الصباح اليمني – متابعات|
تطرقت مجلة «فورين بوليسي» إلى موقف الولايات المتحدة من تطورات الوضع في الحديدة، مشيرة إلى أن الإدارة الأمريكية التي عكفت مراراً وتكراراً على تحذير «التحالف»، الذي تقوده السعودية في اليمن، من شن عملية عسكرية في المدينة المطلة على البحر الأحمر، «غيّرت لهجتها في الأيام الأخيرة، على ما يبدو».
ومع الإشارة إلى التحذيرات السابقة التي أطلقها مسؤولون في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إزاء نوايا قوات «التحالف» إطلاق هجوم للسيطرة على الحديدة، أوضحت «فورين بوليسي» أن وزير الخارجية مايك بومبيو «يبدو مذعناً لمواصلة العمل العسكري» من جانب تلك القوات باتجاه المدينة ومينائها، وهو موقف اعتبرته «مجموعة الأزمات الدولية» بمثابة «ضوء أصفر» للمضي قدماً في العملية العسكرية «المثيرة للجدل»، لا سيما وأن رأس الديبلوماسية الأمريكية أشار إلى رغبة بلاده في مراعاة «الهواجس الأمنية» للدول الخليجية الحليفة لواشنطن، من جهة، وفي «الحفاظ على التدفق الحر للمساعدات الإنسانية» لليمنيين، من جهة ثانية.
من منظور المجلة، فإن المسؤولين الأمريكيين، الذين واظبوا على تحذير قوات دول «التحالف» من الهجوم على الميناء اليمني الاستراتيجي، بدوا «كارهين، وغير محبذين استخدام ما لديهم من نفوذ» لدى تلك الدول، «من قبيل التهديد بوقف تزويد الطائرات السعودية بالوقود جواً، أو مدّهم بالمعلومات الاستخبارية»، وذلك بسبب خوفهم من أن يؤدي ذلك إلى أن يكون لدى واشنطن «قدرة أقل على رسم الطريقة، والكيفية التي من خلالها يخوض الإماراتيون والسعوديون الحرب».
وأوضحت «فورين بوليسي» أن مساعي التوصل إلى «حل سياسي» للأزمة اليمنية، «قد تكون عرضة للخطر بفعل الهجوم الوشيك» على الحديدة، مضيفة أن ردود أفعال الإدارة الأمريكية حيال الأمر «أزعج مسؤولين أمريكيين سابقين، والمنظمات الإغاثية التي تخشى أن المدنيين المضطهدين في جميع أنحاء اليمن سيدفعون ثمن حرب شوارع مدينية دموية، وتعطيل الإمدادات الإنسانية». وفي هذا المجال، شدد سكوت بول، وهو خبير في الشأن اليمني لدى فرع «منظمة أوكسفام» في الولايات المتحدة، على أن «الشيء الوحيد الذي سيحدث فرقاً، إنما هو تحذير (أمريكي) واضح بعدم شن الهجوم، مع (التهديد) بعواقب واضحة» إزاء المسألة، شارحاً أن «رد فعل واشنطن الفاتر» على «مجريات الوضع في الحديدة، يجعل الولايات المتحدة مسؤولة عما يحدث» هناك.
بدوره، أفاد ستيفن سيشي، الذي شغل منصب السفير الأمريكي لدى اليمن بين عامي 2007 و2010، بأن تصريح بومبيو في هذا الخصوص جاء «فاتراً جداً»، مستغرباً عدم حديث وزير خارجية إدارة ترامب عن «خطوط حمراء»، أو «مخاطر» للهجوم العسكري على الحديدة، وهو ما عده سيشي «مؤشراً إلى وجود تراجع في حدة المعارضة الأمريكية للهجوم». وأكمل سيشي حديثه إلى المجلة، بالإشارة إلى أن إدارة ترامب ترسخ في ذهنها، بشكل متزايد، فكرة تقوم على السماح للإماراتيين والسعوديين بشن حربهم في اليمن، من دون تدخل الولايات المتحدة في كيفية قيامهما بذلك.
وأضافت «فورين بوليسي» أن «رد فعل الولايات المتحدة المعتدل يسلّط الضوء على الوضع الصعب، والمعقد الذي تواجهه إدارة ترامب في اليمن، والمنطقة»، حيث تقوم بشن ضربات عسكرية ضد «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» داخل الأراضي اليمنية، التي تنظر إليها الإدارة الأمريكية باعتبارها «ساحة معركة رئيسية ضد نفوذ إيران المتنامي في شبه الجزيرة العربية».
وبحسب المجلة، فإن إدارة ترامب تحتاج إلى إشراك السعودية والإمارات، في سياستها الأوسع الرامية إلى التصدي للنفوذ الإيراني على امتداد الشرق الأوسط، على نحو يمنح الدولتين «متنفساً، وفسحة أكبر في اليمن».
إلى ذلك، لفتت «فورين بوليسي» إلى أن «أي هجوم على الحديدة يمكن أن يضاعف إحباط الكونغرس من دعم الولايات المتحدة للحرب»، مشيرة إلى تحذير السيناتور الديمقراطي كريس مورفي من أن حرب اليمن «تخرج عن السيطرة».
وبالعودة إلى حديث سفير الولايات المتحدة السابق لدى اليمن، ستيفن سيشي، فإن إطلاق عملية عسكرية باتجاه الحديدة «سيكون أصعب بكثير»، مما يعتقد الإماراتيون. كما أشار المسؤول الأمريكي السابق إلى أن تدشين العملية العسكرية المشار إليها سوف يبدو كمهمة «عسيرة»، أكثر مما سيبدو عليه كـ«انتصار سريع قد يسرّع من الوصول إلى خاتمة الحرب»، مشدداً على أنه «كان لدى الحوثيين الكثير من الوقت لترسيخ وجودهم في المدينة»، وأن «الحوثيين جيدون جداً في شيء واحد، وهو القتال»، لا سيما وأن قادة من جماعة «أنصار الله» كانوا قد أفادوا لخبراء من «مجموعة الأزمات الدولية» بأنهم بصدد الاستعداد لعملية تصد «دموية» في الحديدة.
وعن التبعات الإنسانية للعملية العسكرية المرتقبة في الحديدة، صرح جويل تشارني، وهو مدير فرع «المجلس النرويجي للاجئين» في الولايات المتحدة، بالقول «إننا نحاول التمسك بمراقبة الوضع» في الحديدة، موضحاً أن الأمر ينطوي على «احتمال أن تهديد موظفينا، وتعطيل برنامجنا في الحديدة، بصورة مباشرة».
ترجمة: العربي
خليك معنا