الصباح اليمني_الامارات
نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا للصحافيين أوين باوكوت وهارون صديقي، يقولان فيه إن هناك ضغطا على الوزراء والشرطة والمدعين العامين لمحاكمة حاكم دبي، بعد أن حكم قاض بأنه دبر اختطاف اثنتين من بناته، إحداهما من شوارع كامبريدج.
ويشير التقرير إلى أن الحكم، الذي سمى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وهو صديق للملكة وأحد أهم شخصيات سباق الخيل في بريطانيا، قد يزعزع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات، التي تعد دولة حليفة مقربة في الخليج.
ويفيد الكاتبان بأن القاضي السير أندرو ماكفارلين، وصف سلوكه بأنه قد يرقى إلى انتهاك للقانونين الإنجليزي والدولي، مشيرين إلى أن المحكمة اكتشفت أن ضابط الشرطة المسؤول عن التحقيق في اختطاف الأميرة شمسة من كامبريدج عام 2000، عندما كان عمرها 19 عاما، منع من السفر إلى دبي لمتابعة تحقيقه الجنائي.
وتذكر الصحيفة أنه لم يسمح للمفتش العام لشرطة كمبريدجشاير بالسفر إلى الخليج لمقابلة “شهود محتملين”، بعد أن قدم طلبا رسميا لخدمة الادعاء العام، بحسب ما ظهر في المحكمة، مشيرة إلى أن وزارة الخارجية رفضت تسليم الملفات المتعلقة بالقضية للمحكمة.
ويلفت التقرير إلى أنه يمكن لـ”الغارديان” وغيرها من المؤسسات الإخبارية أن تكشف عن الحكم بعد أشهر من جلسات الاستماع الخاصة ونزاع قانوني وصل إلى المحكمة العليا، مشيرا إلى أنها تفصل مأساة عائلة على مدى عشرين عاما، قام الشيخ البالغ من العمر 70 عاما خلالها بتنظيم عمليات اختطاف دولية، وسجن كلا من شمسة وابنة أخرى هي لطيفة و”حرمهما من الحرية”.
وينوه الكاتبان إلى أن الأميرة لطيفة، التي كانت حينها 32 عاما، تم القبض عليها في المحيط الهندي عام 2018 على يد أفراد كوماندو تابعين للجيش الهندي، وتمت إعادتها قسرا إلى دبي، مشيرا إلى ظهور اتهامات بالتعذيب خلال القضية، وقالت لطيفة أنها تعرضت في مرحلة ما إلى “تعذيب مستمر”، وقال القاضي إنه يشعر بالثقة بالاعتماد على روايتها، وادعت بأنه تم إبقاؤها بمفردها في العتمة، وكان يتم ضربها باستمرار.
وتبين الصحيفة أن أفعال الشيخ هذه كشفت بعد أن فرت زوجته السادسة، الأميرة هيا، (45 عاما)، إلى لندن خلال شهر نيسان/ أبريل الماضي مع ابنيها، مشيرة إلى أن محاولاته إعادة طفليه إلى دبي أدت إلى نزاع قانوني في المحكمة العائلية.
ويشير التقرير إلى أن الأميرة هيا قاومت ذلك بادعاء مضاد سعيا للحصول على أمر حماية من زواج الإكراه لابنتيهما، وقالت إن الشيخ يحاول تزويج ابنتيهما لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، المعروف اختصارا بـ”أم بي أس”، والمتهم بالتورط في قتل المعارض الصحافي جمال خاشقجي، لافتا إلى أن المحكمة لم تجد هذه التهمة صحيحة.
ويقول الكاتبان إن الحكم يثير تساؤلات كثيرة حول ما إذا منعت وزارة الخارجية الشرطة من التحقيق في اختفاء شمسة، بعد أن فرت إلى كامبريدج من منطقة سري عام 2000، وقال ماكفيرلين إنه ليس بإمكانه أن يحكم في هذه المسألة لأن وزارة الخارجية رفضت التعاون مع المحكمة بناء على قانون حرية المعلومات.
