الصباح اليمني_قراءات|
تتميز دول العربية الخليجية باحتضانها أعدادا كبيرة من العمالة الوافدة، لا سيما تلك القادمة من القارة الآسيوية؛ ما يُعَدُّ أمرًا لافتًا في هذا الزمن؛ الذي يشهد فرض بعض الدول –لا سيما الأوروبية- قيودًا على دخول ما يُعرف بالمهاجرين الاقتصاديين.
ولعل من أعقد الملفات التي تواجه المجتمع الخليجي في الجانب الاجتماعي هي الأضرار التي تنتج عن المعاملة اللا إنسانية التي تتصرف بها الكثير من العائلات الخليجية تجاه العمالة الوافدة خصوصا الخادمات المستقدمات من مختلف أنحاء العالم نتيجة لتصادم الثقافات المختلفة، وعادات متنوعة لا تتفق مع واقع المجتمع الخليجي.
وقد سجلت المحاكم الجنائية عدة حالات اعتداء ضد الأطفال، تنوعت بين الإحراق والإغراق والضرب، وكان السبب الرئيسي وفقاً للتحقيقات سوء معاملة الأهالي للخادمات مما دفعهن للانتقام من الأطفال.
الدول الخليجية وجدت نفسها فجأة انها مضطرة لجلب تلك العمالة بسبب الطفرة الاقتصادية التي غيرت كل شيء في واقع الدول العربية في الخليج الفارسي، ابتداءاً من نمط الحياة ومروراً بالسلوكيات التي ترتبط بشكل وثيق بالأسباب.
هذا وان هذه الظاهرة المتماشية مع ظروف إراءة الخدمات المجتمع الخليجي تسببت بروز جرائم مفزعة، ارتبطت بالخادمات باختلاف جنسياتهن، وعلى الرغم من انتشار تلك الجرائم لم تتمكن الحكومات العربية من أن توقف تلك الجرائم، أو على الأقل تخفف من آثارها المدمرة.
قصص من واقع حياة بعض الأسر الخليجية نتيجة جلب خادمات إلى المنزل
الانتهاكات التي لا يفصح عنها كثير من أفراد المجتمع الخليجي هي الانتهاكات التي تقع على الخادمات أنفسهن من قبل الأسر التي تقوم باستقدامهن، وتتنوع تلك الانتهاكات بين الإجبار على العمل الشاق، أو الضرب، والإهانة، أو الاعتداء اللفظي والجسدي والجنسي.
وأمام ذلك الواقع الصعب الذي تواجهه كثير من الخادمات لا يبقى لهن خيار سوى الصبر أو الانتقام، بالنسبة للصبر ليس من السهل على كثير من الخادمات بسبب الظروف الصعبة التي تفرضها بعض الأسر عليهن، أو الحرمان من الحقوق كما حدث مع أحد العاملات السيرلانكيات، والتي خُطِفَت أثناء استقدامها من قبل سيدة خليجية، أرغمتها على العمل معها لمدة ثلاث سنوات دون أجر، ومنعتها من التواصل مع أهلها أو العودة إلى بلدها.
لكنها بعد عدة محاولات تمكنت من الفرار إلى سفارة بلدها وهناك أبلغت عن السيدة التي اختطفتها ولم تعطها حقوقها لمدة ثلاث سنوات، بلغت مستحقات الخادمة خلالها (22600) ريال.
وتضم سجلات محاكم الخدم قصص مأساوية مثل قصة العاملة الأسيوية التي تعرضت لأذى مخدومتها الخليجية لأكثر من ستة أشهر، تحملت خلالها الإهانة والضرب بقضيب معدني وعصا خشبية في مختلف أنحاء الجسم، أودت بها إلى غيبوبة وكسور متفرقة في أنحاء الجسم اضطرتها للمكوث لشهرين ونصف حتى تبرأ من جروحها.
