تنامت في عدن مؤخرًا أزمة تراكم القمامة، وانتشرت روائحها الكريهة، بعدما فشلت الجهات المعنية في إيجاد حل لجمعها، رغم الموازنة والإيرادات الضخمة من المحافظة التي تخصّص لصندوق النظافة الذي أنشئ بموجب القرار رقم 20 للعام 1990م، فتحوّلت عدد من شوارع العاصمة إلى مكبّات مصغّرة للنفايات المكدّسة على أرصفة الشوارع الرئيسية والفرعية، هذا التحوّل لا يقف عند تشويه المنظر العام للمدينة وشوارعها، بل ينذر بكارثة بيئية وصحية قد تزيد من تعقيد الوضع الإنساني ما لم يتم تلافيها.
كارثة صحية
وشكا عدد من سكان العاصمة من تكدّس أكوام القمامة في عدد من المديريات؛ وهو ما ينذر بتفشي عدد من الأمراض في المحافظة. حيث حذّر أطباء من تراكم النفايات، التي قد تتسبب في انتشار الأمراض المعدية والمسرطنة بين المواطنين، إضافة إلى الحساسية وأمراض الجهاز التنفسي، والأمراض الجلدية، لا سيّما بين الأطفال الذين يجدون في اللهو واللعب في الشوارع بدائل للقضاء على أوقات الفراغ في ظل ارتفاع أسعار المنتزهات.
توعية وإرشاد
وكان المدير العام التنفيذي لصندوق النظافة وتحسين مدينة عدن قائد راشد، قد ناشد كافة مواطني عدن، وفي المقدمة خطباء المساجد ومدراء المدارس، إلى أهمية تفعيل دورهم التوعوي في إرشاد الناس بأهمية وضع القمامة والمخلفات في أماكنها الصحيحة، إسهاماً في الحد من انتشار الأوبئة والأمراض الخطيرة سيّما مرض الكوليرا.
وأسف راشد في حديث لـ«العربي»، لقيام «كثير من الناس بالرمي العشوائي للنفايات، وهذا نجده في كل مكان خاصة خلال السنوات الأخيرة»، ويقول «لاحظنا أن عدن كانت من أنظف المدن في عموم الجمهورية، وقد استلمنا شهادة أنظف مدينة في الجمهورية للعام 2009م بشهادة من حماية البيئة، وأيضاً في فترة خليجي عشرين، كانت المدينة نظيفة رغم كثرة الزائرين، وخلال تلك الفترة ظلت المدينة نظيفة، وخلال الأعوام 2011 – 2015 بدأت الأمور تتراجع، وبدأ تهشيم الآليات وسرقتها، وتهشيم البراميل وتكسيرها وإحراقها، ونلاحظ ذلك عند حصول أي مشكلة بالمدينة مثل قطع المياه أو الكهرباء، يلجأ المواطنون إلى قطع الطريق بالبراميل وبالحجارة وحرق البراميل وكب النفايات في الشارع، كل ذلك يشكل عبئاً علينا».
ظروف استثنائية
ويقول راشد «نعمل في ظروف معقده واستثنائية، حيث نعاني من شح الإمكانيات والمعدات والموازنة التشغيلية، وانتهاء العمر الافتراضي لبعضها، وهي تعمل خارج الجاهزية، إضافة إلى فقدان أكثر من 46 سيارة من سيارات النظافة خلال الأزمة والحرب».
ويضيف «قمنا بتثبيت 1773 عامل وعاملة، والباقي قمنا بتثبيتهم بالمؤسسة العامة للتأمينات، وعملنا لهم تأمينين، التأمين الأول في الهيئة العامة للتأمينات، والتأمين الثاني للمثبتين».
عمل شاق
ويروي أحد عمّال النظافة لـ«العربي» الصعوبات التي يواجهونها أثناء تأدية عملهم، قائلًا «أعمل من الساعة الثامنة صباحاً حتى الواحدة ظهراً، ثم يقوم أحد الزملاء بتسلم العمل عني لفترة بعد الظهيرة، وهذا عمل شاق يحتاج إلى كثير من الصبر وتحمّل الروائح الكريهة، وهناك من يتعامل معنا بطريقة خشنة جداً ويشعرنا بالدونية، مع أنه لا ذنب لنا سوى اختيارنا هذه المهنة».
بدوره، رأى عامل النظافة إسماعيل علي، أنه «على الرغم من عملنا الدؤوب، إلا أننا لا نستطيع تنظيف كامل الأحياء بمفردنا»، مشدّداً على أن «المسئولية لا تقف علينا فقط، يجب على جميع المواطنين المساندة في إبقاء شوارعهم نظيفة، ورمي القمامة في الأماكن المناسبة».
يذكر أن الاتحاد العام لنقابات عمّال اليمن، كان قد أعلن البدء بإضراب شامل منتصف الشهر المنصرم، أسفر عنه إضراب 95% من العاملين في النظافة، مطالبين برفع مرتباتهم، وتثبيتهم كموظفين أساسيين، بدلًا من التعامل معهم بنظام الأجر اليومي، وعلى أساس ذلك عقد اجتماع عاجل أقر رفع مرتباتهم.
خليك معنا