الصباح اليمني_ثقافة وهوية|
توطئة:
تعددت اللهجات أو حتى اللغات التي كانت سائدة في بلاد اليمن في حقبة ما قبل الإسلام، ولكنها بشكل عام كانت متقاربة من بعضها البعض، وقد أكدت الدراسات المتخصصة أن اللغة اليمنية التي كانت منتشرة قبل ظهور الدين الإسلامي الحنيف هي إحدى أقدم اللغات السامية، وبأنها وصلت إلينا عبر عدد كبير من النقوش التي قاربت عشرة آلاف نقش مكتشف حتى وقتنا الراهن.
تقسيم نقوش اللغة اليمنية:
- النقوش الحجرية: وهي الرسومات المتواجدة على الصخور والنقوش الدينية الظاهرة على جدران الهياكل والمذابح والنقوش الموجودة على الأبنية والنقوش التي تظهر القوانين واللوائح التنظيمية، بالإضافة إلى بعض النقوش التي تروي الأحداث التاريخية أو تلك التي تتحدث عن العقوبات.
- النقوش التي وجدت في حضرموت حصراً وقد نُقِشت على اسطوانات خشبية.
- النصوص الأدبية التي فُقد معظمها ولم يُكتشف منها إلا القليل.
- النقوش الموجودة على النقود المسكوكة.
- بعض النقوش الخاصة وغيرها من النقوش المتعلقة بالعقود والمعاملات التجارية.
ظهرت معظم هذه النقوش في اليمن، كما برز بعضها في مناطق بلاد كنعان الشمالية وبعض الأجزاء في شمال الحجاز.
اقرأ أيضاً: تعرف على اللغة اليمنية القديمة؟
ما هي اللغة اليمنية القديمة؟
أطلق المختصون على اللغة اليمنية القديمة اسم “العربية الجنوبية القديمة” أو اللغة “الصيهدية”، وهي مجموعة من اللغات أو اللهجات المنقرضة التي كانت مستخدمة في المناطق الجنوبية من شبه الجزيرة، وتختلف هذه اللهجات بدرجة كبيرة عن اللغة العربية سواء من حيث القواعد والأساليب أو بالدلالة ومظاهر الصوت.
تنقسم اللغة الجنوبية القديمة الى أربع لهجات هي السبئية والحضرمية والمعينية والقتبانية، وتعود آخر النصوص المكتشفة لهذه اللغات إلى ما قبل ظهور الدعوة الإسلامية بستين عاماً تقريباً.
إن اللهجات التي كانت سائدة في اليمن قبل الاسلام اعتمدت على خط المسند، الذي نُقِش بكثرة في القصور وعلى الحجارة (كما ذكرنا سابقاً)، وهناك صور عديدة تظهر استخداماته.
تتضمن أبجدية اللغة العربية الجنوبية (المسند) 28 – 29 حرفاً، حيث تكتب حروفهاً في معظم الأحيان من اليمين إلى الشمال وإن كانت كتابتها من الشمال الى اليمين ممكنة كذلك، وقد أكد العديد من الباحثين بأن خط المسند هو أقدم وأبرز الأقلام السامية، حيث كان المعينيون أول من استعمله تلاهم السبئيون الذين تفننوا باستخدامه، وحفظوا بفضله أهم أعمالهم على النُصُب والجدران والمعابد.
كان انتقال الجنوبيين الى شمال شبه الجزيرة العربية سواء من أجل التجارة أو الهجرة السبب الأساسي في انتقال خط المسند الى تلك المناطق، ويعود الفضل الأكبر في انتشار خط المسند الى الحاميات السبئية والمعينية التي كانت تجوب أراضي شبه الجزيرة العربية لحماية الطرق والقوافل التجارية، فانتشرت اللغة اليمنية في العديد من المناطق والبقاع وكان تأثيرها واضحاً على لغات المناطق الشمالية كاللحيانية والثمودية.
اقرأ أيضاً: معلومات مهمة عن خط المسند اليمني (مميزاته، جذوره)
على الرغم من انتشار اللهجات اليمنية منتشرة في العديد من المناطق؛ بيد أنها لم تستطع الوقوف أمام اللغة الفصحى لقبيلة قريش، فاندثرت بعد أن طغت عليها العربية التي كان لها سلطةً دينية وروحية نظراً لقربها من البيت العتيق، ولأنها كانت مستأثرة بميادين الشعر والأدب والخطابة التي كانت منتشرة بين جميع القبائل العربية.
