بقلم:عبدالله الصعفاني|
قاتل الله الفجور في الخصومة .. إنه في اليمن تحديداً وراء كل مأساة وخلف كل ملهاة .. لولا الفجور في الخصومة ما تم إخراج ماسمي بثورة 2011 على ذلك النحو التراجيدي البائس ..ولولاه لاحتفظ الفرقاء ببقايا مودة ، وشظايا قابلة لصناعة زوارق العودة .
والأزمة في الخصومة السياسية في اليمن تكتسب سوادها من أن الصراع لا يكون على سياسات ولا على أفكار صحيحة أو خاطئة وإنما.. لأنه يتجاوز الخلاف على الشأن العام إلى الصراع الشخصي واستخدام العنف اللفظي والعسكري في الثأر الفردي والتنابز بالألقاب وقوعاً في ما هو أشد من بئس الفسوق.
وكنت كتبت حينها غير مرة تعليقاً على أداء قنوات فضائية روجت للفجور والكذب وأساءت إلى خصوم مموليها بصورة تعافها قيم الدين ومفردات الشراكة في الوطن ، وترفضها حتى أبجديات الأخلاق والإنسانية ولكن ..لم يكن أولئك يمتلكون من الفكرة ولا من الموضوع إلا ما تمليه عليهم أوامر ضباط الاتصال في السفارات وشطط قناة الجزيرة وتوجيهات عزمي بشارة وهو يحرض بصيغ مباشرة وغير مباشرة أسوياء وأغبياء الساحات على السواء .
والآن بعد الذي أصاب الأمة كلها من عواقب الفجور وشطط الخصومة وكذب الترويج والتبرير ومتواليات توريث الأحقاد ها نحن نشاهد بالعيون المجردة والآذان المقعرة والمحدبة كيف تحوّل الممول والمصنّع من الأدوات المحسوبة ” أنظمة ” إلى ضحايا .. وكيف أن الشدة بين الشركاء في الوطن والأخوة في الدين ، واللين مع الأعداء ومخططاتهم أضحى وبالاً ونقمة نراها في صور تمزيق وتشظي واحتلال وقصف.
وحتى وقد سلمت قيادات حزبية كنا نحسبها مراجع عقائدية وأيديولوجية في القومية والأممية والإسلامية وقد تحولت إلى قطع شطرنج لزجة في يد الأعداء الممولين لابديل عن استنهاض لاعبي الفجور والخصومة وما تبقى عندهم من عقول وضمائر وشجاعة لإطلاق رسائل ومبادرات تؤكد أن ” الجهل طول الزمن عيب ” وأن هناك استيعاب لتفاصيل ما حدث ورغبة في فتح نوافذ لحوار جاد ومسؤول يعود فيه أهل الشتات الخائب بحنين المشتاق إلى حضن الوطن، ويتنازل فيه أهل الداخل بأخلاق الفرسان ، والالتقاء في لوحة وطنية تمتلك القدرة على جبر الضرر الفردي والجماعي بما يجبر الخارجي المعتدي على الاعتراف بجرائمه وتعويض اليمنيين عما لحق ببلادهم وشعبهم من كوارث وإلا واجهوا أمة البأس الشديد موحدة لا تصبر على ضيم .
وأي نعم .. العدوان كان وقحاً وظالماً وفاجراً وحاقداً ومدمراً ولكن.. قبل وبعد ذلك على اليمنيين أنفسهم أن يرفعوا شعار ” إلى هنا ويكفي ” ويكونوا حكماء في الانتصار على الذات السيئة .. أقوياء في إيصال مظلوميتهم إلى العالم من موقع القدرة على الرد بوحدة الصف .
ذلك ما أتمناه .. وإن كنت أحلم فعلى الطارف منكم أن يدلق على رأسي جردل من الماء. خليك معنا