| تقرير:رشيد الحداد|
الظروف المادية الصعبة التي يمرّ بها اليمنيون ألقت بظلالها على أجواء عيد الفطر، ولكنها لم تمنعهم من التمسك بأبسط طقوس الاحتفاء، إذ شهدت بعض الأسواق حركة شراء لحلوى ومكسرات العيد، وخاصةً الزبيب الذي لطالما اشتهر به هذا البلد الفقير.
جولة حول أسواق العيد كافية لتبيان الآثار السلبية التي خلّفها العدوان السعودي على المواطنين أولاً، ونوعية المنتجات وأسعارها ثانياً، ولا سيما على الزبيب البلدي الذي تراجع إنتاجه وعرضه وارتفع ثمنه في ظل غزو الزبيب الأجنبي المستورد وبيعه بأسعار تنافسية
لم ينعكس الحصار المفروض على اليمن من قبل تحالف العدوان على منتجي الزبيب في محافظة صنعاء إيجابياً، بل ضاعف من معاناتهم وقلل من فرصهم لتحقيق الربح خلال الشهر الذي كانوا يعتمدون عليه لإعالة عائلاتهم.
فخلال الأيام القليلة الماضية، فوجئ مزارعو العنب، الذين يسوقون كل محاصيلهم من الزبيب المحلي في آخر عشرة أيام من شهر رمضان، بسيطرة الزبيب الصيني والهندي والإيراني على ما يقارب 75% من أسواق العيد.
وأثار إغراق الأسواق بالزبيب الأجنبي موجة استياء في أوساط المزارعين الذين اتهموا الحكومة بعدم الوفاء بالتزاماتها التي قطعتها قبل عامين بوقف استيراد المنتج بكميات كبيرة وحماية الإنتاج المحلي. وأكّد أحمد صالح الخولاني، وهو أحد منتجي الزبيب اليمني، أن المزارعين تكبدوا خسائر فادحة خلال السنوات الماضية، ما دفع الكثير منهم، وخاصةً في مناطق: بني حشيش، بني الحارث، همدان وخولان، إلى اقتلاع العنب وزراعة القات. وأشار إلى أن الزبيب اليمني بات يعتمد على السوق المحلي بعدما كان يصدّر بكميات كبيرة إلى السعودية والإمارات قبل العدوان.
ووصف «مسؤول جمرك الزبيب» في صنعاء القديمة خالد محمد القطاع، المنافسة الأجنبية بـ«الكارثة»، محذراً من التوقف النهائي لزراعة الزبيب المحلي وإنتاجه. وأضاف في حديث إلى «الأخبار» أن اليمن «كان ينتج قرابة 50 ألف طن من الزبيب سنوياً، إلا أن الإنتاج تراجع إلى 20 ألف طن سنوياً» بعد بدء العدوان بقيادة السعودية في عام 2015، داعياً حكومة «الإنقاذ الوطني» ووزارة الزراعة إلى اتخاذ «الإجراءات الكفيلة بحماية الإنتاج المحلي من العنب الذي يتم تجفيف الزبيب منه».
من جهته، أكّد مستشار وزارة الزراعة في صنعاء مبارك القيلي، أن «القانون يمنع استيراد الزبيب الأجنبي، ما دفع التجار إلى تهريبه… ولا سيما عبر المنافذ البرية والبحرية (ميناء عدن والمكلا) التي خرجت عن سيطرة الحكومة في صنعاء خلال العامين الماضيين». وكشف أن الوزارة «ستتخذ إجراءات صارمة بحق المستوردين… وستعمل على الحد من هذه الظاهرة وتداعياتها على الإنتاج المحلي».
وبالرغم من السيطرة الواضحة للزبيب الأجنبي على الأسواق، يحظى الزبيب المحلي باهتمام كبير من قبل اليمنيين، الذين توافدوا بكثافة إلى جمرك الزبيب الموجود في قلب صنعاء القديمة، لشراء أجود أنواع الزبيب اليمني. «الزبيب الأجنبي ينافس المحلي بالسعر وليس بالجودة»، يؤكّد صبري محمد علي، أحد المستهلكين في حديث إلى «الأخبار»، مشيراً إلى أن المنتج اليمني «لا يفقد مذاقه بعد أن يجفف… حتى ولو بعد أعوام طويلة، بينما المستورد لا يتجاوز تاريخ صلاحيته العام الواحد». وتتراوح أسعار الزبيب المحلي (الأبيض والأسود) بين 6000 و2500 ريال للكيلو، في حين يباع الكيلو من الزبيب الصيني بـ 1500 ريال فقط.
خليك معنا