الصباح اليمني_مساحة حرة|
الحرب المستمرة خمسة أعوام في اليمن ، هي حرب همجية ، ان اطراف النزاع ، السعودية و الإمارات و اذرعهم في اليمن ليس لديها أي أهداف واضحة . نرى عندهم فقط النزعة للسيطرة على مقدرات البلد و ثروتها و التحكم في مستقبله.
ساعدهم في ذلك فشل منظومة الحكم السياسية و الاقتصادية و الأمنية منذ مؤتمر الخرطوم 1967م و المصالحة الملكية – الجمهورية وصولا الى ما يسمى شرعية عبدربه منصور هادي كرئيس لليمن بالتنسيق مع ” الأمم المتحدة ” و دول ” مجلس التعاون الخليجي ” 2012م .
بدأت تتدهور الأوضاع في اليمن بعد 1994م ، بعد إعلان الانفصال . حينها كان المناخ الدولي غير مهيأة لتقبل الانفصال . رفضت الولايات المتحدة الاعتراف بدولة الانفصاليين ( دولة البيض ) . كان ذلك خشية من ان يتحول النزاع اليمني الى نزاع اقليمي ، و بدوره سوف يؤدي الى استقطابات جديدة في العالم العربي . و لا أحد يستطيع التكهن الى أين ستقود حرب اليمن منطقتنا . هل تتحول اليمن الى أفغانستان ثانية ؟ هذا ما كان يعتقده و يخشاه الأمريكان . وقد ورد هذا على لسان وزير خارجيتهم وآرن كريستوفر . عندما حذر دول مجلس التعاون الخليجي من التدخل في اليمن . لأن الحرب ستستمر إلى ما لا نهاية و سوف تساهم في الاضطرابات في المنطقة و من الواضح أن الولايات المتحدة في تلك المرحلة قد أكتفت بالتلميح دون التصريح في تحذير حلفائها الخليجيين و تحديدا السعودية من التدخل في الشأن اليمني .
ان ادوات عاصفة الحزم 2015 و اهدافها قد حددت مسبقا و قبل عدة سنوات . أما ما هو معلن من اعادة الشرعية ، محاربة انصار الله ، محاربة الأخوان المسلمين ، مقاومة المد الإيراني ما هي الا شعارات تروج لها قوى التحالف السعودي – الإماراتي و هي شماعات و جسور تسهل لهم العبور لاحتلال ارضنا و جزرنا و موانئنا و انتهاك سيادة الدولة اليمنية لتنفيذ مصالحهم الجيوسياسية . الحرب على اليمن غايتها انتاج بيئة ثقافية و اجتماعية و روحية جديدة لتتقبل النظم الاجتماعية و السياسية و الأقتصادية و التعليمية و الثقافية التي تسعى أمريكا و إسرائيل لتثبيتها بعد حرب التحالف السعودي – الإماراتي 2015م على اليمن و المنطقة . فعّلت القوى الدولية ادواتها من القوى الاقليمية لتنفيذ اهدافها . وهي إنهاك و تفتيت اليمن و من ثم إرغامه للرضوخ لارادتهم و مشاريعهم .
وما يلفت الانتباه هو ان الشرعية و الإنتقالي و الاخوان و الحراك الجنوبي و المؤتمر الشعبي تحولوا الى ادوات لتنفيذ تلك الأهداف البغيضة . فاستراتيجية الانهاك معناها نقل الحرب من جبهة إلى اخرى ، عبر التخطيط الخبيث تسخين جبهة و تهدئة جبهة اخرى وهكذا . من هنا يبدأ الإنهاك و التآكل البطئ . الغرب لا يهتم بعدد الضحايا من الأبرياء ( نساء و أطفال و شيوخ عجزة ) . لأن الهدف المهم هو السيطرة و تقويض الدولة و المجتمع ، لا الإنسان اليمني ، و النموذج واضح ، السودان ، عبد الفتاح برهان و عبدالله آدم حمدوك لم يأتيان من فراغ هم ثمرت عملية طويلة عاشها السودان مجاعة ، حرب اهلية ، بعدها التقسيم ثم الهيمنة على الشطرين ثم الانتفاضة .. و ماذا بعد ؟ الله يعلم .. أهل مكة ادرى بشعابها .