وبفتح التحقيق مع تلك السيدة الخليجية أوضحت أنها أقدمت على ذلك حتى تدفع الخادمة للعمل، لأنها في بداية قدومها كانت تعمل بشكل جيد، لكنها بمرو الوقت لم تعد تعمل بشكل جيد، ما أضطر تلك السيدة لاستخدام العنف حتى تجبرها على العمل بشكل جيد، ولا يتسع المجال هنا لذكر كل تلك القصص المأساوية التي عانتها الخادمات لكن استخدمنا النماذج السابقة للتعرف على سبب العنف الذي نتج من الخادمات.
في أحد الشهور،كانت السعودية على موعد مع جريمة قاسية ارتكبتها عاملة مغربية (مسلمة) تبلغ من العمر 55 عاماً، إذ أقدمت على قتل مخدومتها التي تبلغ من العمر 65 عاماً وابنتها التي تبلغ من العمر 34 عاماً.
ووفق التحقيقات اعترفت الخادمة بأنها بدأت بضرب الابنة بالساطور في منطقة الرأس، وعند تدخل الأم انهالت عليها بالضرب إلى أن فارقتا الحياة.
بالطبع هذه الجريمة ليست أول ولا آخر جريمة يرتكبها المستخدمون في الدول الخليجية، فعلى مدار العقود السابقة سجلت المحاكم الجنائية العديد من الجرائم التي ارتكبها الخدم، وعلى رأسها جرائم القتل، وتعذيب الأطفال، والضرب المبرح، والصراخ والتهديد، والتحرش، وقسوة المعاملة والعنف.
إضافة إلى جرائم أخرى أقل وطأة كالسرقة وخيانة الأمانة، والإهمال والإتلاف، والهروب، واستغلال المنزل وإدخال الغرباء إلى المنزل، وأمام هذه الجرائم التي تقوم بها الخادمات ينبغي السؤال حول ما هي الجرائم التي ارتكبت في حق الخدم قبل أن يرتكبوا مثل تلك الجرائم؟!
أسرة خليجية قدمت ببلاغ إلى مركز شرطة عن خادمتها التي حاولت تسميم أحد أطفال العائلة، والذي يبلغ من العمر 11 عام ويدرس في الصف الرابع.
ولحسن الحظ تنبه الطفل للون اللبن المتغير وأخبر والدته، وعندما تم الابلاغ عنها تم استجوابها وأفصحت عن السبب الذي دفعها لتفعل ذلك، وهو أن هذا الطفل هو أكثر شخص يتعبها واعتاد على ضربها، لذا حاولت التخلص منه.
العمالة المنزلية مشكلة أسرية تحولت الى معضل إجتماعي
وأشارت دراسة خليجية رسمية إلى وجود أكثر من مليونين من خادمات المنازل في دول الخليج الفارسي يمارسن أعمالهن بدون غطاء قانوني ويواجهن مشكلات متعددة في مقدمتها سوء المعاملة والانتهاكات الجنسية، إضافة إلى عدم دفع الرواتب أو التأخر في دفعها.
وأكدت الدراسة أن الضرب من قبل المخدوم وعدم مراعاة إنسانية الخدم، إضافة إلى التحرشات الجنسية وهتك العرض تأتي في مقدمة المشاكل التي تواجهها الخادمات، ومن المشاكل الأخرى عدم إعطاء الخادمات وقتا كافيا للراحة، إضافة إلى عدم التكيف مع عادات المجتمعات العربية وتقاليدها.
كما تجدر الإشارة إلى أن السبب الرئيسي في استقدام الخادمات هو بسبب خروج المراة الخليجية للعمل، إضافة إلى نمط الحياة الذي تغير عقب ظهور النفط مما فرض على المجتمع الخليجي سلوكيات جديدة، وأنماط حياة تستوجب استحضار خادمة كما تشير بعض الأسر الخليجية.
وأمام الواقع المترف الذي تعيشه الأسرة الخليجية تصطدم معظم العاملات القادمات من ثقافات مختلفة، ومن تجارب معاناة الفقر، وبسبب الضغوط التي تواجهها كثير من الخادمات، إضافة إلى التعامل غير الإنساني الذي يواجهنه من قبل كثير من الأسر الخليجية تنتشر ثقافة العنف عند الخادمات، ومشاكل الهروب وغيرها من المشاكل التي تواجه الأسر الخليجية التي تستقدم الخادمات.
