الميناء الذي يمثل شريان الحياة للمدنيين اليمنيين وان يدين اعتزام مثل هكذا خطوة بقوة بل وان يرفع الامر الى مجلس الامن ويطالب بموقف ملزم للتحالف السعودي بعدم مهاجمة الميناء وارتكاب جريمة انسانية غير مسبوقة في اليمن.
لكن ما يمارسه هوامر اخر لا يمت لمهمته ولا لصفته ولا للدور المفترض به باي صله فتماهيه منذ البداية مع اعتزام مهاجمة ميناء الحديدة وترويجه لمنطق العدوان بان الميناء يستخدم لتهريب الصواريخ من ايران هوعمل مدان بكل المقاييس لسببين الاول انه يعرف حق المعرفة ان التحالف السعودي يحيط بالميناء كاحاطة الطوق بالمعصم والقطع البحرية للتحالف السعودي وللولايات المتحدة وكذا الاقمار الصناعية تمارسان رقابة مشددة على الميناء، والثاني انه يروج لحديث مشبوه يترتب عليه الكثير دون ان يقدم على صحته اي دليل قانوني يمنح مبعوث اممي حق تقبله فضلا عن التحدث به والترويج له .
لم يقف ولد الشيخ عند التماهي مع منطق العدوان بخصوص ميناء ومدينة الحديدة وانما سخر نفسه كساعي شر ولعب دورا مباشرا في فتح الطريق امام هذه الكارثة المزمعة بحق المدنيين، فقد ترك ولد الشيخ كل مهامه وتفرغ لمهمة المساومة بخصوص الحديدة ومينائها !!، وهوهنا يلعب دورا خبيثا وخطيرا وبشعا لانه يعرف ان تدخله تحت ” يافطة ” الحل لن يفضي الى حل لاعتبارات كثيره ولكن المراد ليس هوالحل وانما فتح الطريق امام الكارثة بتصوير عدم التوصل لحل عدم تجاوب مع الدور الاممي ما يسهل على التحالف السعودي الاقدام بحجه انه قد فعل بجهده لتجنب المعركة بما في ذلك ” حلول ” المبعوث الاممي ولكن كل ذلك لم يفلح ليتراجع عن قرار الهجوم على الحديدة ومينائها .
بل ان ما يقوم به ولد الشيخ ابعد من ذلك ولا يمكن وصف دوره هنا بأقل من ” الابتزاز السياسي واستثمار الجوانب الانسانية لصالح السياسة والحرب ” فهويعمل مقايضة دفع المرتبات التي يعاني من تبعاتها الفاقرة المدنيون اليمنيون لفترة قاربت العام بتسليم ميناء ومدينة الحديدة، وهوهنا يمارس ذات ” النغمة ” الخبيثة التي يمارسها التحالف السعودي التي تحتال على المعاناة الانسانية للمدنيين وتقدم المهاجمة على انها لهدف انساني كون ” سلطة الانقلاب ” تمنع وصول الاغاثات لمستحقيها !!، وقلب القتل للمدنيين داخل مدينتهم والحصار الخانق لشعب باسره كعمل انساني !!، وولد الشيخ يربط المرتبات كحاجة انسانية بتحقيق تقدم للتحالف السعودي عبر ” اتفاق ” !! .
ولا يقف ما يقوم به ولد الشيخ هنا ايضا بل يمكن وصف موقفه في هذه المسألة ” بالابتذال السياسي ” وذلك هوبالفعل عندما يضع مسألة المرتبات محل مقايضة وهويعرف ان عبدربه منصور هادي تعهد من على منصة الامم المتحدة التي يمثلها ولد الشيخ بانه سيقوم بدفع المرتبات عندما اراد ان يمرر قراره بنقل البنك المركزي الى عدن، ولم تكن مسألة دفع المرتبات محل مقايضة اوشروط وهي امر من واجب ولد الشيخ ان يعود فيها على هادي بموقف حازم بضرورة دفع المرتبات التي تعهد بدفعها ومنذ اول شهر بعد نقل البنك، وليست مسألة البنك قابلة للمقايضة ابتداء فهي حاجة انسانية ومتعلقة بشكل مباشر بغذاء وعلاج ودواء وتعليم وسكن وتنقل والتزامات مئات الالاف من المدنيين وبنشاط ومعيشة ملايين اليمنيين بالتبعية.
بل ان ولد الشيخ وارط هنا بشكل اكبر فهوذاته سبق وان رفع في احاطته لمجلس الامن ان هادي وحكومته دفعوا المرتبات وغرر رسميا على مجلس الامن في احاطته تلك وساعد هادي وحكومته على التملص مما التزمت به امام المجتمع الدولي في موقف كانوا فيه في غاية الحرج عندما تسلموا ال 400 مليار ريال من روسيا ولم يكن امامهم الا الدفع لولا تواطئ ولد الشيخ في احاطته تلك، وهاهواليوم يستخدم ما توطئ بشأنها يوما ما لصالح التحالف السعودي الساعي لفتح الطريق امام كارثة الحديدة ومينائها .
