يقلم:محمد صادق الحسيني|
نقول لمن هم غير قادرين على الغوص في اعماق الأمور وسبر اسبابها وعوامل تحريكها وضبط إيقاعها بان العاصفة الرعدية، التي تضرب الأجواء السعودية الخليجية بشكل عام وتلك السعودية القطرية على وجه الخصوص، تلك العاصفة التي يطلق عليها أزمة والتي تثير الكثير من الضجيج الإعلامي على صعيد المنطقة والعالم. نقول لهؤلاء ان هذه العاصفة – الازمة، ليست أزمة مفاجئة على الإطلاق، بل انها تنفيذ لأمر عمليات، واضح ومكتمل المعالم، وافق عليه ووقعه الرئيس الأميركي ترامب قبل ان يبدأ زيارته لملوك الطوائف في العشرين من شهر أيار/ 2017 الماضي.
وما قمم المهزلة التي عقدها ترامب في عاصمة الظلام، الرياض، مع ما يفوق الخمسين من شهود الزُّور، والذين يطلق عليهم زوراً وبهتاناً تسمية ملك او أمير او رئيس، نقول إن تلك القمم لم تمثل اكثر من عملية اخراج بائسة لإشباع رغبات وغرور سلاطين آل سعود واظهارهم وكأنهم قادرون على قيادة العالمين العربي والإسلامي وذلك ضمن محاولات الدوائر الصهيواميركية لتعويم او تأهيل مملكة آل سعود لقيادة عملية تصفية القضية الفلسطينية عن طريق قيادتها لعملية تطبيع كاملة وشاملة وعلى رأس شاهدي الزُّور الذين لبوا نداء سيد البيت الأبيض، وزحفوا الى الرياض على بطونهم ولم يسيروا على اقدامهم او يطيروا بطائراتهم الأميركية الصنع. ذهبوا وعادوا بعد ان ارتكبوا عملية «زنا سياسي» لا مثيل له في تاريخ البشرية الحديث او القديم. انهم بالضبط الشاهد الذي شهد زوراً من دون ان يسمع او يرى شيئاً.
وجوقة المرتزقة تلك لم تُمارس هذا الفعل الحرام فحسب، بل إنها ارتكبت فعل الخيانة العظمى بموافقتها على استبدال عدو الامتين العربية والاسلامية، الكيان الصهيوني، بعدو وهمي، والذي هو إيران، هذا العدو الوهمي الذي لم يسبق له ان قام بأي فعل عدواني ضد اي من مكوّنات الامتين.
وهذا يعني انهم بعملهم هذا قد أعطوا تفويضاً لساكن البيت الأبيض كي يبدأ بتنفيذ مخططة الهادف لضرب إيران، كقوة دافعة او قاطرة محور المقاومة، مع بقية مكونات هذا المحور لتحقيق هدف تصفية القضية الفلسطينية وتثبيت الاحتلال العسكري الصهيوني لارض فلسطين العربية الاسلامية لا بل لتوسيعه ليمتد الى مشارق امصار الأمة العربية والاسلامية ومغاربها.
نقول هذا ليس من باب اللهو بالجمل الانشائية او السفسطة الكلامية، وإنما من قراءة دقيقة للواقع المستجد في الإقليم والعالم، تستند الى معلومات دقيقة لا يرقى لها الشك، بما في ذلك عاصفة الرعد التي تسيطر على الأجواء السعودية القطرية، والتي هي ليست اكثر من ذلك. لا بل انها لا تعدو كونها حلقة من حلقات المؤامرة على محور المقاومة وبالتالي على القضية الفلسطينية التي ستبقى، هي وثورتها ومقاومتها، تشكل جوهر الصراع العربي الصهيوني لا بل جوهر الصراع الدولي للسيطرة على الإقليم والعالم.
وهذا ما ينفي ترهات غلام آل سعود، المدعو عادل الجبير، والذي ينطبق عليه قول الشاعر الأندلسي أبي الربيع القضاعي، في بيتيه:
هبك كما تدّعي وزيرا وزير من أنت يا وزير والله ما للأمير معنىً فكيف من وزَّر الأمير
وعليه فإن دعواته لقطر بالتوقف عن دعم الإرهاب وحركة حماس لا تنم عن تناغمه الخياني مع العدو الصهيوأميركي فحسب، وإنما تدلل وبما لا يدع مجالاً للشك انه لا يعلم شيئاً عن حقيقة ما يدور في المنطقة والعالم….
وذلك لان ما يدور اليوم من مماحكات بين مشيخة قطر ومملكة آل سعود يأتي تنفيذاً لأمر العمليات الأميركي الذي وقعه رئيس الولايات المتحدة قبل قدومه للمشاركة في رقصة السيف التراثية لأهل الدرعية.
