الصباح اليمني_ثقافة وهوية|
هذه هي قصة تأسيس الدولة السعودية الأولى وكان ذلك في العام 1744م وليس كما يتحدث الإعلام السعودي اليوم من أن يوم التأسيس يعود الى 1727م في محاولة لالغاء الدور الوهابي في تاريخ السعودية وهو ما لا يمكن أن يتحقق لأسباب عدة على رأسها أن الدرعية قبل وصول بن عبدالوهاب لم يكن لها طموحات توسعية أو مشروع عقائدي يقوم على تكفير الآخرين بل كانت مجرد منطقة تتحكم بها النزاعات القبلية وتخضع كبقية مناطق نجد للصراع العشائري ورغم اختلافنا مع المبدأ الوهابي الذي قامت عليه الدولة السعودية الأولى إلا أن محاولات السلطة السعودية اليوم من خلال إعلان يوم التأسيس يشير الى جهود تبذلها هذه السلطة من أجل تحريف التاريخ بغض النظر عن الأهداف الحقيقية لذلك.
لقد كان محمد بن عبدالوهاب كما تؤكد المراجع السعودية نفسها صاحب القرار الأول في الدولة السعودية الأولى وهو ما يجعل اطلاق وصف الوهابية على تلك الدولة أمراً يطابق الواقع الذي كان حيث يقول بن شهاب : “وصارت الإمارة الكبرى وهي إمارة الدين لمحمد بن عبدالوهاب وما يتبعها من مصالح الدنيا كتدبير الحروب والمصالحة والعداوة وما يرجع إلى آلة الحرب وما يُتعلم لأجله”.
المؤرخون السعوديون انفسهم يعيدون تاريخ السعودية الأولى الى اللقاء الذي جمع بن سعود وبن عبدالوهاب وكذلك يؤكد جون فيلبي المستشار المعروف للملك عبدالعزيز أن العام 1745م شهد تحولاً جذرياً في تاريخ الجزيرة العربية وذلك بتدشين التحالف بين المحمدين كما يقول فبعد ذلك اللقاء بدأت الدرعية كمشروع سياسي تحت شعارات دينية ويهدف الى التوسع في الجزيرة العربية والعراق والشام , ولولا ذلك الحدث لظلت الدرعية مجرد منطقة يسري عليها ما يسري على بقية مناطق نجد من صراعات عشائرية ومناطقية.
من الدرعية انطلق الوهابيون لتطهير الجزيرة كما يقولون من المشركين والوثنيين وتم اعتبار اليمن جزء من البلاد المشركة (أحمد علي آل سعود قدم له وراجعه وعلق عليه د. علي رحمى ص 63) والتي تستحق التطهير تماماً مثل بقية مناطق الجزيرة قبل ظهور محمد بن عبدالوهاب (ابن بشر “عنوان المجد في تاريخ نجد” ج 1 ص 33) الذي جرى وصف ظهوره ودعوته على أنها إخراج للجزيرة من الظلمات إلى النور.
ولم يتردد ابن غنام وهو يعدد الشركيات والوثنيات في اليمن : ما يفعل في بلاد اليمن أكثر من أن يستقصى فأهل شرقي صنعاء عند قبر الهادي وأهل برع عندهم البرعي من زيارات وذبائح وأهل الحجرية ابن علوان فليس في أقطار اليمن من يساويه في الشهرة وفي عسير أيضاً كغيرها من البلاد فيها شرك وضلال وفي الشحر وحضرموت عندهم العيدروس وفي المخا علي بن عمر الشاذلي وعند أهل الحديدة الشيخ صديق وأهل اللحية الزيلعي والطامة الكبرى في نجران بتعظيم السيد والامر ذاته بالنسبة للإحساء والعراق وبقية المناطق التي أصبحت هدفاً لغزوات الوهابيين وفيها ارتكبوا الجرائم من قتل ونهب وسلب إضافة الى الاعتداء على المقدسات بما في ذلك مكة والمدينة ومنع اليمنيين من الحج بحجة أنهم مشركون وأن عليهم اعلان اسلامهم مجدداً حتى يسمح لهم بالوصول الى مكة.
لقد تمكن محمد بن عبدالوهاب من الحصول على حماية محمد بن سعود الذي وافق على أن تكون الدرعية منطلقاً للوهابية بأفكارها المتشددة بعد أن كان بن عبدالوهاب يبحث عن حليف يتمكن من خلاله على تأسيس مشروعه فقبل أن يلجأ الى الدرعية كان قد استقر في حريملا وأدت الخلافات إلى انتقاله إلى العيينه (حسين بن غنام ” تاريخ نجد روضة الأفكار والإفهام مصطحباً معه زوجته الجوهرة ولم يتردد المُلا محمد .. كما كان يطلق عليه .. في استئناف نشاطه بمحاربة الشرك والضلال .. كما كان يدعي.. فشرع كما يقول فيلبي في قطع الأشجار المقدسة لدى نساء تلك المنطقة وباشر قطع الشجرة الأكبر بنفسه مع هدم المشاهد والقبور, وأثار مشهد رجم امرأة أقرت بالزنا فزع الجميع في كل أرجاء نجد وأدت تلك الحادثة الى موجة من السخط فأضطر الشيخ محمد بن عبدالوهاب الى الفرار الى الدرعية وهناك وجد ما كان يبحث عنه.
المصدر: عرب جورنال
خليك معنا