بقلم:أسعد أبو خليل|
يمكن تحليل زيارة ترامب لبلاد العرب على أكثر من مستوى. المستوى الاستعراضي ـ الشكلي كان مشغولاً بعناية (بعناية فوضى رقصة العرضة في الجنادريّة). أراد آل سعود وصحبهم في مجلس التعاون الخليجي أن يبهروه بالفخامة (المبتذلة والمُفرطة، على طريقة الفخامة «الجماليّة» لدبي أو لاس فيغاس — مصدر إلهام المدينة الأولى) والفقاعة الاحتفاليّة.
الاحتفال بترامب كان أقرب إلى التقديس والتبجيل منه من الاحتفاء الرسمي البروتوكولي (بساطة استقبال ترامب في دولة العدوّ كانت من أجل التوكيد أن إسرائيل لا تحتاج إلى همروجة وإنفاق الأموال لشراء صداقة أميركا). وآل سعود استفاقوا من صدمة فوز ترامب. فالرجل كان على مرّ العقود يسخر من حكّام الخليج، ويقرّعهم دوماً، وظلّ طيلة أشهر حملته الانتخابيّة يطالبهم بدفع ثمن حماية أميركا لهم. حكام الخليج استثمروا في حملة هيلاري كلينتون الانتخابيّة لأن «مؤسّسة كلينتون» الفاسدة كانت تستفيد من عطايا ماليّة سخيّة من حكّام الخليج وشركائهم في «البزنس». وكانت صحافة النفط والغاز تزخر بمقالات هجاء (معظمها للبنانيّين) ضد ترامب، وتصنّفه في خانة الشعبويّين الخطيرين. وفي تلك المرحلة، كانت صحافة الخليج تنسب عداء ترامب لسلالات النفط والغاز إلى عداء مستحكم من قبله ضد الإسلام والمسلمين. لكن كل ذلك تغيّر. فجأة، تغيّرت أوامر الأمير الراعي للصحف العربيّة. توقّف دفق المقالات ضد ترامب، وتبخّرت التحليلات الشعبويّة التي كانت شبه يوميّة. كانت مقالات الترحيب بترامب من عبد الرحمن الراشد إيذاناً بمرحلة جديدة، وعندما يفتي الراشد (الأقرب إلى مصدر القرار) يتبع الباقون على الفور، وبلا سؤال أو جدال.