الصباح اليمني_عبدالله عبدالسلام|
صنعاء القديمة مدينة أثرية تاريخية يعود بنائها إلى ما قبل آلاف السنين، لكن المدينة المدرجة ضمن قائمة مواقع التراث العالمي لطرازها المعماري الفريد وجمال مبانيها العالية تتعرض للانهيار يوماً بعد يوم وذلك لعدة أسباب أهمها غزارة الأمطار والسيول التي شهدتها صنعاء وبقية المحافظات خلال الأسابيع الماضية، وعدم اهتمام الأهالي بتحسين وترميم بيوتهم كما كان أجدادهم يرمموها كل عام، ولكن المسؤولية أيضاً على السلطات المعنية التي لم تولي الأهتمام الكبير بالمباني والمعالم الحضارية في المدينة بحسب ما يرى مواطنون، ولعل الوضع والدعم المالي انخفض جراء نقل التحالف للبنك المركزي من صنعاء إلى عدن جعل الحكومة في صنعاء تقلص من ميزانيتها فيما تأثرت المدن التاريخية جراء ذلك.
وأدت الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة التي شهدتها كافة مناطق اليمن ومنها صنعاء القديمة خلال الأسبوعين الماضيين والتي كانت كمية الأمطار فيها بكميات كبيرة، إلى انهيار عدة بيوت في المدينة التاريخية قدرت بأكثر من 111 منزل، وتأثرت بعض البيوت التي لم تنهار، فيما بعض المباني سقطت ولو جزئياً.
صحيح أن مباني صنعاء القديمة أصبحت بعضها شبه منهارة كونها قديمة جداً ولذلك قد وضعتها منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة ضمن المواقع الأثرية العالمية المعرضة للخطر عام 2015م، لكنها تأثرت وتعرضت لخطر جديد إزاء الأمطار الغزيرة التي أسقطتها نهائياً بعد صمودها لفترة كبيرة من الزمن.
ولمعرفة مدى أهمية المواقع التراثية التاريخية كمدينة صنعاء القديمة، قمنا بزيارة المدينة وتصوير المباني المتضررة جراء السيول والأمطار الغزيرة كون سقوفها أصبحت هشة ومهترئة وذلك طبيعيا كون المباني قديمة ولم تحظى باهتمام وترميم ما أدى إلى سقوطها أو تأثرها ولو جزئياً.
أحد المباني المتضررة والتي تهدمت جزئياً فندق الثريا الكائن أمام مدخل طوارئ مستشفى الثورة النموذجي بالقرب من أحد أبواب المدينة والذي يسمى بـ “باب السلام”، وبحسب إفادة الأهالي فإن الفندق انهار فجأة قبل أسبوعين إلا أنه كان غير مأهول ولم تسجل أي ضحايا أو أصابات.
كما تضرر منزل أحد الأهالي وسط مدينة صنعاء القديمة شمال غرب الجامع الكبير بشكل كبير، حيث وقعت الواجهة الشمالية للمنزل بالكامل وانهارت فجأة ما أدى إلى تضرر المنازل المجاورة لها وتهدم سور المنزل المقابل له، فيما الجهة الجنوبية للمنزل متهيئة للسقوط كون جدارها مائل وسيسقط عما قريب.
وقامت السلطات المحلية بدورها بإخلاء المكان وعمل حاجز مانع للأطفال من الدخول لأن المنطقة غير أمنة وقد تسقط المنازل المتضررة بشكل كبير في أي لحظة، وتعمل السلطات على هدم بعض المنازل كونها ستسقط لا محالة.
وانهار منزلين في حارة صلاح الدين جزئياً، كما تهدم أيضاً منزل “المهدي” في حارة المنصور، وانهار بشكل كلي بيت الشاعر الكبير عبدالله البردوني في نفس الحارة المجاورة لميدان التحرير وذلك جراء الإهمال من قبل السلطات المعنية حيث كانت حكومة أصنعاء قد أعلنت في العام الماضي، ترميم منزل البردوني وتحويله إلى متحف باسمه لتخليد أعماله.
وقال نائب رئيس الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية عقيل نصاري، في تصريح خاص، إن بعض مباني مدينة صنعاء القديمة تعرضت خلال الأسبوعين الماضيين للانهيار إما بشكل كلي أو جزئي، مضيفاً أن هناك مؤشر لانهيار عدد كبير من المنازل في المدينة.
وأكد نصاري، أن صنعاء القديمة لم تخضع لأي صيانة منذ 2011 بسبب الحرب والحصار وبالتالي تضررت العديد من المباني، وهناك بحسب الإحصائيات 5 آلاف منزل مهددة بالانهيار في المدينة.
وأشار إلى إن الهيئة عملت في عام 2017م حصر ميداني بدعم من منظمة اليونسكو عبر صندوق الاجتماعي للتنمية وظهرت قائمة كبيرة بالمباني المتضررة وتقدر بـ 2500 منزل وهي التي تضررت جراء قصفها من قبل طائرات التحالف ما بين عامي 2015 و2016.
ولفت إلى أن الهيئة قامت بترميم 40 منزلاً من أصل 100 بيت كمرحلة أولى، فيما المرحلة الثانية ستستكمل ترميم وتحسين 60 منزل تضرر من قبل الاستهداف المباشر لطائرات التحالف.
بالنسبة لإحصائية المباني التي تضررت جراء السيول والأمطار بيّن نصاري، أن عددها تتجاوز111 منزل تأثرت بالأمطار المستمرة خلال الأسابيع الماضية ليلاً ونهاراً.
واختتم نائب رئيس الهيئة عقيل نصاري تصريحه، بقوله: “اعددنا خطة طوارئ وقمنا برفعه للمجلس السياسي الأعلى والآن لجنة الطوارئ مجتمعة احتمال يتم اعلان حالة الطوارئ في صنعاء القديمة “.
ولحماية منازل صنعاء من الانهيار قام بعض الأهالي بتغطية سقوف منازلهم بـ “الطرابيل” وبعض المواد التي قد تحافظ على السقف من السقوط.
وشكل “المجلس السياسي الأعلى” بصنعاء، لجنة طوارئ وغرفة عمليات على مستوى العاصمة صنعاء والمحافظات، لتقوم بعملها ومواجهة كوارث الأمطار والسيول.
خليك معنا