بدأت الإمارات صياغة وضع جديد لعدن، يعيد هذه المدينة، التي اعتقد الجنوبيون يوما تحررها من النظام السابق، إلى حاشيته.
هذا التوجه ينطبق على اخطر ملف قد يقضي على مستقبل الجنوب نهائيا، ولطالما كان سكين صالح في خاصرة خصومه جنوبا، انه ملف “الارهاب” الذي لم يتعافى الجنوب من كابوسه حتى اليوم ولا يزال اكثر الملفات تعقيدا و اشدها وقعا على هذا الجزء الهام من اليمن.
على مدى السنوات الماضية من عمر الحرب على اليمن، ادارت الامارات هذا الملف الشائك، بطريقة واحدة، تمثلت باستقطاب وبناء علاقات وتحالفات مع عناصر الجماعات المتطرفة وهذا ليس مجرد تحليل بل تضمنته تحقيقات استقصائية لكبرى الصحف الغربية.
مكنت هذه العلاقات الامارات والسعودية على حد سواء من التقاط انفاسهما والتوسع في المحافظات الجنوبية والشرقية بحماية هذه التنظيمات التي تقول التقارير الغربية انها حصلت على امتيازات كثيرة كتجنيد عناصرها في الامن والجيش والفصائل الموالية للتحالف، ومنحها حضورا على مستوى المؤسسات ونشاط بعيدا عن الاضواء، وفوق كل هذا كانت تحصل هذه الجماعات المتطرفة على مبالغ مالية تسلمها الامارات كفدى لإطلاق سراح اجانب ناهيك عن الاسلحة التي تسرب عبر مشايخ قبائل متعاونين مع هذه التنظيمات.
بعيدا عن محاربة هذه التنظيمات التي يتشدق التحالف بقتالها، حرص الاخير على تبيض علاقته بتشكيل فصيل عرف بـ”مكافحة الارهاب” وهذا الفصيل الذي يقود عناصره ميدانيا القيادي في الانتقالي يسران المقطري كان يتلقى اوامره من ضباط اماراتيين اشرفوا على تدريب عناصره في قاعدة عصب بأرتيريا من الصفر، لكن لم ينفذ حملة واحدة ضد تنظيما القاعدة التي كانت تنتشر في التواهي أو “داعش” التي سيطرت على المنصورة، بل سجلت عملياته ضد ناشطين وخطباء مساجد مناوئين للإمارات وظل على مدى السنوات الماضية محل اتهامات بتنفيذ عمليات اغتيالات وتصفية لخصوم ابوظبي مما تسبب بالعديد من المشاكل للإمارات التي حاولت تحسين صورتها، لكن بعد فوات الاوان.
اليوم ومنذ اعلانها الانسحاب الصوري من عدن، تحاول الامارات تجديد هوية فصائلها في المدينة، إذ تؤكد المصادر عن توجه لحل فصيل مكافحة الارهاب، الذي احتجزت قائده في ابوظبي واوقفت مرتبات عناصره قبل اشهر وهذا بتصريح ليسران المقطري الذي هدد بعودة الارهاب إلى عدن في حال لم تصرف مستحقات الفصيل وهو بذلك يعترف بوقوف مموليه وراء التلاعب بورقة الارهاب.
اقصاء المقطري طرح العديد من التساؤلات ابرزها من البديل؟
لتأتي الاجابة سريعا ومن مصادر كشفت في وقت سابق عن عملية توطين اماراتية لفريق عمار صالح وكيل الامن القومي في عهد عمه.
هذه واحدة من المؤشرات على اعادة عمار الذي عرف على مدى العقود الماضية بعلاقته بالجماعات المتطرفة، سواء بالاعتقالات والافراج او بتدبير محاولات الفرار لعناصرها من سجون مشددة الحراسة ومشيدة الحصون.
بالنسبة لعمار الذي ظل يتلاعب بملف الارهاب بما يخدم بقاء نظام عمه واجندة الرعاة الدوليين كالولايات المتحدة ، لم تكن هذه المهمة الاولى في عدن، فالتقارير الاعلامية تشير إلى أن الامارات استعانت به العام الماضي لنشر الفوضى ونجحت من خلاله بتدبير عملية الاطاحة بأحمد عبيد بن دغر من رئاسة الحكومة عقب انهيار العلاقة بينهما اضافة للضغط على هادي للعودة إلى الرياض بعد تمسكه بعدن.
نجح عمار في اول مهمة له مستعينا بقادة الجماعات الارهابية الذين التقى بهم في يوليو من العام الماضي، وعلى راسهم زعيم التنظيم في لحج محسن سرور والقيادي عواد الشليم إضافة إلى قيادات من شبوة وابين والبيضاء بحضور مسؤولين امنين سابقين.
قضت الخطة حينها باستقدام عناصر ارهابية ممن تم تدريبهم في معسكر ابوعدس بشبوة ومعسكر الصومعة بالبيضاء وثالث في منطقة العود بابين وكانت الخطة تستهدف صنعاء وعدن لكنها فشلت في الاولى ونجحت في الثانية نتيجة هشاشة الوضع الامني هناك واستمرار تعلق بعض قيادات هادي بعمار صالح.
اعادة تسليم عمار لملف مكافحة الارهاب في الجنوب ، سبقه تسويق امريكي كبير بدء بتسريب وكالة اسوشيتد برس انباء عن قصف سلسلة جبلية تسيطر عليها القاعدة بين شبوة وابين والبيضاء بأكثر من 25 في يوم الخميس قبل الماضي، وما اعقبه من تحذير مؤسسة جيمس تاون الاستخباراتية من عودة التنظيمات المتطرفة إلى المحافظات الجنوبية، وهذه جميعا مؤشرات على أن الجنوب قادم على موجة عنف بدأت ملامحها تتشكل بصورة اغتيالات بلغت في اقل من شهر 15 حالة في عدن لوحدها، وتلك تهدف لخدمة الرعاة القدامى وابرزهم الولايات المتحدة التي بدأت تحركات مريبة تنم عن مساعيها لإنشاء قواعد عسكرية في الجزر اليمنية وابرزها حنيش وسقطرى اضافة إلى الاجندة الاماراتية – السعودية التي فشل الانتقالي في تنفيذها وربما قد ترى هذه الدول في عمار صالح ورقة رابحة بعد تدمير منظومة عمه، على الاقل يكون اكثر ولاء وبراعة بالتلاعب بهذه الادوات.
خليك معنا