يرى مالك أحد مكاتب الاستقدام أن السبب الرئيسي الذي يدفع الخادمات للهروب يكمن في أن الأسر تجهل الأسس والقواعد الصحيحة في التعامل مع الخادمات، بمعنى أن الحسنى في التعامل معهن هو الأفضل لأنهن قادمات من مجتمعات بسيطة وريفية وبالتالي حجم تفكيرهن يكون بسيطا جدا، ويكمن الخوف فيما يمكن أن يقدم عليه الخادم إذا ما شعر بالضيق أو سوء المعاملة.
وبملاحظة الواقع نرى ازدياد عدد الجرائم نتيجة لغياب ثقافة التعامل بالحسنى، ويشير إلى أن من العوامل التي ستقلل من نسبة هروب الخدم اتخاذ بعض الإجراءات ومنها توطين المهنة بالدرجة الأولى لأن هناك مكاتب تعمل بطرق غير قانونية وتتخذ المهنة تجارة خالية من أي جوانب إنسانية ويدير هذه المحلات أجانب، أو بالمعنى الأصح يملكها أجانب لا يلتزمون بالقوانين الوطنية.
اطفال تحت رعاية الخادمات
تعلق ناشطة إماراتية على ازدياد عدد الجرائم بأنه نتيجة لعدم الاهتمام بالمشكلة، وتؤكد في الوقت نفسه ضرورة اعتناء الأمهات بأطفالهن خصوصاً في سن ما قبل المدرسة، لما للخادمات من تاثير مدمر على هوية الأطفال في ذلك السن، وتؤكد أن اتخاذ القرار صعب.
لكن على الأمهات الموازنة بين أولوياتهن، فالاطفال أولوية قبل العمل، وتركهم للخادمات لن يدمر الأسرة وحسب بل سيدمر كفاءات الوطن بمرور الوقت، وتشير إلى أن الاكتفاء بعرض الجرائم في وسائل الإعلام لم يعد كافياً، كما أن سن القوانين لا يكفي إذ أن معظمها لا يطبق.
لذا ينبغي حل إشكالية تربية الأطفال بتعهدهم في حضانات حكومية تشرف عليها نساء يتم اختيارهن وفق معايير محددة، ويفضل أن تكون من الطاقات الوطنية حتى يتم تنشئة الاجيال بشكل سليم.
من جانبها تقترح محامية كويتية ضرورة حل إشكالية الخدم، ومنع تعرضهم للعنف من خلال تشريع قانوني ينظم العمالة المنزلية، إضافة إلى فتح مرتكز إيواء للعاملين في حال تعرضوا لأذى، وحمايتهم من أي عنف ، واستحداث إدارات تحل مشاكلهم، وتحفظ حقوقهم.
إذ ان تجريم طرف الخدم لن يحل الإشكالية، بل ينبغي رؤية المشكلة وأسبابها وواقائعها ونتائجها ثم الشروع في حلها حتى لا تكون أثارها مدمرة في المستقبل.
الإنترنت..السوق السوداء لشراء العمالة !
كانت العمالة المهاجرة في الدول الخليجية لوقت طويل مثارا للجدل، والآن خلق النظام الذي يدير هذا القطاع سوقا سوداء للعمالة المنزلية التي تُشترى وتُباع على شبكة الإنترنت.
لكن على الأمهات الموازنة بين أولوياتهن، فالاطفال أولوية قبل العمل، وتركهم للخادمات لن يدمر الأسرة وحسب بل سيدمر كفاءات الوطن بمرور الوقت، وتشير إلى أن الاكتفاء بعرض الجرائم في وسائل الإعلام لم يعد كافياً، كما أن سن القوانين لا يكفي إذ أن معظمها لا يطبق.
ومن هذه الرسائل:
“أبحث عن خادمة ممن يحملن تأشيرة زيارة أو سياحية للعمل والعيش في مكان عملها كخادمة.”
