الصباح اليمني_قراءات|
ظهرت عدة تحليلات ومقالات حول التشنجات الحاصلة بين المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والكيان الصهيوني فالبعض يرى من الممكن ان يدفع هذا التشتنج الحاصل الى نشوب حرب بين الاثنين والبعض الاخرى يستبعد نشوب حرب في الوقت الحالي ويوكله الى وقت اخر ففي التقرير التالي ننقل لكم كلا النظرين.
بات الحديث عن احتمالية نشوب حرب بين “إسرائيل” من جهة والمقاومة في قطاع غزة من جهة أخرى أكثر شيوعاً خلال المدّة الحالية، ما دعا الكثير من المحللين والسياسيين لإبداء قراءاتهم وتحليلاتهم حول طبيعة الموقف وملامح المرحلة المقبلة، خاصة بعد إزدياد جولات المواجهة المحدودة وموجات الحرائق في “غلاف غزة” بفعل البالونات الحارقة، وتصاعد وتيرة التصريحات “الإسرائيلية” التي تحمل بين طياتها التهديد والوعيد للقطاع ومقاومته.
ويرصد مركز القدس لدراسات الشأن “الإسرائيلي” والفلسطيني، في تقرير له، آراء فريق من المحللين، يرى بعضهم بأن أسباب الحرب متوفرة الآن، فيما يستبعد آخرون هذا الخيار..
– دوافع الحرب:
– أولاً: المستوى الداخلي “الإسرائيلي” والذي يرى بأن استمرار إطلاق البالونات الحارقة التي أربكت الكثير من الحسابات تمثل اليوم خطراً حقيقياً، أضف إلى ذلك الضغط الإعلامي الذي تمارسه وسائل الإعلام “الإسرائيلية” على الحكومة بهدف الدفع نحو خوض حرب مع غزة ينتهي معها ” كابوس غزة ” الجاثم على صدر “إسرائيل”، كل ذلك يعدّ مؤشرًا على بداية حرب استنزاف مرهقة لـ”إسرائيل” توجب إعلان الحرب، بالإضافة إلى القناعة الراسخة في عقل المؤسسة “الإسرائيلية”، بأن حماس لن تعيد الجنود الأسرى لديها مقابل تخفيف الحصار وتقديم تسهيلات إنسانية لسكان القطاع، بل تبحث عن صفقة جديدة على غرار صفقة وفاء الأحرار، وهذا ما ترفضه “إسرائيل” حالياً، ولا يمكن تجاهل السجيّة “الإسرائيلية” المجبولة على الخداع، بمعنى أنها تعلن خلاف ما تبطن وتخطط له.
ثانياً: المستوى الدولي الإقليمي، إذ يرى أصحاب هذا الرأي بأن الدعم الأمريكي المطلق والسعي العربي نحو التطبيع والحل الدائم مع “إسرائيل” من إرهاصات نشوب حرب جديدة، أضف إلى ذلك انشغال العالم بقضايا دولية أخرى مثل القضية السورية، والملف النووي الإيراني.
– لكن في الجهة المقابلة تشير الأحداث والوقائع على الأرض بأن الحرب مع غزة بعيدة عنا نوعاً ما -في حال توقفت المواجهات المحدودة- لا سيما بأن جميع الأطراف لا تحبّذ خيار الحرب في الوقت الحالي، على الرغم من اشتداد وطأة الحصار المفروض على قطاع غزة، بالإضافة إلى مجموعة من المعطيات والأسباب التالية، والتي بدورها تدعم رؤية استبعاد الحرب في المرحلة الحالية، وهي على النحو التالي:
1– الخلاف المتعمق بين المؤسسة السياسية والعكسرية، الناجم عن حالة الانفصام الواضحة التي يعاني منها النظام السياسي في “إسرائيل” بسبب سيطرة ثلة من المراهقين السياسين، أمثال نفتالي بينت وجلعاد أردان على ذاك النظام، وعلو المصالح الشخصية والحزبية على المصلحة العامة.
