تشهد تعز حرب أخرى أكثر شراسة من المعارك الدائرة في الميدان، بين مكونات القوى السياسية التي لم تعد معنيةً بتحرير المدينة، ولا بالضحايا الذين يقتلون كل يوم، وإنما معنية بحسب مراقبين، بإستثمار الظروف المحلية وتعقيدات الحرب، لفرض نفسها كقوة لا يمكن تجاوزها في المستقبل.
حرب تدور في الظل، وتشهد معاركها تحولات متضاربة ومتعارضة، وفق أجندات سياسية وإقليمية محلية ودولية، لا تحدد، بحسب المراقبين، مستقبل الصراع في تعز، بل في اليمن.
وعلى الرغم من أن جولات الصراع السياسي في الفترة الماضية ظلت محتدمة، بين حزب «التجمع اليمني للإصلاح»، و«التنظيم الناصري»، إلا أنها أصبحت اليوم، وبالتزامن مع وصول المحافظ الجديد أمين محمود إلى وسط المدينة، بين حزب «الإصلاح» وحزب «المؤتمر الشعبي العام»، المؤيد لحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، وتحت يافطة إعادة ما أسموه «تدوير نفايات النظام السابق»، حيث نظمت مكونات وحركات شبابية وثورية موالية لـ«الإصلاح»، وقفة إحتجاجية، صباح اليوم الأربعاء، في ساحة جامعة تعز، رفضا لما قالت إنه «تحويل جامعة تعز إلى مسرح للقتلة والإنقلابيين، والوقوف في وجه مشروع إعادة تدوير مخلفات النظام السابق» في المدينة، ورداً على فعالية أقامها فرع «المؤتمر الشعبي العام» المؤيد لهادي، صباح اليوم في جامعة تعز.
وردد المشاركون بهتافات ترفض محاولات إعادة النظام السابق ورموزه إلى الواجهة، كما رفع المشاركون لافتات مكتوب عليها «مع شرفاء المؤتمر الشعبي العام ضد القتلة والمجرمين»، «دماء الشهداء ليست دخاناً يذروه تعاقب الزمن»، «تعز محضن كل الأطياف والألوان اليمنية عدا قتلة أبناءها»، «لن ينجوا من يستفز الثورة في مسقطها وميلادها المقدس»، مطالبين، حكومة هادي والسلطة المحلية في المحافظة «عدم السماح لمن شاركوا في الإنقلاب بدخول تعز، ومد يد العون لكل عضو في حزب المؤتمر متورط في التحريض ضد تعز»، مؤكدين على ضرورة «محاكمة من شارك في قتل أبناء تعز منذ ثورة فبراير حتى اليوم».
وفي السياق، توعد مسؤول سياسي بارز في «الإصلاح»، بإسقاط أي مشروع من شأنه إعادة من وصفهم «بخصوم الثورة والشرعية»، لتقلد المناصب الحكومية، قائلاً في حديث إلى «العربي»، إن «تعز بكل مكوناتها ستكون حاضرة للدفاع عن مكتسبات الثورة، وتضحيات المحافظة التي لا تزال تخضع لحصار الإنقلابيين الحوثيين المدعومين من وحدات عسكرية معروفة بولائها للرئيس اليمني الراحل صالح، ونجله أحمد».
وأفاد المسؤول الذي فضل عدم ذكر إسمه، «إننا نعرف من يقف خلف المشروع، ونرصد كل تحركاته وخططه الهادفة لتجميع نفايات صالح، ولن يفلح ما دام في أجسادنا نفس».
وفي المقابل، نفذ حزب «المؤتمر الشعبي العام»، فعاليته التي اسمها إستثنائية، في قاعة 22 مايو في جامعة تعز، على الرغم من الوقفة الإحتجاحية المناهضة لإقامة الفاعلية، وفي نفس الزمان والمكان.
وهو ما اعتبره مراقبون «تحد صريح لمكونات القوى السياسية الموالية للإصلاح، التي تناهض قوى المؤتمر وبقوة»، مؤكدين على أن «المؤتمر والذي يدعم تحركاته ومن وراء الكواليس المحافظ الجديد، بدأ قوة لا يستهان بها، وقبل التحدي على الرغم من كل تلك المناهضة من قوى الإصلاح، ضارباً بالوقفة الإحتجاجية عرض الحائط».
وفي السياق، قال رئيس «المؤتمر الشعبي العام» المؤيد لـ«الشرعية»، عارف جامل، في منشور على صفحته في موقع التواصل الإجتماعي «فيس بوك»، إننا «أحرص ما نكون على دماء شهدائنا من أولئك المتشدقون».
وأكد أنه «لا يمكن أن نسمح لأي متحوث أو أي شخص تلطخت يداه بدماء الأطهار من شهدائنا أن يكون في مؤتمرنا»، وأضاف: «إلا لعنة الله على الكاذبين دعاة الفتنة والتحريض».
وفي غضون ذلك، أفادت مصادر سياسية، في حديث إلى «العربي»، أن «عدد من الأحزاب والمكونات السياسية ومنذ قرابة أسبوعين تتواصل وبشكل مستمر بهدف التنسيق والخروج بموقف موحد حيال توجه مكون المؤتمر الشعبي العام، لإستدعاء عدد من رموز نظام صالح إلى تعز»، وأضافت المصادر أن «برنامج المحافظ الجديد وتوجهه الذي يكتنفه الكثير من الغموض جعل تلك القوى والموالية معظمها لحزب الإصلاح تشن هجوماً استباقياً بغرض تنفيذ مخطط إعادة تدوير رجال الرئيس الراحل صالح إلى الواجهة مجدداً».
خليك معنا