قال مصدر اقتصادي مسؤول في العاصمة صنعاء أن البنك المركزي اليمني بدأ عمله فعلياً من العاصمة الأردنية عمّان برئاسة المحافظ الجديد المعيّن مؤخراً محمد زمام وهو وزير المالية السابق في صنعاء.
وأضاف المصدر في تصريح إن تعيين زمام جاء حسب رغبة أمريكية بعد عقد اللجنة الرباعية بشأن اليمن وهي (بريطانيا وأمريكا والإمارات والسعودية) اجتماعاً لمناقشة الوضع الاقتصادي في اليمن والوقوف أمام اعتراض الإمارات على الوديعة السعودية ورفضها تسليم البنك المركزي للوديعة وهو ما دفع بالسعودية إلى تأجيل الوديعة رغم تكتم كل الأطراف على ذلك.
وأشار المصدر أن الإمارات سعت لعرقلة تسليم الوديعة السعودية المعلنة بـ”ملياري دولار” بذريعة عدم وجود بنك حقيقي في محافظة عدن يمكنه إدارة الوديعة وأن الإدارة السابقة برئاسة المحافظ منصر القعيطي المعين من قبل الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي نهاية العام 2016 بعد قرار نقل البنك المركزي إلى عدن، وصف الجانب الإماراتي هذه الإدارة بالفاشلة وأنها ستعمل على تبديد الوديعة السعودية ولن تحافظ عليها مثلما فعلت مع مبلغ المليار دولار المقدمة من السعودية العام الماضي والتي تم تقديمها بشكل غير معلن كإعانة لحكومة هادي مقابل القبول بنقل البنك من صنعاء إلى عدن كورقة ضغط اقتصادية على أنصار الله.
وأضاف المصدر أن الإمارات ظلت رافضة لنقل الوديعة السعودية مشترطة للسماح بذلك تغيير محافظ البنك منصر القعيطي وتعيين محافظ آخر، أشار المصدر أن الإمارات كانت تسعى لتعيين اسم يكون حليفاً لها.
وكشف المصدر أيضاً أن الطرف الأمريكي في اللجنة الرباعية رأى عدم جدوى استمرار البنك المركزي بعمله في عدن مستندة في ذلك إلى تقرير اللجنة المرسلة من البنك الدولي مؤخراً إلى عدن والتي اطلعت على البنك وآلية العمل فيه وخرجت بقناعة تامة أنه لا يوجد بنك في عدن لا من ناحية البنية التحتية والنظام الإداري ولا من ناحية الوضع الأمني في المدينة الذي لا يمكنه أن يكون حاضناً لأداء آمن للبنك المركزي هناك.
وأكد المصدر أن واشنطن واستناداً إلى تقرير اللجنة، اقترحت في اجتماع الرباعية المنعقد في الرياض في يناير الماضي نقل البنك المركزي إلى العاصمة الأردنية عمّان كما اقترحت في نفس الاتجتماع تعيين محمد زمام محافظاً للبنك لضمان تحكمهم بعملية استقبال وصرف أموال المنظمات الإنسانية وصرفها كيفما تشاء.
وقال المصدر أيضاً أن عمل البنك في الأردن لن يتعدى استقبال أموال المنظمات ثم التحكم في صرفها فقط وهو جانب من أوراق الضغط الاقتصادي على صنعاء بعد تعثّر عمليات التحالف العسكرية على الميدان وفشلها في إحراز أي تقدم يسبق عملية المفاوضات القادمة.
من جانبه صرّح أحمد حجر وكيل وزارة المالية في حكومة الإنقاذ بصنعاء رداً على نقل البنك إلى الأردن معتبراً أن البنك المركزي الفعلي هو البنك المركزي بصنعاء وأنه البنك الذي لا يزال مؤسسة مالية حقيقية وفعّالة وأنه سيبقى كذلك.
وقال حجر في تصريح خاص لـ”المساء برس” مساء اليوم أن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي “يعلمون وتعلم حكومة هادي أن البنك الفعّال والقائم والمستمر في أداء مهمه على أكمل وجه هو البنك المركزي بصنعاء”، وأن “مساعي التحالف ومعهم الأمريكيين والبريطانيين لاستنساخ بنك مركزي في الأردن يأتي في إطار الإجراءات الاقتصادية العقابية على المقاومين والمناضين للعدوان السعودي الأمريكي”، بهدف إخضاعهم وإرغامهم على الاستسلام والرضوخ باستخدام الأوراق الاقتصادية، التي قال إنها تستهدف أولاً وأخيراً الشعب اليمني في كل محافظات الجمهورية.
ولفت حجر في حديثه إلى الفشل الذريع الذي أكدته حكومة هادي في إدارتها للبنك المركزي بعد نقله إلى عدن، مشيراً أن هذا الفشل لم يعد خافياً على أحد بما في ذلك المؤسسات المالية الدولية المتمثلة بالبنك وصندوق النقد الدوليين اللذين اقترحا إعادة البنك المركزي إلى صنعاء وإلغاء قرار نقله منها، إذا أرادت حكومة أحمد عبيد بن دغر إيقاف الانهيار الاقتصادي وإيقاف تدهور سعر العملة اليمنية، لافتاً إلى أن ذلك يُعدّ اعترافاً صريحاً بفشل الحكومة الموالية للتحالف من جهة ونجاح سلطات صنعاء في إدارة الملف الاقتصادي على مدى عام ونصف رغم الحصار والحرب بجدارة من جهة ثانية.
وأكد وكيل مالية الإنقاذ أن الهدف من إنشاء بنك في الأردن هو خداع المجتمع الدولي وإيهامه بوجود بنك مركزي قادر على أداء مهامه بعيداً عن أي ضغوط أو تهديدات أمنية كما كان حاصلاً في عدن، لافتاً إلى أن الهدف من ذلك كله هو السيطرة على المنح والمساعدات الدولية المقدمة عبر المنظمات أو الدول، مشيراً إلى أن هذه الخطوة ستؤدي إلى إفشال أي مفاوضات مقبلة بين أطراف الصراع، بالنظر إلى أن الطرف المفاوض عن صنعاء يرفض أي حديث عن مفاوضات في حال لم يتم إنهاء الأزمة المالية وحل مشكلة مرتبات الموظفين وأزمة العملة.
المساء برس
خليك معنا