الصباح اليمني_منوعات
نشرت صحيفة “أ بي ثي” الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن ظاهرة التشتت الذهني وضعف التركيز والنسيان، التي يعاني منها الكثير من الناس ولكنها لا ترتبط بالضرورة بمشاكل الذاكرة أو قلة الذكاء، وإنما هي حيلة يقوم بها الدماغ لمجاراة كثرة المعلومات والقرارات.
وقالت الصحيفة، في تقريرها إنه كما يصنف الناس إلى انطوائيين ومنفتحين، أو عقلانيين واندفاعيين، يمكن أيضا تقسيمهم إلى مجموعتين: مشتتي الذهن وأصحاب التركيز العالي.
وذكرت الصحيفة أن هناك عدة أسباب تقف وراء هذا التصنيف، وهو ما يثير تساؤلات عديدة حول ما يجعل بعض الناس يتذكرون كل التفاصيل وينتبهون لكل ما يدور حولهم، بينما يواجه آخرون صعوبة حتى في حفظ المعلومات الأساسية والسهلة.
وحسب المتخصصة في علم النفس لايا خيمينيز، فإن “درجة اهتمامنا كبشر تختلف وتتغير حسب الظروف والأوقات، ولكن العامل الأكثر تأثيرا على التركيز أو مدى تشتت الذهن هو الخيال”. وأضافت هذه الأخصائية أن “الأشخاص الحالمين وأصحاب المخيلة الواسعة يميلون إلى التحليق بين الغيوم ورؤية أحلام اليقظة لوقت طويل. وأثناء تواجدهم بين الغيوم، يكونون غافلين عن الواقع، وبذلك يكون الجسم حاضرا بينما الذهن في مكان آخر”.
انظر إلى المحيط
نقلت الصحيفة عن الأخصائي النفسي أندريس كوردوبا قوله إنه “كلما أولينا انتباها أكثر للمحفزات الموجودات في محيطنا، أصبحت أذهاننا مشتتة”. ويرى كوردوبا أن أدمغتنا لا تتوقف أبدا عن العمل، ولكن الأشخاص الذين يوجهون تركيزهم أكثر فأكثر على محيطهم يكونون أقل ارتباكا. وترتبط القدرة على ممارسة هذه المهارة بطبيعة الشخص وحالته الذهنية.
وأوضحت الصحيفة أن حالة التشتت الذهني والارتباك ترتبط ببعض الصفات الشخصية مثل الاندفاع، حيث ينتقل تركيز هذا النوع من الناس بسرعة بين المحفزات الموجودة حولهم. كما أن من يعانون من الهوس يصبون كامل تركيزهم على جوانب معينة ويتجاهلون الأخرى.
وأشارت الصحيفة إلى أنه يقال إن الأشخاص المشتتين هم الأذكى. ويعود هذا الاعتقاد إلى أن التشتيت الذهني مرتبط بارتفاع مستوى الذكاء، بمعنى أنه يزيد من نشاط الخلايا العصبية في الدماغ. وتقول لايا خيمينيز أنه “ربما ينسى الدماغ تفاصيل معينة حول حدث سابق، إلا أنه يتذكر الصورة الكبرى، ولهذا فإن استحضاره للذكريات يكون بشكل عام دون تفاصيل”.
ونبهت الصحيفة إلى أن هذه الآراء لا تعني أن من لا يعانون من تشتت الذهن يكونون أقل ذكاء، بل على العكس من ذلك، هناك عباقرة لا يشعرون أبدا بتشتت الذهن. ومن جهته، ذكر كوردوبا أن أغلب الأشخاص المشتتين يقومون بتصفية المعلومات التي تتدفق عليهم، ويختارون منها فقط ما يعتبرونه مهما لهم. ولهذا السبب، يقومون باستمرار بإفراغ جزء من الذاكرة والتخلص من المعلومات ذات أهمية أقل، من أجل فسح المجال للتفكير واتخاذ القرارات الصحيحة، واستيعاب معلومات جديدة.
المتابعة الانتقائية
أوردت الصحيفة أن التشتت الذهني لا يشمل كل مجالات الحياة، إذ يرتبط بنوعية المعلومات التي يقوم الدماغ بتقييمها وتصنيفها. في بعض الحالات، يكون الهدف هو الانتباه لما يجري من حولنا وجمع المعلومات، وفي حالات أخرى مغايرة يكون الهدف هو الانتقاء والاحتفاظ فقط بالقليل من المعلومات.
حيال هذا الشأن، قالت لايا خيمينيز: “يمكنك أن تكون مشتت الذهن وتائها تماما في أحد مجالات الحياة، مثل الحياة الشخصية، ولكنك تكون نبيها في مجال آخر مثل العمل. إن العقل يتصرف بشكل متحيز مع البيانات، حيث يقوم بتحليلها وتصنيفها إلى مهمة وغير مهمة”.
وأشارت الصحيفة إلى أن انعدام الحضور الذهني لا يرتبط بوجود خلل أو ضعف في الذاكرة. بل على العكس من ذلك، يتمتع الأشخاص مشتتوا الذهن أحيانا بذاكرة قوية جدا وقدرة على الفهم والتذكر. وتعتبر مشكلة الشرود الذهني قرارا يتخذه العقل بأن الشيء الذي يدور حوله في ذلك الوقت غير مهم، وهذا يعني أن الذاكرة أيضا تقوم بتحليل المعلومات والاحتفاظ بالمهم منها، وليس فقط العقل.
وبناء على ذلك، ترى خيمينيز أن الشرود الذهني في حالات معينة قد يكون أمرا إيجابيا، ويعني أن الإنسان بصدد استغلال ذاكرته بأفضل طريقة ممكنة، وذلك من خلال تخزين المعلومات المهمة فقط. وهذا يعني أن الكمية الجملية للبيانات المخزنة في الذاكرة تكون أقل، ولكنها ذات جودة باعتبار أنها خضعت للتقييم والتصفية”.
خليك معنا