الصباح اليمني_ثقافة وهوية|
صفعة خذلان وخيبة أمل تلقتها المرأة اليمنية عقب إعلان أسماء أعضاء المشاركين في المفاوضات السياسية بين حكومتي «الشرعية» و«الإنقاذ»، والتي انطلقت منذ أمس الأول في مدينة ستوكهولم السويدية.
وعلى الرغم من الخلافات العميقة والتباعد الكبير بين «طرفي الصراع» في اليمن، حول أولويات حل الأزمة، فإن الجميع وبحسب مراقبين، «متفقون على تهميش مشاركة المرأة في صنع السلام»، إذ أن «التمثيل الضئيل للمرأة في مشاورات السلام اليمنية مؤشر سلبي للغاية».
وبحسب قائمة المشاركين، فلم تشارك في وفد حكومة «الشرعية» سوى امرأة واحدة من أصل 14 عضواً، وهي رنا غانم الأمين المساعد للتنظيم الناصري، فيما خلت قائمة وفد حكومة «الإنقاذ» الـ 12 من أي اسم نسوي.
وتشير المعلومات المؤكدة، إلى أن «النساء اللاتي وصلن إلى السويد، وعددهن 8 نساء، لم يكن ضمن قائمة المشاركين من وفدي الطرفين، ولكن بصفتهن ضمن المجموعة الاستشارية الخاصة بالمبعوث الأممي إلى جانب ناشطات وصحفيات أخريات».
انتكاسة غير متوقعة
وعلى الرغم من دعوات هيئة الأمم المتحدة لتمكين المرأة، المطالبة بـ«تمثيل المرأة بنسبة لا تقل عن 30 في المئة في وفود المفاوضات، وتوسيع مشاركة المرأة اليمنية في كافة الجهود الرامية إلى إنهاء الصراع في اليمن»، فإن حضور المرأة ظل متواضعاً، ولم تلق تلك الدعوات أي استجابة من قبل طرفي النزاع في اليمن.
وقالت الهيئة في بيان أصدرته أمس اﻷول، إنه «ومن خلال عرض مساهمات المرأة اليمنية المتنوعة في الوساطة المحلية والسلام، فإنها ومع ذلك كله غالباً ما يتم إهمالها وتهميش جهودها باعتبارها ليست ذات أهمية أو لا تتعلق بالسلم والأمن الدوليين».
وأضافت أن «الفشل في الاعتراف الصريح بدور المرأة في حل النزاعات المجتمعية في اليمن وفي المنطقة ككل يؤدي إلى تهميش صوت المرأة اليمنية، وإهمال مهاراتها وخبراتها في حل النزاعات التي يمكن أن تجلبها إلى طاولة المفاوضات على المستويين الوطني والدولي».
يودعا البيان، المجتمع الدولي إلى «الاعتراف بمساهمات المرأة اليمنية في الوساطة المحلية وحل الصراعات ودعمها، وربط مبادرات السلام المجتمعية بعمليات السلام الوطنية وذلك على نحو أفضل».
كما نقل البيان عن محمد الناصري، المدير الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة لتمكين المرأة والمساواة بين الجنسين في الدول العربيةـ تأكيده أن «المرأة في اليمن والمنطقة تتصدر قائمة الأطراف التي تسعى لحل النزاعات و تحقيق السالم وذلك في مجتمعاتهن المحلية».
وقال «يجب ربط هذه الجهود بعمليات صنع السلام على المستوى الوطني بصورة أفضل، إذ أن عدم سماع أصواتهن وتسخير خبراتهن سيجعل السلام بعيد المنال».
مشاركة خجولة
وفي السياق، أكدت الناشطة الحقوقية، سمر العبسي، في حديث، لـ«العربي»، أن «كل المكتسبات الحقوقية والسياسية المهمة التي نجحت المرأة اليمنية في انتزاعها في مؤتمر الحوار الوطني، منيت بانتكاسة كبيرة مع بدأ هذه المفاوضات السياسية، التي خلت من تمثيل المرأة»، موضحة أن «تهميش المرأة اليمنية والتي كان لها دور كبير في السلم والحرب، في هذه المفاوضات يعتبر انتكاسة غير متوقعة».
وأشارت العبسي إلى أن «مشاركة المرأة في مفاوضات السلام الجارية هي مشاركة خجولة وإن كان هناك تمثيل أممي صوري».
من يشعل الحرب لا يصنع السلام
من جهتها اعتبرت الكاتبة والصحافية، أمل علي، تهميش المرأة اليمنية التي تحمل على رأسها الغذاء والدواء عبر السلاسل الجبلية في تعز المحاصرة، والتي تحتضن العائدين من جبهات القتال وتمسح من على جباههم غبار المعارك، في مفاوضات السلام المنعقدة حاليا، في دولة السويد، خطوة في طريق فشل المفاوضات.
وأوضحت في حديثها إلى «العربي»، أن «الأيادي القادرة فعلاً على صنع سلام حقيقي هي تلك الأيادي التي تطبب وتداوي جروح هذه الحروب، أما الأيادي التي تشعل الحرب لن تكون ذاتها التي تصنع السلام»، مؤكدة أنه «لن يكون هناك سلام حقيقي غير بعدالة انتقالية ومعالجة كافة القضايا، ولن يكون هذا إلا بوجود النساء اللواتي ما تزال ذممهن نظيفة وضمائرهن حية ولم تلطخ أيديهن بالدماء والفساد، على عكس الرجال».
وأضافت «إذا كانت هناك نوايا حقيقية في صنع يمن جديد يمن الدولة المدنية والعدالة والمساواة، لا بد من إثبات صدق هذه النوايا في تمثيل النساء في أي عملية سياسية بنسبة 30%، وفق ما تم التوافق عليه في الحوار الوطني وما نص عليه القرار الأممي».
أصوات مغيبة
المشاركة المحدودة للمرأة اليمنية، في المشاورات الجارية بالسويد دفعت «مبادرة مسار السلام» النسوية لإرسال وفد نسوي مكون من أربع نساء، بدعم من «اتحاد النساء الدولي للسلام والحرية» (منظمة غير حكومية لها فروع في 37 دولة في أنحاء العالم) للمشاركة على هامش المفاوضات «لينقلن رسائل الأصوات المغيبة».
وبحسب بيان صادر عن «مبادرة مسار السلام»، نشر على حسابها في «تويتر»، فإن «4 من نساء المهجر اللواتي شاركن مؤخراً في اللقاء التشاوري لمبادرة مسار السلام مع نساء من داخل اليمن يشاركن في مفاوضات السلام بالسويد، لنقل رسائل النساء المغيبة».
وبحسب تقارير دولية فإن «اليمن تعتبر من أسوأ الدول معيشة للمرأة، على صعيد حقوق التعليم والاقتصاد والسياسة والصحة».
يذكر أن اليمن احتل المركز الأخير على مدى السنوات الماضية في مؤشرات المساواة.
المصدر: مفيد الغيلاني _ العربي
خليك معنا