أحتاج على وجه السرعة إلى خادمة تعمل حتى على أساس شهري لمدة شهر أو شهرين أو ثلاثة أشهر.”
“أبحث عن خادمة منزلية هندية أو فلبينية لرعاية رضيع عمره شهران.”
وعلى الرغم من تحذير مشرفي المجموعات المستخدمين من انتهاك القوانين، باتت الرسائل مدخلا لسوق سوداء تشهد ازدهارا على شبكة الإنترنت، والتي أسفرت في أحيان كثيرا عن إجراء تحقيقات ومحاكمات.
ففي السعودية، ككثير من دول الخليج الفارسي، يمكن للعمال من الدول الآسيوية والأفريقية الحصول على تأشيرة ضمن ضوابط نظام الكفيل. ويربط هذا النظام المهاجرين، الذين يعملون عادة ويعيشون في مكان عملهم، بأرباب العمل خلال فترة إقامتهم.
وتجرى غالبية إجراءات العمل من خلال وكالات توظيف رسمية، غير أن السوق السوداء التي ازدهرت على مواقع التواصل الاجتماعي سمحت لبعض الموظفين والعمال الالتفاف على النظام القانوني.
وتقول فاني ساراسواثي، من منظمة “حقوق المهاجرين”، وهي منظمة حقوقية مقرها قطر: “السبب الرئيس الذي يجعل التوظيف عبر وسائل التواصل جذابا لأرباب العمل هو أن التوظيف عبر الوكالات الرسمية يمكن أن يكون باهظ الثمن للغاية.”
وأضافت: “خلال فترة العقد، يتعين عليك دفع ما بين 2500 إلى 5000 دولار… إما إذا ذهبت إلى مواقع التواصل الاجتماعي، فلن تدفع أيا من هذا.”
ويمكن كذلك للعمال الاستفادة، وقالت إحدى الناشطات السعوديات:”إن الخادمات أيضا يمكنهن مضاعفة أجرهن إذا عثرن على رب عمل بصورة غير قانونية على الإنترنت. فرب العمل في السوق السوداء، الذي يُعفى من دفع أي رسوم باهظة لوكالات التوظيف، يمكن أن يتحمل تقديم عرض سخي للعماله.
وأضافت الناشطة: “للأسف، مواقع التواصل الاجتماعي جعلت من الصعب للغاية على الأسر العاملة الحصول على المساعدة بطريقة قانونية.”
وهناك العشرات من المجموعات على فيسبوك وعليها الآلاف من الأعضاء التي تربط السيدات الباحثات عن عمل كخادمات بأرباب العمل في الدول الخليجية. وبات نظام الكفيل نفسه يتعرض لانتقادات شديدة بسبب إجباره العمال على البقاء مع أرباب عمل مسيئين وارتبط بفضائح أخرى. وتقول جماعات حقوق الإنسان إن النظام يعطي للعمال قدرا ضئيلا للغاية من الحماية ضد سوء المعاملة.
ولطالما تعهدت دول الخليج الفارسي بإدخال تعديلات على قوانين العمل. وتبنت قطر قانونا يمنح العمال مزيدا من الحقوق، من بينها منحهم إجازة ليوم واحد على الأقل أسبوعيا وإجازة سنوية مدفوعة. ويقول النشطاء إن التحدي الأكبر هو تنفيذ هذه التوجيهات الجديدة، والتخلص من الثغرات القانونية، وفرض مزيد من المراقبة بحيث تستوفي تلك القوانين الجديدة المعايير الدولية.
وقالت إحدى الخادمات: “إن العاملات في المنازل سيهربن في الغالب، ويبحثن عن توظيف غير قانوني، وذلك بسبب تأخر أجورهنّ، وما يتعرضن له من اعتداء جسدي ومعنوي، وإن هؤلاء الخادمات على علم جيد بالسوق الذي تقدمه مواقع التواصل الاجتماعي.