فما لا يعلمه الغلام عادل الجبير والإمّعات امثاله هو ان القرار الأميركي الذي سبق زيارة ترامب الى الرياض ينص على ما يلي:
اولاً: العمل على احتواء إيران في المرحلة الحاليّة تمهيداً لتغيير النظام فيها في مرحلة مقبلة في إطار العمل على تحقيق هدف إسقاط نظام الجمهورية الاسلامية، كطريق للقضاء على «المحور الإيراني» في ما يُسمّى بـ»الشرق الاوسط»، علماً أن هذا القرار او النظرية قد تمّت صياغته/تها من قبل مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الامن القومي، الجنرال ماك مايستر، الذي يكن الكثير من الحقد تجاه إيران والتي يتهمها بمساعدة رجال المقاومة العراقية في محاربة الحيش الأميركي في العراق. تلك المقاومة التي أدت الى مقتل الكثيرين من افراد القوات المحمولة مشاة ميكانيكية التي كان يقودها مايك منتصف تسعينيات القرن الماضي.
ثانياً: إحداث زلزال في العلاقات البينية الخليجية قطر والسعودية ما يتيح المجال للاميركي ان يستغل هذا الصراع لتعزيز وجوده في الدولتين من خلال الاستمرار في خداع الطرفين، عن طريق الإيحاء بأنه يقف الى جانب طرف ضد الطرف الآخر، بينما هو في الحقيقة يعمل على توريط مملكة آل سعود في نزاع مسلح مع إيران وان بشكل غير مباشر وعن طريق استخدام قطر. وما الدليل على ذلك إلا سلسلة التصريحات الصادرة عن الرئيس الأميركي مساء اليوم، والتي مؤداها أن جوقة الرياض التي قابلها هناك قد وافقته الرأي على أن قطر تدعم الإرهاب.
وهنا يبرز السؤال الجوهري: ماذا تفعل قواعدك في العديد والسيلية، ولماذا تبقيها في دولة تدعم الإرهاب!؟
ألا يمكن لهذا الإرهاب أن يشكل خطراً عليها في المستقبل لو كان ادعاؤك صحيحاً!؟
ثالثاً: وفي إطار تنفيذ هذا المخطط/ النظرية قام الرئيس الأميركي، في الأسبوع الثاني من شهر أيار/ 2017 بتعيين الجنرال ميخائيل مايك دي أندريا والذي يطلقون عليه في CIA الجنرال آية اللة مايك معتنق الإسلام اسمياً لأنه تزوج من مسلمة ، حيث أوكلت اليه مهمة تنفيذ العمليات الامنية داخل إيران وبشكل فوري. أي ابتداء من لحظة تعيينه.
ولعل من المفيد التذكير، بأن التصريح الذي تلقنه وأدلى به الولد المغامر، محمد بن سلمان في مقابلته التلفزيونية الشهيرة حول نقل الحرب الى داخل إيران، لم يكن سوى اعلان أميركي مبكر او مسبق لبدء التنفيذ وإيذان بأن الاستعدادات لذلك كانت تشرف على الانتهاء. وهذا ما لم يكن يعرفه ذلك البوق الذي اعتقد أن بمقدوره تهديد دولة بقوة وحيوية الدولة الإيرانية.
رابعاً: ومن اجل تنفيذ مخطط ضرب الجمهورية الاسلامية في إيران دولة الإرهاب الاولى في العالم The number one terror state حسب تعبير ترامب في خطابه امام جوقة «الزنا السياسي» في الرياض فقد تمّ إنشاء قيادة عمليات جديدة، سميت قيادة عمليات إيران، مركزها الأساسي في مقر الـ»سي اي آيه» في لانغلي Langley في الولايات المتحدة، بالإضافة الى غرف عمليات ميدانية في كل من الرياض مهمة هذه الغرفة قيادة العمليات مباشرة الى جانب التنسيق بين غرف العمليات الميدانية مجتمعة والمنامة واربيل كما في قاعدة السيلية. وهي مخازن الاسلحة الأكبر التابعة للجيش الأميركي خارج الولايات المتحدة الاميركية، جنوب غرب الدوحة مهمتها الإمداد والتزويد او ما يطلق عليه الدعم اللوجستي .
خامساً: تم تكليف أشخاص بعينهم لقيادة عمل المجموعات المتوفرة حالياً، وتلك التي يجري العمل على إعدادها وتدريبها في كردستان العراق والبحرين والسعودية، علماً أن العمل جار على استكمال الصورة النهائية لهذه الوحدة الخبيثة.
غير أن من الضروري الاشارة الى ان المطلوب من محور المقاومة وعلى رأسها إيران هو عدم التورط في التصعيد الجاري في منطقة الخليج الفارسي حالياً، لانه تصعيد مخطط ومدار مباشرة من البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية الأميركية ومقرر رسمياً من البيت الأبيض باعتباره حلقة اولى من الكمين الأميركي لاحتواء كل من إيران والعرب، والسعودية في المقدمة، حتى يتسنى للمرابي اليهودي ترامب تتويج «إسرائيل» ملكة الملوك على الجميع.
ولكن لعلم ترامب وأذنابه الكبار والصغار أن ذلك دونه فرط القتاد.
ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. خليك معنا