وتنقل الصحيفة عن المدعية العامة في حكومة الظل العمالية، شامي تشاكرابارتي، قولها: “من الواضح أن هذا حكم صادم، ويجب على كل من بريتي باتيل (وزيرة الداخلية) ودومينيك راب (وزير الخارجية) القيام بتحقيق طارئ حول سبب إعاقة تحقيق في عملية اختطاف وقعت في كامبريدج”.
ويورد التقرير نقلا عن المحامي البريطاني للأميرة لطيفة، ديفيد هيغ، قوله لـ”الغارديان”، بأنه سيرسل الحكم إلى الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي التابع للأمم المتحدة، الذي يقوم بالتحقيق في اختفاء لطيفة، وأضاف: “نحن سعيدون بالحكم.. إنه إثبات لكل شيء قلناه، وتبرئة لشمسة ولطيفة وهيا”.
وقال هيغ أن شرطة كامبريدج، التي لا تزال تحقق في اختطاف شمسة، قامت بمقابلته هو وصديقة لطيفة المقربة، تينا جوهيانين، وأضاف: “أصبح من الواضح الآن لماذا كان الشيخ محمد لا يريد للحكم أن يكون معلنا، إنه يظهره بصفته شخصا لا يليق به أن يكون مسؤولا عن أطفال، ناهيك عن دولة حليفة للمملكة المتحدة”.
ويقول الكاتبان إن تصرفات الشيخ محمد أبرزت أولا في مقال عام 2001 في “الغارديان”، بحسب ما أشار الحكم، الذي قال إن الأميرة هيا قرأت قصة اختفاء شمسة عام 2016، لكنها في البداية لم تصدق أن زوجها يمكن أن يكون متهما.
وتشير الصحيفة إلى أن الشيخ محمد هو نائب رئيس الإمارات أيضا، وهو أب لخمسة وعشرين طفلا؛ وأصغرهم من الأميرة هيا، لافتة إلى أنه رفض أن يحضر جلسات الاستماع في محاكم العدل الملكية في وسط لندن، في الوقت الذي كانت فيه زوجته هيا حاضرة باستمرار في المحكمة وتجلس بجانب محاميتها، محامية الطلاق الشهيرة الليدي شاكيلتون.
ويلفت التقرير إلى أن الحكم الصادر عن المحكمة يفصل في حملة المضايقات التي تعرضت لها الأميرة هيا، مشيرا إلى أن القاضي قبل اتهاماتها كلها تقريبا على أنها صحيحة بناء على توازن الاحتمالات، بما في ذلك أن الشيخ:
– حاول اختطافها في هيلوكوبتر.
– رتب لترك مسدسات في غرفة نومها.
– سخر منها بسبب “اتهامها” بإقامة علاقة مع الحارس الشخصي.
– طلقها دون أن يخبرها.
– هدد بأخذ طفليهما.
– نشر قصائد شعرية تهديد لها على الإنترنت.
ويفيد الكاتبان بأن ماكفارلين وجد أن العلاقة بينهما تراجعت، وأنها في الفترة ما بين 2017 و2018 بدأت “بعلاقة غير شرعية مع أحد حراسها”، مشيرين إلى أن الأميرة هيا بدأت في بداية عام 2019 تظهر اهتماما في مصير ابنتي زوجها، شمسة ولطيفة، وبحسب الحكم، فإن الشيخ بدأ يهددها وفي شباط/ فبراير طلقها، بحسب الشريعة، دون أن يخبرها.
وتكشف الصحيفة عن أنه سجل في الحكم أنه في 11 آذار/ مارس من العام ذاته هبطت طائرة هيلوكبتر بالقرب من قصرها في دبي، وقال لها قائد الطائرة إنه سيأخذها إلى العوير، “سجن صحراوي”، وقالت الأميرة هيا إنه لو لم يكن ابنها هناك وأمسك برجلها لتم أخذها.
