* متابعات|
وظائف، وظائف، وظائف»، بهذه الكلمات لمعت عينا دونالد ترامب وهو يوقّع العقود الخيالية في الرياض. احتفالات باذخة أرادها حكام المملكة لضيفهم الاستثنائي، فيما هو لم يرَ فيهم سوى بقرة حلوب لاقتصاد بلاده وشركاته. ترامب لم يفعل سوى ما وعد به قبيل نجاحه في الانتخابات الرئاسية: «على دول الخليج أن تدفع». وها هي «دُرّة» الممالك والإمارات تُسارع إلى تخصيص مليارات الدولارات لرجل الأعمال الأميركي…
مقابل ماذا؟ مقابل «التزام بأمنهم»، فهو «لن يسحق عدوّهم نيابة عنهم». الأذلاء العرب استمعوا إلى خطابات «أمير المؤمنين» القادم من خلف المحيط، متوقّعين وعوداً بأفعال، لكن ترامب سيحمل أموالهم ويطير بها نحو تل أبيب، حيث الحلف الحقيقي. سلمان بن عبد العزيز وحاشيته لم يعكّروا مزاج ضيفهم ــ ابن المنزل ــ بكلمة عن إسرائيل أو القدس، لا بل إن خادم الحرمين الشريفين رأى أمامه أنّ إيران تشكل رأس حربة الارهاب العالمي منذ ثورتها عام 1979. لم تكن إسرائيل قد «وُلدت» بعد. معذور ديكتاتور مملكة القهر، ففي قمة النذالة لا مكان لفلسطين
حفلت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السعودية بمحطات كثيرة «هائلة» ــ على حدّ تعبيره ــ ستترك وقعاً كبيراً ودائماً عليه طيلة فترة رئاسته، ما يضع الدول الأخرى التي قد تستقبله أمام امتحان التمثّل بالمملكة، لجهة حبّه للمظاهر، إن من خلال الاحتفالات الضخمة التي رافقت الزيارة، أو السلالم الكهربائية الذهبية التي وضعت خصيصاً لأجله، أو القمة التي دُعي إليها 50 مسؤولاً من الدول الإسلامية، أو حتى من خلال الصفقات التجارية التي عقدها. كلّ ما قد يتمنّاه ترامب جمعته السعودية في مكان واحد، على مدى يومين.
بدأ يوم الرئيس الأميركي الأول باستقبال فخم، وانتهى باحتفال مليء بالتفاخر، ولكن ليس قبل أن يوقّع والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز عدداً من الاتفاقات وصلت قيمتها إلى أكثر من 380 مليار دولار، تطال المشاريع الدبلوماسية والحكومية والتجارية، بما فيها صفقة أسلحة تصل قيمتها إلى 110 مليارات دولار. هذه الأخيرة تمّ توقيعها في حفل أقيم بعد ساعات على هبوط طائرة «إير فورس وان» في الرياض، حيث كان في استقبال ترامب عرض من الطائرات النفاثة، وأصوات المدافع وقرع الطبول.
وصف الرئيس الأميركي يومه الأول في السعودية بـ«الهائل»، وذلك لدى توقّفه عند الصفقة الدفاعية. «مئات مليارات الدولارات كاستثمارات في الولايات المتحدة ووظائف، وظائف، وظائف»، قال ترامب وفقاً لتقرير صادر عن البيت الأبيض. «كان هذا يوماً هائلاً. استثمارات هائلة في الولايات المتحدة».
الوظائف مقابل الالتزام
وتعقيباً على ذلك، صرّح البيت الأبيض في بيان، بأن الاتفاق «سيخلق وظائف في الوقت الذي يجري فيه تأكيد التزام الولايات المتحدة بالمملكة العربية السعودية». وأضاف أن «هذا الاتفاق سيزيد من قدرات السعودية الدفاعية، ويعزّز معداتها وخدماتها في وجه الجماعات الإرهابية وإيران»، وفقاً لمسؤولين.
فضلاً عن ذلك، كشف الطرفان عن «الإعلان عن الرؤية الإستراتيجية المشتركة». وتنص تفاصيل الاتفاق على إنشاء «مجموعة استشارية» ستتعاون من أجل «محاربة الإرهاب العنيف، وتعطيل تمويل الإرهاب، وتعزيز التعاون الدفاعي»، وذلك وفق بيان صادر عن البيت الأبيض أيضاً. وبحسب البيان، فإن الرئيس الأميركي والملك السعودي، أو من ينوب عنهما، سيجتمعان على الأقل مرة كل عام من أجل مناقشة استراتيجيات جديدة.
اليوم الثاني من الزيارة كان مناسبة ليحاضر الرئيس الأميركي في قادة الدول الإسلامية في «كيفية محاربة الإرهاب»، مانحاً السعودية ما تريده من إيذان بالعودة إلى ما قبل حقبة الرئيس باراك أوباما من «سياسة عزل إيران». فقد بدت القمة الأميركية ــ الإسلامية، التي عُقدت أمس، كأنها مصمّمة لعزل إيران، وهو ما وقف عنده عدد من الوسائل الأميركية، التي أشارت إلى أن الملك سلمان والرئيس دونالد ترامب استخدما كلماتهما لهذه الغاية. بدأت القمة بخطاب سلمان الذي وصف فيه إيران بأنها «رأس حربة الإرهاب العالمي»، ليبادله بعدها ترامب بخطاب استمرّ 30 دقيقة، حمّل فيه إيران مسؤولية «الإرهاب العالمي»، ودعا الدول العربية والإسلامية إلى عزل الجمهورية الإسلامية.
وقال الرئيس الأميركي إن «إيران مسؤولة عن تدريب جماعات مسلّحة في الحرب في سوريا واليمن والعراق». وبالنسبة إلى النفوذ الإيراني، قال ترامب إن «الحكومة التي تمنح الإرهابيين مأوى آمناً ودعماً مالياً… هي المسؤولة عن هذا المستوى من انعدام الاستقرار في هذه المنطقة. أنا أتحدث بالطبع عن إيران. من لبنان الى العراق واليمن، إيران تموّل التسليح وتدرّب الإرهابيين والميليشيات وجماعات متطرفة أخرى تنشر الدمار والفوضى في أنحاء المنطقة». وأضاف: «إنها حكومة تتحدث علناً عن القتل الجماعي، وتتوعّد بتدمير إسرائيل وموت أميركا، والخراب للعديد من الزعماء والشعوب الموجودين في هذه الغرفة».
«داعش ــ قاعدة ــ حزب الله»