اللغات التي كانت سائدة في اليمن قبل الإسلام:
يمكننا تقسيم اللغة العربية الجنوبية القديمة التي تعرف باللغة الصيهدية الى مجموعة من اللهجات أو اللغات المنقرضة المتشابهة مع بعضها البعض وهي:
1 – اللغة السبئية (الحميرية):
وهي واحدة من لهجات أربع متقاربة بشكل كبير لكنها الأكثر انتشاراً بينها، وقد هيمنت على نصوص المنطقة الجنوبية من شبه الجزيرة العربية، خصوصاً وأن مملكة سبأ (التي تأسست على أنقاض مملكة معين) تعتبر من أشهر ممالك التاريخ، كما كانت تتمتع بنفوذ اقتصادي وسياسي كبير، قبل أن تتداعى في القرن الرابع قبل الميلاد على أيدي الأحباش.
بعد أن سيطر الحميريون على سبأ؛ باتت اللغة تعرف باسمهم ”الحميرية”، وما زالت هذه اللغة مستخدمة في منطقة صعدة وسراة خولان من قبل قبائل خولان الحميرية، كما تستخدمها بعض قبائل عسير وتهامة.
تمّ التعرف على العديد من اللغات عن طريق الكتابة بها؛ ومنها السبئية الموثقة من خلال ما يقارب ستة آلاف نقش أثري، وقد قُسِّمت اللغة السبئية الى عِدة فئات هي:
أ- السبئية القديمة: وقد استخدمت من القرن الثامن قبل الميلاد وصولاً للقرن الثاني قبل الميلاد.
ب- السبئية الوسطى: وقد استخدمت بالفترة الممتدة بين القرن الأول قبل الميلاد وصولاً للقرن الرابع الميلادي.
ت- الأميرية (الهرمية): وهي اللغة التي استخدمت بمناطق شمال معين.
ث- السبئية المتوسطة: وهي لغة المناطق الوسطى في اليمن واللغة المستخدمة بالنصوص السبئية.
ج- السبئية الجنوبية: وهي لغة الكتابة التي كانت مستخدمة في حمير وردمان.
ح- السبئية اللاحقة: وهي لُغة منطقة نجران.
خ- السبئية المتأخرة: وقد استخدمت هذه اللغة بالفترة الممتدة من القرن الخامس الميلادي حتى القرن السادس الميلادي.
2 – اللغة المعينية:
وهي من أقدم اللهجات التي كانت سائدة في اليمن قبل الإسلام، وتنسب هذه اللهجة -التي استخدمت في الفترة الممتدة بين القرن الثاني عشر قبل الميلاد حتى القرن الثاني الميلادي- الى مملكة معين، وتظهر أثارها بشكل أساسي في مناطق الجوف الواقعة بالجهة الشمالية الشرقية لليمن، كما ظهرت لها بعض النقوش خارج مملكة معين وذلك في مدائن صالح وددان ومصر وحتى جزيرة دلوس اليونانية.
3 – اللغة القتبانية:
وتنسب هذه اللغة الى قبائل قتبان الذين أسسوا مملكة قتبان في القرن الخامس قبل الميلاد وامتد حكمهم على المناطق الساحلية التي تقع شمال عدن حتى القرن الثاني الميلادي، وذلك عندما تمكنت مملكة سبأ من القضاء على مملكتهم، وقد اكتشف ما يقارب الألفي نقش حجري لهذه اللغة.
4 – اللغة الحضرمية:
وترجع هذه اللغة الى القبائل التي كانت تقيم بالمنطقة الجنوبية من اليمن وبالتحديد منطقة حضرموت، وبعد أن أسست هذه القبائل مملكتها الخاصة التي تنازعت مع مملكة سبأ لمدة طويلة؛ تمكنت مملكة سبأ من ضم هذه المملكة لسلطتها، وقد عُثر في منطقة حضرموت على نقوش عديدة لهذه اللغة التي وجدت نصوص لها في جزيرة دلوس كذلك.
خليك معناالمصدر: موقع تاريخ كوم