ويورد التقرير نقلا عن القاضي، قوله: “لقد تم الكشف عن الوثائق المتعلقة برحلة طائرة الهيلوكبتر، وتظهر أن أحد أفراد طاقمها هو واحد من ثلاثة أشخاص سمتهم شمسة، و(موظف لدى الشيخ)، على أنهم متورطون بنقل شمسة من إنجلترا عام 2000”.
وينوه الكاتبان إلى أن الحكم ذكر أنه “خلال هذه الفترة وصلت للأم عدد من المذكرات مجهولة المصدر، تركت في غرفة نومها أو أماكن أخرى، فيها تهديدات، مثل (سنأخذ ابنك، ابنتك هي لنا، حياتك انتهت)، أو تم تنبيهها بأن تكون حذرة.. وفي مناسبتين في آذار/ مارس 2019، وجدت الأم مسدسا على فراشها فوهته باتجاه الباب وقد تم فتح زر الأمان”.
وتذكر الصحيفة أن الشيخ نشر في حزيران/ يونيو قصيدة بعنوان “عشتي ومتي”، التي رأت فيها الأميرة هيا تهديدا مباشرا لها، وإعلانا عن “خيانتها”، وتقول القصيدة: “بعض الخطا اسمه خيانة .. ونتي تعديتي وخنتي، ويا خاينة أغلى أمانة.. كشفت ملعوبك ونتي، وكذبك ترى ولى زمانه .. ما يهمنا كنا وكنتي، كذبك ترى ولى زمانه .. ما يهمنا كنا وكنت، عندي براهين الإدانة .. على الذي انتي فعلتي، أرخيت أحصانك عنانه.. وأكبر خطا انك كذبتي، تدرين بأفعالك إهانة .. لكن لنفسك بس هنتي، ما عاد لك عندي مكانة .. سيري لمن فيه انشغلتي، وخليها تنفعك الشطانة .. ما يهمني عشتي ومتي”.
وبحسب التقرير، فإن ماكفارلين أوضح أن حكمه “قد يتضمن استنتاجات، وإن كانت مدنية، تتعلق بالتصرفات التي تتناقض مع القانون الجنائي في إنجلترا وويلز والقانون الدولي وقانون البحرية الدولي والأعراف الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان”.
ويشير الكاتبان إلى أنه تم التوصل إلى هذا الحكم على المستوى المدني، بناء على احتمال أن تكون المعطيات صحيحة أكثر من كونها غير صحيحة، لافتين إلى أنه ليكون الحكم على المستوى الجنائي فإنه يجب أن تكون الأدلة دامغة بما لا يدع أي مجال للشك.
وتلفت الصحيفة إلى أن ماكفارلين أنهى حكمه، قائلا: “هذه الاستنتاجات، مجتمعة، تظهر أسلوب تصرف ثابتا على مدى عقدين، حيث أنه رأى أن من الضروري القيام بذلك، فإن الأب (الشيخ محمد) سيستخدم نفوذه الكبير المتوفر له لتحقيق هدف ما”.
وينوه التقرير إلى أن الشيخ أنكر التهم ضده كلها، وقال في بيان أصدره للإعلام: “هذه القضية تتعلق بمسائل شخصية وخصوصية تتعلق بأطفالنا، وتم الاستئناف لحماية مصلحة ورفاهية الأطفال، والنتيجة لا تحمي أطفالي من الاهتمام الإعلامي بالشكل الذي تتم فيه حماية الأطفال الآخرين في القضايا العائلية في المملكة المتحدة”.
وأضاف البيان: “كوني رئيسا للحكومة لم يكن بإمكاني حضور جلسات المحكمة في عملية تقصيها للحقائق، ونتج عن هذا نشر حكم (تقصي حقائق) يروي القصة من جانب واحد، وأطلب من الإعلام أن يحترم خصوصية أطفالنا وعدم التطفل على حياتهم في المملكة المتحدة”.
وتختم “الغارديان” تقريرها بالإشارة إلى أن وزارة الخارجية وخدمة الادعاء الملكية وشرطة كمبريدجشاير لم تعلق على هذا الموضوع.
خليك معنا