الصباح اليمني_موقف|
حتى هذه اللحظة لا تُقنع الرواية السعودية الرسمية حول مصير جمال خاشقجي حتى المغفلين في العالم، والحديث عن مؤامرات حيكت للإيقاع بالسعودية بات حجة “المُفلس” كما يقولون.
المتابع لاتجاهات العام العالمي سيرى بوضوح أن أصابع الاتهام موجهة وبقوة إلى وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي بات يخوض معركة بقاء سياسي في ظل الاشمئزاز الدولي من حادثة جمال خاشقجي.
فخزائن الأرض التي فتحها وليّ العهد لصفقات الرئيس ترامب لا يبدو أنها قادرة على شراء الضمير الإنساني.
اللافت أن الرئيس دونالد ترامب – أكثر المتحمسين لولي العهد السعودي – يشعر بالحرج، فهناك حالة من الاستياء العام بالولايات المتحدة يرافقها اتهام ضمني للرئيس ترامب وكأنه هو من منح رخصة لوليّ العهد السعودي للقيام بانتهاكات مرعبة لحقوق الإنسان.
وحاول الرئيس ترامب جاهدا أن يخاطب الرأي العام الأمريكي ليذكره بأن العلاقة بالسعودية مثمرة اقتصاديا وتعود بالنفع على الشعب الأمريكي.
بمعنى أن ترامب يحاول بشكل غير مباشر تقديم رشاوى للشعب على أمل ألا تلقي حادثة خاشقجي بظلالها على الانتخابات النصفية المزمع عقدها في الشهر القادم.
المتابع لتغريدات كبار المفكرين الأمريكان يلاحظ عدم ارتياحهم الشديد من القيادة السعودية، والصحف الأمريكية تعج بالمقالات التي تنتقد ممارسات السعودية وانتهاكات حقوق الإنسان.
لكن لم نشهد مثل هذه الحالة من الغضب كما نشهد الآن بسبب حادثة جمال خاشقجي، وما مطالبات بعض أعضاء مجلس الشيوخ وأعضاء مجلس النواب بفرض عقوبات على الرياض بالأمر العادي.
فهي تمثل حالة من الاستياء الشديد، وذات الأمر ينطبق على العديد من المؤسسات التي تعلن الواحدة تلو الأخرى انسحابها من العلاقة الاستثمارية مع السعودية.
في الولايات المتحدة كما في أي مكان آخر بالعالم، الجميع يريد إجابة من وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان!
فهو الشخص الذي راهن عليه الرئيس ترامب وحاول تقديمه كقائد إصلاحي سيقود السعودية على درب الحداثة، لكن بات واضحا الآن أن “المعجبين” بوليّ العهد السعودي يتناقصون ولا يجرؤون مجرد الدفاع عنه كما كان يحدث في السابق.
فهذا توماس فريدمان من صحيفة نيويورك تايمز يتخلى عنه بعد أن كتب عنه في السابق واصفا ما يقوم به محمد بن سلمان بالربيع العربي.
في حال عدم التوصل إلى صفقة تحقق التوافق بين تركيا والسعودية والإدارة الأمريكية، فلا أحد يعلم علم اليقين إلى أي حد يمكن أن تتطور فيه الأمور، صحيح أن الولايات المتحدة تقدم مصالحها الاقتصادية على حقوق الإنسان.
لكن أيضا إثبات مسؤولية السعودية في حادثة جمال خاشقجي سترفع الكلفة الأخلاقية والسياسية لكل من يريد أن يستمر في علاقة مع قيادة سعودية على رأسها محمد بن سلمان.
لم يتوقع أحد أن تصل الأمور إلى هذه الدرجة، بيد أن سنوات التنمر والطيش للقيادة السعودية شارفت على النهاية!
في هذا السياق ربما على الحكماء في الدولة السعودية النظر في أمر ولاية العهد بعد أن ثبت للقاصي والداني بأن السعودية لم تعان في يوم من الأيام مثلما تعانيه في ظل السيطرة المطلقة لوليّ العهد السعودية على مقاليد السلطة.
ومن دون الدخول في تفاصيل الفشل الذريع للدبلوماسية السعودية وللإعلام السعودي في تقديم رواية مقنعة، نقول إن طوق النجاة يكمن في الداخل.
وينبغي على الرياض أن تعيد حساباتها في علاقاتها الخارجية وحروبها الخاسرة وفي علاقتها مع المواطنين السعوديين، وهذا لن يتم في حال استمرار القيادة الحالية التي ومنذ عام 2014 تقود السعودية من إخفاق لآخر.
* د. حسن البراري أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأردنية
المصدر : الشرق القطرية
خليك معنا