نحن يهمنا اليمن و منطقة شبه الجزيرة العربية ، هي مترابطة بشكل عام . وان الإنهاك و التآكل البطئ بلغ ذروته في اليمن ، و الأطماع الإسرائيلية – الامريكية في باب المندب مع المنافسة التجارية الدولية التي لن تترك حرب اليمن بلا نهاية . على ما اعتقد ان هناك رؤية أوروبية أمريكية مشتركة مازالت في مرحلة البلورة ، تنتظر موافقة التحالف العربي عليها لرسم الخطوط العريضة لمبادرة سلام جديدة في اليمن قائمة على ثلاث مرتكزات رئيسية هي اتفاق ستوكهولم و اتفاق الرياض و مبادرة وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري للحل في اليمن . على ما أعتقد هذه المرتكزات الثلاث غير واقعية الآن .
اولا : الملف اليمني تعتبره معظم الدول الغربية الى جانب روسيا و الصين ملفا يخص الولايات المتحدة و السعودية . لهذا المرتكزات الثلاث غير مقبولة في صنعاء و غير مقبولة سعوديا . انصار الله لن يسلموا السلاح لان السعودية تشكل خطرا وجوديا عليهم . السعودية لن ترضى بان يكون السلاح بيد انصار الله بصفته ذراع إيران . كذلك أمريكا و الغرب و روسيا و الصين لا يتفقون مع السعودية على ان انصار الله اعداء خطرين الآن . هم يؤمنون بان تنظيم القاعدة و داعش هي الأخطر و أعطاء الاولوية للقضاء عليهما اولا . في نفس الوقت لا تعترف أمريكا و الغرب بوجود نفوذ قوي لإيران على أنصار الله .
ثانيا : اتفاق ستوكهولم و اتفاق الرياض ، فاشلان بسبب المتغيرات في موازين القوى في المنطقة . نتيجة الضغوطات التي شكلتها العقوبات الأمريكية على إيران و استشهاد القائد سليماني و صفقة القرن ، اضف الى ذلك الصراع السعودي – الإماراتي الخفي و الصراع الخليجي – الخليجي . كل هذه الأمور أفضت إلى عدم التعاون في الملف اليمني . قد حذر المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث ، من خطورة انهيار اتفاق الرياض بعد المواجهات المسلحة بين الاطراف الموقعة . لكن المبعوث الأممي شدد على أن الأمم المتحدة لن تتخلى عن بنود اتفاق ستوكهولم الذي وقعته الشرعية و انصار الله .جاء ذلك في تصريحات له مع الموقع الإكتروني لـ ” أخبار الأمم المتحدة ” . تابع المبعوث الأممي قوله : ” علينا ان نعالج القضايا الأساسية المتمثلة في السيادة و الشرعية من خلال اتفاق لانها الحرب ” . هنا بيت القصيد أي سيادة و أي شرعية ؟ يواصل المبعوث الأممي قوله : ” لا يوجد أي احتمال لتحقيق تقدم عسكري ، .. لا يوجد شئ يمكن كسبه في ساحة المعركة ، و هناك انتصارا كبيرا بالطبع يمكن تحقيقه على ساحة المفاوضات ” . كلام واضح و صريح ، معنى ذلك ان الشرعية و المجلس الإنتقالي لا يمكنهم كسب أي شئ . اما الوعود الكاذبة من هنا و هناك ، و الصولات و الجولات و العنتريات التي يقومون بها فهي تحقق اهداف اعداء اليمن الإنهاك والتآكل البطئ و التهيئة للمرحلة الثانية وهي الرضوخ لارادتهم .
إذا استمرت السعودية و الإمارات في العنجهية و النظرة الفوقية نحو اليمن ، فما على اليمن الا اتخاذ الخيارات الصعبة و هي كثيرة . منها فتنمة الحرب لحماية اليمن أرضا و شعبا أو أفغنة الحرب و قد اشار اليها من قبل وآرن كريستوفر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق واليمن مهيئة لأحد الخيارين ، أمريكا تعرف الفتنمة و الأفغنة .
ان أي اضطرابات أمنية أو سياسية في المنطقة سوف يكون لها عواقب و خيمة على اقتصاد و أمن الطاقة العالمي . و أي خروقات في العامل الجيوسياسي له آثار أمنية سلبية قد تؤثر على العمليات الإنتاجية للطاقة ، بما في ذلك زيادة المخاطر البحرية و البرية و البنية التحتية و المعدات و الموظفين و البيئة ، وكذا على خط انابيب نقل النفط و الغاز وهي من القضايا الجيوسياسية ( محافظة المهرة قد تكون مثال على ذلك ) قد تصبح الانابيب أهداف خلال الحرب الاهلية أو صعود التمرد على الضيم .
د. حسن زيد بن عقيل:
خليك معنا