الصباح اليمني_قراءات|
لم يعد يمرّ يوم من دون خبر أو تقرير في وسيلة إعلام عالمية أو عربية يكشف عن مستوى جديد من الهبوط في السياسة التي تتبعها سلطات دول الحصار!
سواء في صراعها المتهافت مع قطر، أو فيما يخص القضية الفلسطينية، أو في تدخّلاتها الإقليمية والعالمية، أو في إجراءاتها وقراراتها الداخلية، أو في أشكال تآمرها الأمنيّ والتجسسي على خصومها وحلفائها معا، أو حتى في صفقاتها التي تخص اليخوت واللوحات والقصور.
فبعد كشف صحيفة «اندبندنت» البريطانية الوقائع الغريبة التي تحيط بقضية قيام ممثل مغمور من سيراليون وشركة مجهولة تديرها فرنسيّة تقيم في لندن بمحاولة فاشلة لتوظيف ممثلين للمشاركة في مظاهرة خلال زيارة أمير قطر تميم بن حمد إلى لندن في أيار/مايو الماضي، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية قصّة أكثر غرابة وهبوطا نحو درك جديد من الهبوط يتمثّل باستخدام أبو ظبي برامج تجسس إسرائيلية ضد شخصيات سياسية منها، مجددا، أمير قطر، كما كان بينها شخصيات سعودية كالأمير السعودي متعب بن عبد الله، ولبنانية، كرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري.
في اليوم نفسه كشفت وسائل الإعلام عن اعتزام المدعي العام السويسري مقاضاة رئيس مجلس الدولة بيار موديه لقبوله هدية من ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، وطلبه رفع الحصانة عنه تمهيدا لمحاكمته للاشتباه في أنه كذب بشأن الظروف المالية لرحلته إلى أبو ظبي عام 2015، ولو أدين المسؤول السويسري فقد يواجه حكما بالسجن 3 سنوات.
الخلفيّة المستخلصة من هذه القصص أن دول الحصار لا توفّر أسلوباً ملتوياً في السياسة والأمن والمال لا تستخدمه، فيما تكشف الواقعتان الأخيرتان أن الإمارات لعبت دوراً أساسياً في سيناريو توريث وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان وما تبعه من أحداث، وأن قدرتها على الإفساد السياسي والمالي فاضت عن دائرتها الإقليمية والعربية وانساحت في أرجاء العالم الواسعة.
هناك فوق ذلك نوع من «وحدة الحال» و«الحميمية» الشديدة بين هذه الدول وإسرائيل، ولا يقتصر الأمر على استخدام «براغماتي» للقدرات الأمنيّة التي تميّز شركات التجسس الإسرائيلية بل يصل إلى تنسيق لا يمكننا ألا نتلمّس آثاره فيما يحصل في فلسطين والمنطقة العربية عموما.
من الأمور المثيرة حقّا (مع أننا قاربنا أن نفقد قدرتنا على الاندهاش) أن تقوم إحدى الصحف الناطقة بالانكليزية والمحسوبة على إحدى هذه الدول بشكاية قطر إلى الرئيس الأمريكي وإسرائيل بدعوى أن قناة «الجزيرة» تعادي ترامب وتدعو لإسقاطه كما أنها لا توفّر في خصومتها وعدائها إسرائيل، وتستخدم في إثبات ذلك تغريدات للمندوب الأمريكي جيسون غرينبلات وأشخاص محسوبين على اللوبي الصهيوني في أمريكا!
تكشف هذه الوقائع، وغيرها قبلها كثير، أيضاً عن مسارب كثيرة تربط هذا النزوع لتجاوز المحرّمات في كسر أي علاقة بين السياسة والقوانين العالمية المعروفة، أو حتى بالمبادئ الإنسانية العامّة والأخلاق، وعن هوس كبير بالنفوذ الواسع الذي يمكن تحصيله من إشراع أبواب المال والفساد، فمن الذي سيحاسب هذه الطغم على أفعالها، ومن يمكنه أن يقول لها توقّفي عن الهبوط؟
المصدر:القدس العربي
خليك معنا