وقالت المرأة، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها خوفا من تعريض عملها للخطر: “الآن، عندما تذهبين لشخص وتقولين له أنا أبحث عن عمل قانوني أو غير قانوني، سيقوم بكل بساطة بنشر رقمك على صفحة فيسبوك… وهذه هي الطريقة التي يمكن أن تحصلي من خلالها على عمل على مواقع التواصل الاجتماعي… لكنه عمل غير قانوني.”
هناك أبشع انتهاكات حقوق العمالة الأجنبية في المجتمع الخليجي…
أعادت واقعة “جثة الفريزر” في الكويت أزمة الإساءة إلى العمالة الأجنبية في دول الخليج الفارسي إلى السطح مُجددًا، إذ عثرت الشرطة الكويتية على بقايا جثة خادمة فلبينية في الثلاجة بإحدى الشقق، وأظهر الفحص أنها تعرضت للاغتصاب كما أنها تعرضت للاعتداء الجسدي، فيوجد على جثتها آثار تعذيب!.
وخلقت هذه الواقعة أزمة بين الفلبين والكويت، فأعلن الرئيس الفلبيني رودريجو دوتيرتي، وقف إرسال العمالة الفلبينية إلى الكويت، وطلب من مواطنيه الخروج منها خلال 72 ساعة، وناشد الدول العلابية في الخليج الفارسي معاملة أبناء بلده بكرامة.
وبعد أيام، تراجعت الحكومة الفلبينية عن قرار حظر العمالة إلى الكويت بشكل جزئي، وسمحت للعمال الذين يحملون إقامات في الكويت بالعودة إليها، كما سمحت لمواطنيها الذين يقضون إجازات بالعودة.
ولا تعد هذه الواقعة أول وقائع الانتهاك التي تتعرض لها العمالة الأجنبية، خاصة مواطني دول شرق آسيا وإفريقيا في الدول الخليجية، إذ نددت منظمات حقوق الانسان بسوء المعاملة التي يتلقاها هؤلاء في هذه المنطقة ، ونشرت تقارير تفيد بتعرضهم لانتهاكات وتعذيب وتلقيهم رواتب قليلة.
وأفادت تقارير صدرت عام 2008، بأن هناك نحو 13 مليون أجنبي يعيشون في دول مجلس التعاون الخليجي الست” السعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين وعمان” ، إلا أن هذه الأرقام تضاعفت وزادت كثيرا الآن.
وتعد السعودية أكبر دولة في العالم تستقبل العمال الفلبينيين، حيث تضم أكبر عدد من الفلبينيين في منطقة الشرق الأوسط، ويشكلون رابع أكبر مجموعة من الأجانب بها. كما تعتبر السعودية ثاني أكبر مصدر للتحويلات إلى الفلبين.
وبينما يتخذ 57% من إجمالي العمال الفلبينيين من آسيا الغربية مقرا لهم، تبقى السعودية الوجهة الرائدة للعاملين الفلبينيين في الخارج، فهي تستقبل نحو 23.8%، منهم والعدد في تزايد.
فيما تستقبل دولة الإمارات (15.9%) من إجمالي العمالة الفلبينية، والكويت (6.4%)، وقطر (6.2%)، وأوروبا (6.6%)، وباقي الدول مثل لبنان والبحرين والأردن (4.6%).
ونقلت وكالة الأنباء الفلبينية الرسمية عن وزير العمل والعمالة الفلبيني، قوله: “سنجري معرضاً للوظائف في قطر والسعودية حيث سنعلن عن الوظائف المتاحة في بلدنا لكي يعود عمالنا خاصة هؤلاء المهرة”، معلنُا أن: “السيناتور الفلبيني السابق مانويل فيلار سيوفر 18 ألف فرصة عمل من خلال شركة خاصة يملكها”.
كما لوح وزير العمل الفلبيني بأن بعض الفلبينيين فقدوا وظائفهم بسبب استبدالهم في الوظائف بمواطنيين سعوديين، بعد القرارات الأخيرة التي أصدرها بن سلمان مثل السماح للمرأة السعودية بالقيادة.
