قالت صحيفة واشنطن بوست إن الرياض تخشى استعداء”التيار الديني” لها مع اقتراب موعد سريان العمل بالمرسوم الملكي الذي يقضي بالسماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة.
ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن الصعوبات التي تعترض تطبيق الرؤية الإصلاحية لولي العهد السعودي محمد ابن سلمان مشيرة إلى أنه بعد مرور تسعة أشهر على صدور المرسوم، بات «من الواضح أن الأمور ليست ببساطة الإكتفاء بإصدار الإعلان» عن القرار.
وذكرت الصحيفة أنه، و«على الرغم من السماح للنساء (السعوديات) بقيادة السيارات، فإنه من غير الواضح كم عدد النساء اللاتي سيتمكن من القيام بذلك من الناحية الفعلية».
وبحسب الصحيفة، فقد «حصل عدد قليل نسبياً منهن على رخص قيادة السيارات، كما أن العديد من النساء الأخريات ربما ينتابهن شعوراً بالتوجس، والقلق» للتقدم بالحصول على الرخص، لا سيما وأن العديد من الرجال السعوديين يجدون أنفسهم غير معنيين إلى حد كبير بهذه بالقضية، حيث بادر بعضهم إلى إطلاق حملات مناهضة لقيادة المرأة السعودية للسيارة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بخاصة «تويتر»، كما أن أحد الرجال عمد إلى نشر مقطع فيديو عبر شبكة الانترنت، هدد فيه بحرق النساء وسياراتهن في حال قدن.
ومن بين المؤشرات على ضآلة التقدم المحقق على مستوى برنامج الإصلاحات الذي يقوده ابن سلمان، تطرقت «واشنطن بوست» إلى حملة الاعتقالات التي دشنتها السلطات السعودية في الأسابيع الأخيرة ضد عدد من الوجوه النسائية البارزة في العمل الحقوقي، ونقلت عن إحدى الناشطات قولها، إن الحملة المشار إليها إنما تعد «حملة اعتقال ضد الحركة النسوية في المملكة العربية السعودية». وأردفت الصحيفة أن اعتقال عدد من الناشطات السعوديات يشير إلى أن «كل الحديث عن (ولادة) سعودية جديدة، وطبيعية، وإعادة تأسيس البلاد (على أسس جديدة) إنما يعد سطحياً من نواح عدة».
وتابعت «واشنطن بوست» أن «محمد بن سلمان ربما يكون قد فتح الباب أمام النساء للقيادة، ولعدة أشكال من الترفيه التي كانت تشوبها قيود في السابق، بما في ذلك دور السينما، إلا أن (فتح المجال) أمام إصلاح سياسي أساسي، وجوهري ليس مدرجاً على جدول الأعمال في أي وقت قريب»، مشددة على ان التغييرات والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية المندرجة ضمن «رؤية 2030»، والتي شملت العمل على تنويع اقتصاد المملكة، علاوة على السماح للنساء العاملات في «أرامكو» بحق التمتع بالحريات على النمط الغربي، ورفع مستوى مشاركة المرأة في سوق العمل من 22 في المئة إلى 30 في المئة بحلول العام 2030، إنما «ترجع في المقام الأول إلى اعتبارات اقتصادية». وأكملت «واشنطن بوست» أنه «من الواضح أن ابن سلمان لا يخشى قلب الأمور رأساً على عقب» سواء على المستوى الداخلي، او الخارجي، حيث قاد «حملة لمكافحة الفساد» ضد عدد من أمراء العائلة الحاكمة في المملكة العربية السعودية، كما اندفع باتجاه سياسة خارجية “«دوانية»، و«محفوفة بالمخاطر» في وجه كل من إيران، وقطر.
وألمحت «واشنطن بوست» إلى أن سياسات ابن سلمان من شأنه استعداء التيار الديني المتشدد داخل المملكة، مشيرة إلى أن السياسات الاجتماعية للأمير «أثرت على نفوذ (تيار) الإسلامويين المحافظين» في البلاد. وفي هذا المجال، نقلت الصحيفة عن أحد المواطنين السعوديين، والذي عرّف عن نفسه على أنه «سلفي»، قوله: «إننا لا نعرف ما الذي يجري» في المملكة.
وأردف قائلاً: «وكأننا أصبحنا غرباء»، في إشارة إلى استهجانه للأجندة الاجتماعية لولي العهد. ولفتت الصحيفة إلى وجود «مخاوف» من إمكانية أن يشكل التيار الديني المتشدد، وعلى وقع ما يروج من شائعات حول مؤامرات ودسائس تحاك من خلف كواليس قصور الحكم في السعودية، «تهديداً لحكومة» الرياض، مشيرة إلى حديث أحد المسؤولين السعوديين السابقين حين قال إن «أبناء التيار الديني يقبعون في سكون حتى الآن، معقباً على قوله بتساؤل مفاده: «هل سيستمر هؤلاء في سكونهم هذا؟ أم أنهم سيتفاعلون بطريقة عنيفة؟».
وفي الإطار عينه، ذهبت الصحيفة إلى أن مخاوف الحكومة السعودية من التيار الديني المتشدد «قد تساعد في تفسير سبب استعداد تلك الحكومة للقيام بأمور مثل اعتقال الناشطات السعوديات قبل أسبوعين فقط من (سريان قرار) السماح لهن بالقيادة»، مشددة على أن تلك الاعتقالات تفضي إلى «فرملة الإصلاحات الاجتماعية التي تثير القلق لدى كثيرين في البلاد»، من جهة، «وتذكير السعوديين بالشخص والجهة التي تتولى سدة الحكم والمسؤولية» في المملكة.