ولعل تعز هي شاهد اخر يدين ولد الشيخ كونها المدينة الاكثر تضررا والتي تدور رحى الحرب فيها على روؤس المدنيين وخربت المدينة ويعاني مدنييها الويلات فلوكان الامر انسانيا اوخطوة في طريق الحل لماذا لم تحظى تعز بمثل هذا الاهتمام والتفاعل الحثيث الذي يبديه ولد الشيخ تجاه الحديدة ومينائها ؟!! مشغولا بها ومنصرفا عن اصل مهمته المتمثل في مساع الحل للملف اليمني وليس انتقاء ميناء الحديدة !! .
يموه ولد الشيخ موقفه من الحديدة ومينائها بسعيه للحل فهل هوبالفعل ساع للحل ؟! ام ساع لامر اخر ؟!!، فهويتولى ادارة المفاوضات السياسية على مدى الرحلة الطويلة الممتدة منذ بداية الحرب العدوانية على اليمن من جنيف 1 وجنيف 2 والكويت ومسقط وخلال هذه الرحلة الممتدة لاكثر من عامين يُتقبل ان تختلف وجهات النظر بخصوص ادائه، لكن هناك لحضة سياسية لا يمكن ان يختلف عليها اي مراقب سياسي محايد وهي لحضة تقديمه لمقترحه للحل في اليمن.
فما قدمه ولد الشيخ في تلك اللحضة لم يكن رؤية ” اطراف صنعا ” للحل ولا رؤية طرف هادي ولا رؤية التحالف السعودي ولا رؤية الدول الراعية وانما كان مقترح ولد الشيخ للحل في اليمن اي هوالرؤية والموقف الاممي، ولانه كذلك اضطر جميع المعنيين بالملف اليمني بمن فيهم التحالف السعودي ان يعلنوا تأييدهم لذلك المقترح بينما رفضه طرف هادي وحكومته !!، اليس تصرفه بعد هذه اللحضة السياسية كاف للقطع بانه لايدفع باتجاه الحل وانما باتجاهات اخرى ؟!! .
قبلت اطراف صنعاء بمقترح ولد الشيخ وايده الجميع ورفضه طرف هادي فقط فهل مارس ولد الشيخ اي جهود كي يقبل طرف هادي بمقترحه ؟ وهل احاط مجلس الامن بان الجميع قبل مقترحه بينما رفضه طرف هادي ؟ بالطبع لا فقد رمى ولد الشيخ مقترحه المقترح الاممي الذي قبله الجميع باستثناء طرف خلف ظهره وذهب ليتماهى مع ” فخ كيري ” في مسقط واهمل استكمال جهوده اومحاولة اقناع ذلك الطرف اورفع الواقع على حقيقته لمجلس الامن وهاهويمارس ادوراه المشبوهه بحق ميناء ومدينة الحديدة كأن شيئ لم يحدث .
وصف الامر بان ولد الشيخ فشل في اليمن هووصف غير صحيح فالرجل لم يفشل في دفع الملف اليمني باتجاه الحل لانه لم يمارس دوره المفترض ابتداء وهويدفع بالملف اليمني باتجاه ما يحقق اجندات التحالف السعودي ورعاته الدوليين، ضاربا عرض الحائط بمهنيته وبوضعه كوسيط وبصفته كمبعوث اممي، وضاربا عرض الحائط بارواح واصابات عشرات الالاف المدنيين الذين نالت منهم هذه الحرب العدوانية، وضاربا عرض الحائط بحياة ملايين اليمنيين ضحايا عقاب جماعي باغلاق مطار صنعاء الدولي وبنقل البنك المركزي والامتناع عن دفع المرتبات وبمهاجمة ميناء المخاء المدني وتحويل مدينة المخاء الى جبهة قتال تتساقط القذائف على روؤس ساكنيها .
ولم يهتم ودون ان يهتم ولد الشيخ لكل ذلك، وضاربا عرض الحائط حتى بالغطاء الكاذب للحرب العدوانية على اليمن فلم يسجل له اي دور في اتجاه تمكين ما يسمى ” الحكومة الشرعية ” في المحافظات التي توصف ” بالمحررة ” فلم يتمكن هادي وحكومته ان يوجدا فيها كسلطة رغم انها بيد التحالف السعودي منذ عامين ولم تعد بيد من يسمون ” الانقلابيين “، والسؤال الذي يجب ان يندا له جبين ولد الشيخ هوهل ادان هذا الرجل اي مجزرة بحق المدنيين مع ان مئات المجازر الجماعية ارتكبت بحق المدنيين و( بعيدا عن جبهات القتال )، فهل ادان اي منها وهل تضمنت احاطاته تعداد لبعضها ؟! .. وبالفعل اداء ولد الشيخ كارثة على الملف اليمني ومسيئ للدور الاممي ومعرض الامم المتحدة وامينها العام للمسألة القانونية على خلفية التوطئ مع طرف لافشال الحل وليس الفشل في الوصول اليه .