2– الإفلاس الذي تعاني منه المؤسسة العسكرية في المرحلة الحالية والمتمثل في عدم وجود “بنك الأهداف” في حال حدوث أي حرب سوى الدوائر الحكومية والأحياء الشعبية، وانتهاء سياسة ضرب أكبر عدد من الأهداف بأقصر وقت ممكن، ويعود ذلك إلى الاستراتيجيات والقواعد التي تتبعها المقاومة في غزة، كما لوحظ -لا للحصر- في طريقة توزيع الراجمات والقاذفات على طول القطاع والانضباط في عملية الإطلاق والقصف، بالإضافة إلى التنسيق الميداني بدرجاته العليا، وغياب مسألة التبني لدى الفصائل.
3– التخوف الكامن لدى القيادة السياسية والعسكرية في “إسرائيل” من سيطرة جماعات أكثر تشدداً على قطاع غزة- على الرغم من أن هذا السيناريو بعيد كل البعد عن الواقع- إلا أنه قد تمت مناقشته في حال سقوط حماس خلال أي حرب قد تنشب.
4– حساسية الساحة الشمالية واستمرار شبح الانتشار الإيراني على الحدود في سوريا، والتي تعدّ من المسائل التي تتربع على سلم أولويات “إسرائيل” الاستراتيجية.
5– الأزمة الدولية التي تعاني منها “إسرائيل”، ولا سيما العاصفة السياسية التي عاشتها في أعقاب مجزرتها الأخيرة في قطاع غزة في يوم ذكرى النكبة، وإن صح لنا القول فإن “إسرائيل” تنتظر حدثاً ذا أهمية تبادر به المقاومة من أجل شن عدوان جديد وإن كان مؤقتاً ومرحلياً تحت مسمى الدفاع عن النفس، مع أن “إسرائيل” بطبيعتها لا تنتظر مبرراً لشن أي عدوان على الشعب الفلسطيني.
6– الرغبة “الإسرائيلية” في مواصلة بناء الجدار الأرضي الخاص بالأنفاق قبل أي عملية عسكرية، والتي شكلت بدورها حالة من القلق والذعر خلال الحرب السابقة، حيث تعدّ “إسرائيل” بأن وجود مثل هذا الجدار بمنزلة خط دفاع حصين للمستوطنات والجيش الموجود على الأرض، بالإضافة إلى أنه عائق أمام المقاومة الفلسطينية.
7- بعض التسريبات التى تخرج من القاهرة حول عدد من التفاهمات بين حركة حماس والمخابرات المصرية، فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني وبما فيها التهدئة في قطاع غزة، لكن حتى اللحظة لا يوجد أي تصريح أو تعليق فلسطيني حول الموضوع.
8- الحراك الأمريكي فيما يعرف “بصفقة ترامب” أو الرؤية الأمريكية- الصهيونية لحل الصراع -على حد وصفهم – تلزم “إسرائيل” بعدم خوض حرب في هذه المرحلة، حتى يتم تطبيق ما خطط ورسم له بمساعدة عربية يصب في تصفية القضية الفلسطينية.
ختاماً، إن ما يجري على الأرض الآن هو عبارة عن “لكمات نار” جولات مواجهة محدودة الأدوات والتوقيت، ولكن تبقى مسألة الحرب ضمن دائرة المصالح السياسية، ففي اللحظة التي ترى فيها “إسرائيل” بأنها سوف تحقق مكاسب ومصالح سياسية من وراء الحرب سوف تخوض غمارها بلا شك وإن كانت تعلم علم اليقين بأنها ستدفع ثمناً على الأرض أكثر من أي وقتٍ مضى لِما تمتكله المقاومة من عُدة وعَتاد معلومة وغير معلومة.
مع التنبيه إلى أنه لا يُجزم بشكل تام بعدم وقوع حرب، فلربما تقع حادثة معينة على أرض الميدان تقلب التوقعات والطاولة رأساً على عقب، وفق مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني.
العالم العربي
خليك معنا