الصباح اليمني_مساحة حرة|
تناولنا في موضوع الأسبوع الماضي، وقف الحرب، وتطرقنا إلى بعض شروط وقف تلك الحرب. واليوم نتناول الموضوع من زاوية المستجدات التي خلقتها تقاربات النقائص في الشمال والجنوب لهدف واحد هو تقويض شرعية الرئيس هادي، القائمة على المبادرة الخليجية المنتجة لنتائج الحوار الوطني وللقرار الأممي 2216.
عندما تزداد وتيرة التسريبات، فاعلم أن هناك طبخة يراد تمريرها وأن تلك الطبخة تمر بمرحلة العرض والقبول أي أنها في مرحلة جس النبض ومتابعة ردود الأفعال حولها.
وعندما يتقارب حزب كحزب «الإصلاح» في اليمن وأدوات دولة الإمارات في عدن على خلفية اللقاءات التي تمت بين قيادات الحزب والقيادة الإماراتية في بداية هذا الشهر نوفمبر2018م، فإن البلد ستكون على موعد مع خطاب جديد يخالف خطاب 7 يوليو 2017م، الذي شهدته ساحة شارع الشهيد مدرم في المعلا، محافظة عدن، والذي قاد إلى حظر نشاط وعمل حزب «تجمع الإصلاح» إلى جانب جماعات «القاعدة» وتنظيم «الدولة» في عدن والجنوب، والذي أصدرته الإمارات ونفذته أدواتها في عدن، حين كان «الإصلاح» في نظر الإمارات يشكل امتدادا لحركة «الإخوان المسلمين».
عندما يتقارب حزب كحزب «الإصلاح» وأدوات دولة الإمارات فإن البلد ستكون على موعد مع خطاب جديد يخالف خطاب 7 يوليو 2017م
اليوم، نتابع تبشيرات المبشرين بميلاد ائتلاف يمني يخرج من أبوظبي يقبع على رأسه خليفة المخلوع أحمد علي عبدالله صالح، وتنوبه (أي شخصية سياسية جنوبية) مازالت التواصلات مستمرة بهذا الصدد لإقناع أحدها لقبول الموقع وتشارك في هذا الائتلاف أدوات الإمارات في الشمال والجنوب قديمها وقادمها هذه التبشيرات تحاول استغلال بعض الثغرات في الحلول المقترحة المطروحة حالياً لوقف الحرب من قبل المبعوث الدولي، والتي أشرنا إليها في مقالنا الأسبوع الماضي وتوظيفها لخدمة أهداف حزبية وعقدية ومناطقية.
والواضح أن صراع أجنحة مكتب الرئيس اليمني هادي، كانت لها اليد الطولى في خلق متغيرات كثيرة أهمها التقارب الإماراتي مع حزب «الإصلاح»، وهو ما ظهر حتى اللحظة ونتوقع أن تظهر تقاربات أخرى لاجنحة أخرى مع الإمارات يجمعها هدف واحد هو تقويض تلك الشرعية والذهاب إما إلى خلق البديل للرئيس هادي، أو العودة باليمن عامة إلى المربع رقم واحد وإنهاء الحرب على أساس أن حرب السنوات الأربع لم تندلع من الأساس ولم تكن لها مخلفات من القتلى والجرحى والمشردين، ولم تنتج دماراً وانقسامات عادت باليمن سياسياً واقتصادياً واجتماعياً إلى ما قبل عقود من الزمن تجاوزها.
ما يجعلنا على درجة من القناعة بأن النقائص المتسببة في عذابات الشعب اليمني الشمالي كان أو الجنوبي تتقارب لأهداف تخدم توجهات وأطماع تلك النقائص، هو أن تلك التسريبات والتبشيرات تأتي من أطراف متعددة «حوثية» و«إصلاحية» و«عفاشية» وجنوبية مرتهنة والأتباع المتفرقين وهو الأمر الذي يؤكد أن الحلول القادمة إذا لم يتم إعادة النظر فيها فإنها لن تكون سوى عملية ترحيل للقضايا إلى صراع آخر قادم وهو ما يؤسس لعودة الاطراف المتسببة في اندلاع حرب اليمن إلى واجهة المشهد السياسي، ولا يخدم بالقطع الشعب في اليمن الشمالي والجنوبي.
حصاد الإنجاز اليمني من كل ذلك هو عودة أطراف الحكم قبل الحرب إلى مواقعها
وفي معمعة القفز من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار والعكس في صراع فجّرته (عائلة) ودفعت ثمنه أمة كاملة، نطالع إنجازات الثورة الجنوبية التي حولها البعض الجنوبي إلى (دابة) تركبها الكثير من الأطراف إقليمياً ومحلياً وتتعامل معها تحت الآية (سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا إلى ربنا لمنقلبون).
تلك الإنجازات التي حاربت الحراك الجنوبي السلمي المعترف به دوليا بالقرار الاممي 2140، واستنسخت أدوات لايتعدى دورها دور حمالة الحطب، ونقرأ أيضا أن تلك الأدوات المستنسخة قد نجحت بالمال والإغراءات فقط في إظهار شعار وهدف التحرير والاستقلال واستعادة الدولة في الخطاب الموجه لاتباعها بينما تناست وتجاوزت واغفلت ذلك الشعار وذلك الهدف في الغرف المغلقة.
أما حصاد الإنجاز اليمني من كل ذلك، فهو عودة أطراف الحكم قبل الحرب إلى مواقعها «عفاشها» و«إصلاحها» كأطراف حاكمة مع تغيير بسيط وهو استبدال أدوات جنوبية سابقة بأدوات جنوبية جديدة وقبول عضو جديد في مؤسسة الحكم يتمثل بـ«الحركة الانقلابية الأسرية الحوثية».
ختاماً
لسنا ضد وقف الحرب في اليمن لأننا من المنادين بوقفها منذ وقت مبكر، ولكننا ندرك أن وقف الحرب لن يحل مشكلة اليمن طالما واعتمد بقاء نفس الوجوه ونفس الأطراف في واجهة المشهد، وطالما جاءت تلك الحلول لتتجاوز الضحايا والدمار الذي الم بالبلاد والعباد وطالما لم توضع حلولاً للقضايا التي تسببت في اندلاع تلك الحرب من الأساس.
عبدالكريم السعدي – العربي
خليك معنا