الصباح اليمني_موقف|
تصاعدت حدة الغضب الشعبي في محافظة شبوة جرّاء استمرار قوات ما يسمى بـ«النخبة الشبوانية» التابعة لدولة الإمارات، في حملات الاعتقال والإخفاء القسري التي طالت عدداً من النشطاء والمواطنين بطرق تعسفية من منطلق القوة والغلبة التي تفرضها على مدينة عتق، مركز المحافظة، وعدد من المديريات لأسباب مجهولة وغير معروفة.
نشطاء وتربويون
وأحدث قيام قوات «النخبة» باعتقال التربوي ناصر الآسي، وكيل ثانوية «حنيشان النموذجية» بمدينة عتق، وأمين عام مؤسسة «ضمير» للحقوق والحريات، موجة غضب شعبية بعيد أيام من إطلاق سراحه.
وتأتي عملية الاعتقال بعد قيام الآسي بنشر بيان وضح فيه طريقة اعتقاله السابقة على يد قوات «النخبة» والانتهاكات التي عاناها وكيفية طريقة التحقيق معه من قبل ضباط في قوات النخبة الشبوانية، حسب ما أفاد به مصدر مقرّب منه، في محاولة لثنيه عن التطرق لهذه الانتهاكات وتكميم الأفواه الرافضة لتواجدهم في المحافظة وسيطرتهم على منافذها المائية وموانئها وحقول الغاز والنفط والمواقع العسكرية ومرافق الدولة وغيرها.
أئمة المساجد
وأكدت مصادر مطلعة مباشرة قوات «النخبة» قبل عدة أيام، باعتقال مدرس تربوي بمنطقة المصينعة ويدعى رشاد الخديري، من أمام منزله.
والخديري من أبناء محافظة تعز، انتقل إلى منطقة المصينعة قبل 20 سنة، ويعمل مدرّساً بمدرسة المصينعة بمادتي القرآن الكريم والتربية الإسلامية، وإمام وخطيب أحد الجوامع وينتمي إلى حزب «الإصلاح»
وقال الناشط صالح عمر لـ«العربي» إن «النخبة دأبت للتبرير عقب كل عملية اعتقال تقوم بها بمبررات واهية، منها شماعة مطاردتها لعناصر تنظيم القاعدة أو الخلايا الإرهابية».
مناشدات لا صدى لها
وأطلقت منظمات مجتمعية وقبلية وجهات تربوية وحقوقية مناشدات عاجلة لقيادة النخبة الشبوانية بطلب سرعة الإفراج عن الآسي، وكافة المعتقلين من أبناء محافظة شبوة، والكف عن الممارسات غير القانونية بحق المدنيين، غير أن تلك المناشدات، بحسب الناشط للحقوقي عدنان الفهيد في حديثه مع «العربي»، «لم تجد سامعا لها من قبل النخبة ومموليها وهو ما أثار سخط الشارع في شبوة».
وأضاف الفهيد أن «ما تقوم به النخبة من ممارسات وانتهاكات بحق أبناء شبوة واعتقالهم وإخفاء ناشطيهم وتربوييهم والسيطرة على موانئهم ومرافقهم وحقول النفط والغاز، يستدعي الوقوف صفا واحدا لوضع حد لهذه التصرفات الخرقاء التي لن يطول أمامها صبر أبناء شبوة».
دعوة للتضامن
وفي بيان حصل «العربي» على نسخة منه، دعت مؤسسة «ضمير» للحقوق والحريات بمحافظة شبوة قيادة «النخبة الشبوانية» للإفراج السريع عن أمينها العام ناصر الآسي الذي اختطف من وسط مدينة عتق.
ولفتت المؤسسة إلى أن «عمليات الاختطافات والإخفاءت القسرية تعد من أبرز الانتهاكات في حقوق الإنسان»، مطالبة المؤسسات والمنظمات الحقوقية بـ«إدانة مثل هذه التصرفات التي تقوض عمل المؤسسات الحقوقية في المحافظة».