وبحسب تقارير هيومن رايتس ووتش المبنية على شهادات العاملات الأجانب في المنطقة الخليجية ، فإنهن يتعرضن للاعتداءات الجنسية والتحرش، كما يتعرضن للضرب المبرح، وقد يصل الأمر إلى التعذيب وحلق الشعر والإهانة ومنع الطعام، ولا يستطعن الحديث عن الأمر علانية خوفًا من طردهن، لاسيما أن أغلبهن المعيلات الرئيسيات لعائلاتهن.
وتعتبر الرواتب المتدنية عاملا أساسيا لهروب الفلبينيين من بلادهم، ليجدوا في هذه الدول العربية ملاذا آمنا لهم. وكتب ريتشارد بادوك في صحيفة لوس أنجلوس تايمز عام 2006: “يمكن لطهي الطعام على سفينة شحن أن يدر راتبا أفضل من ذلك الذي يتقاضاه الرئيس الفلبيني ويساوي 1000 دولار شهريا”.
ووجدت تحقيقات أجرتها منظمة العفو الدولية أن العمال الأجانب الذين يعملون في بناء مواقع انجاز البنية التحتية لكأس العالم لكرة القدم في قطر يعيشون في أوضاع مزرية، بحسب تقرير صدر في ديسمبر الماضي.
ولا يعد هذا أول تقرير يصدر عن المنظمة الحقوقية يندد بانتهاك حقوق عمال الانشاءات الوافدين في الدوحة، إذ حثت العفو الدولية الإماراة الخليجية على استغلال استضافتها لكأس العالم لاثبات احترامها لحقوق الإنسان، في تقرير صدر عنها عام 2013.
وأشار تقرير العفو الدولية، والذي أصدرته بعد إجراء تحقيقات طويلة، إلى سلسلة من التجاوزات بحق العمال الوافدين، على رأسها عدم دفع الرواتب، والعمل في ظروف صعبة وخطيرة، واقامتهم في مناطق غير مناسبة.
كما نقلت المنظمة عن مسؤول في مستشفى رئيسي في الدوحة قوله إن حوالي ألف شخص نقلوا إلى المستشفى في 2012، بعد سقوطهم من أماكن مرتفعة إثناء العمل، موضحا أن 10% من هؤلاء أصيبوا بعاهة دائمة، وهناك حالات وفاة.
وألمحت صحيفة الغارديان البريطانية، في سبتمبر 2012، إلى وفاة عشرات العمال النيباليين في قطر خلال الصيف، أثناء عملهم في البناء، خاصة المنشآت والمباني المتعلقة بكأس العالم.
وهددت نقابة العمال الهولندية، في أكتوبر 2016، بمقاضاة فيفا كأس العالم لكرة القدم عن انتهاكات حقوق الإنسان فيما يتعلق بكأس العالم في قطر، مُشيرة إلى أن الآلاف من العمال البنغاليين يريدون الحصول على حقوقهم.
ضعف أو نقص القوانين في الدول الخليجية …
وتجعل القوانين والسياسيات في الدول العربية ،خاصة عمان والإمارات، العاملات المنزليات أكثر عرضة للانتهاك، إذ تسمح الأطر القانونية القائمة لأصحاب العمل بالانتقام من العاملات اللواتي يهربن من الأوضاع المسيئة، عوضًا عن ضمان حقوقهن أو سلامتهن الجسدية والنفسية، بحسب تقرير هيومن رايتس ووتش.
ووفقا للمنظمة الحقوقية، يمنع نظام الكفالة في عُمان والإمارات العاملات من مغادرة العمل أو العمل لصاحب عمل جديد دون موافقة صاحب العمل الأصلي، ويعاقبهن بتهمة “الهروب” إذا فعلن ذلك، كما يستثني قانون العمل العُماني عاملات المنازل من جميع أشكال الحماية التي يوفرها.