لا إحصائية
وفي تصريح خاص لـ«العربي»، قال ناصر الخليفي، رئيس مؤسسة «ضمير» للحقوق والحريات بمحافظة شبوة إن «المنظمة سجلت حالات تعرضت للاعتقال والإخفاء القسري على يد النخبة إلا أنه لا توجد لديهم إحصائية دقيقة»،
موضحا «أن أغلب المخفيين يظهرون وتعرف أماكن احتجازهم وتتولى المنظمة الدفاع عنهم».
سوابق
ومنذ سيطرة قوات «النخبة الشبوانية» على محافظة شبوة في نوفمبر من العام الماضي، شهدت المحافظة موجة من الاعتقالات والممارسات التعسفية بحق أبناء المحافظة، ويؤكد الإعلامي عبدالناصر أحمد، في حديث له مع «العربي» أن «تعسفات النخبة وصلت حد اعتقال رجال أمن ومواطنين ومنع سياسيين وتهديد وإرهاب الحقوقيين والسياسيين وغيرهم تحت حجج شتى في محاولة عدها مراقبون تهدف إلى ترهيب المجتمع الرافض للتواجد الإماراتي الذي ينتهج سياسات استعمارية قمعية».
سجون سرية
وكان عدد من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية قد حذرت من انتشار سجون سرية تابعة لـ«النخبة الشبوانية» في محافظة شبوة تمارس فيها انتهاكات جسيمة بحق ضحاياها.
وقالت منظمة «العفو الدولية» في تقرير لها أصدرته منتصف العام الجاري، إن «العدالة لا تزال بعيدة المنال بعد الكشف عن شبكة من السجون السرية في جنوب اليمن».
ويوثق التقرير الانتهاكات الصارخة التي تُرتكب بشكل ممنهج بلا محاسبة ضد الأبرياء، بما في ذلك ممارسات الاختفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة التي تصل إلى مصاف جرائم الحرب.
ويورد التقرير المعنون «الله وحده أعلم إذا كان على قيد الحياة»، وصفًا لاختفاء عشرات الرجال قسراً عقب اعتقالهم واحتجازهم تعسفياً على أيدي قوات الإمارات العربية المتحدة وعملائها اليمنيين التي تعمل خارج نطاق سيطرة حكومة بلادها، حيث تعرض الكثير منهم للتعذيب، ويُخشى من أن بعضهم قد توفي في الحجز.
احتجاجات قبلية
وفي شهر إبريل الماضي عقد أبناء قبائل ميفعة بمحافظة شبوة اجتماعاً قبلياً موسعاً استجابة لدعوة العاقل باقطمي التي وجهها لمناقشة انتهاكات «النخبة الشبوانية» بحق أبناء ميفعة التابعة لمحافظة شبوة، وخلصوا إلى الرفض القاطع لكل ممارست «النخبة» والإمارات في المحافظة.
ورغم محاولات المنع والتخويف التي قامت بها قوات «النخبة الشبوانية»، لإفشال اللقاء بعيد وصول آليات من «النخبة» من محافظة حضرموت تابعة للواء بارشيد، التي يشكل أبناء الضالع غالبية منتسبيها، إلى مديرية ميفعة لمحاولة إرهاب المواطنين وإفشال الاجتماع بالتزامن مع تحليق للطيران العسكري الإماراتي في سماء المديرية بشكل منخفض، خرج أبناء ميفعة للحضور والمشاركة في الاجتماع القبلي، وأكدوا وحدة الصف والتصدي للانتهاكات الإماراتية في صورة تجسد مدى الرفض الشعبي المتزايد للانتهاكات المستمرة لقوات «النخبة الشبوانية» المدعومة من الإمارات بحق أبناء المحافظة.
تحقيق دولي
وأجرت منظمة «العفو الدولية» تحقيقاً يتعلق بتفاصيل 51 حالة لرجال تم احتجازهم على أيدي تلك القوات خلال الفترة ما بين شهر مارس 2016 ومايو 2018 في محافظات عدن ولحج وأبيَن وحضرموت وشبوة.
وتخلل معظمها حصول حالات اختفاء قسري، حيث لا يزال 19 رجلاً منهم مفقودين حتى الآن، كما وأجرت المنظمة مقابلات مع 75 شخصاً بينهم محتجزون سابقون، وأقارب المفقودين، وناشطون، ومسؤولون في الحكومة.
العربي
خليك معنا