دولة الإمارات …وإنتهاكات حقوق الإنسان
وهناك أجرت منظمة الأمم المتحدة، في نوفمبر 2014، تحقيقا موسعا في مزاعم إساءة معاملة العمالة الأجنبية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وجاءت هذه الخطوة بعد تقديم الاتحاد الدولي لنقابات العمال شكوى تفيد بأن المهاجرين الذين يقومون بأعمال البناء والأعمال المنزلية يعملون في ظروف سيئة جيدا، ويتم استغلالهم والإساءة إليهم.
وقالت “رايتس ووتش”، والاتحاد الدولي للنقابات، إن المؤسسات العالمية التي لها أعمال في الإمارات لا يجب أن تكون واثقة في أن المهاجرين بالإمارات يعاملون بطريقة جيدة، خاصة هؤلاء الذين كانوا يعملون في بناء المتاحف والمؤسسات الثقافية في أبوظبي.
وأكدت “رايتس ووتش” على ارتكاب الإمارات لانتهاكات في حقوق العمال الأجانب، لاسيما عمال البناء الوافدين. وقالت المنظمة الحقوقية في تقرير، منشور في يناير الماضي، إن العمال الأجانب مايزالوا يواجهون استغلالا خطيرا، رغم اعتماد البلاد قانون للعمالة المنزلية في سبتمبر الماضي، ينص على حقوق العاملات والوافدات.
وبحسب التقرير، تمارس الإمارات تمييزا على أساس الجنس والهوية الجندرية والتوجه الجنسي، وحكمتعلى مواطنين سنغافوريين اعتُقلا في أحد مراكز التسوق في أبوظبي بالسجنة سنة لمحاولة التشبه بالمرأة، وحولت محكمة الاستنئاف حكمهما إلى غرامة مع الترحيل.
ويذكر أنه في منتصف العام 2011، وافق أعضاء مجلس التعاون الخليجي على تبني الاتفاقية 189 ”اتفاقية منظمة العمل الدولية للعمالة المنزلية“ في المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في جنيف، على أن يسري مفعولها ابتداء من الخامس من سبتمبر 2013.
وتلزم الاتفاقية الحكومات بتعزيز وحماية حقوق الإنسان، ومنها الحريات النقابية والقضاء على العمل الإلزامي، وتضمن حصولهم على عقد عمل واضح يحدد شروط وساعات العمل والإجازة، كما تضمن حقهم في الاحتفاظ بوثائقهم الشخصية والخروج من المنزل بعد ساعات العمل التعاقدية والسكن في ظروف ملائمة، وتأمين سبل تتيح إلى العمال إيداع الشكاوى في حال تعرضهم لأي انتهاكات.
في الختام …
تتطلب إشكالية الخدم تكاتف الجهات الوطنية والخاصة في توعية المجتمعات بالقيم الإنسانية المشتركة، والتي تجمع بين الخدم والمخدومين.
إضافة إلى التأكيد على المردود الإيجابي للتعامل بالحسنى، والذي بدوره سيعيد للخادم كرامته، ويشعره بمسؤوليته، ويعمل على تقليل نسبة الجرائم التي انتشرت مؤخراً في المجتمع الخليجي.
ومن هنا لا ينبغي تجريم طرف الخدم كونه الحلقة الأضعف، بل ينبغي الإشارة إلى مختلف الأطراف المتورطة في تلك الجريمة، لأن لكل فعل رد فعل، والخادمة قبل أن تتعامل بعنف وقسوة تكون قد ذاقت الكثير من القسوة والعنف من الأسرة التي تستقدمها.
كما ينبغي تشديد شروط استقدام الخادمات المتعاملات مع الأطفال بشكل مباشر، إذ أن تدمير هوية الطفل لا تعني ضياع مستقبله وحسب، بل ضياع مستقبل الخليج الفارسي ككل، ومن الأفضل لو يتم إعلان مبادرات نوعية تعمل على تشجيع ثقافة الاعتماد على النفس، والتي من شأنها أن تقلل من نسبة استقدام الخدم، وبمرور الوقت ستكون كفيلة بانتهاء هذه الاشكالية تماماً.
العالم العربي
خليك معنا