خسر الوطن والشعب بوفاته رجلاً مناضلاً نظيفاً شريفاً وهب حياته للثورة والوحدة والوطن، فقد تعرفت إليه في أول مرة في جبلة عاصمة الملكة أروى بنت أحمد الصليحي، عندما جاء للمشاركة في مؤتمر الجبهة القومية بجبلة عام 1966م، أثناء فترة الكفاح المسلح، قادماً من حضرموت بطريقة سرية وعلى حسابه الشخصي مع كوكبة من المناضلين الشرفاء في الوطن الذين وهبوا حياتهم للثورة.
بعد ذلك استمرت الاتصالات واللقاءات بيننا في عدن، المكلا، سيئون، وصنعاء بعد مغادرتنا للسلطة، ودمشق والقاهرة، وأخيراً لقاؤنا فيٍ مصر عندما جاء للعلاج بعد ان أنهكه المرض، ولكن روحه الطيبة كانت تنبض بالحيوية ولم أتوقع إنه وصل إلى هذا الحد من المرض بعد أن تخلت عنه السلطات الحاكمة في الوطن الجريح الذي انهكته الحروب، والذين لم يعالجوا المواطن البار كيف لهم أن يعالجوا جرح الوطن الدامي.
وعندما ساءت حالته المرضية تواصل معي إبنه محمد وشكا من تدهور صحة والده وإن بعض المسؤولين الذين وعدوه بالعلاج منذ 6 أشهر وأعلنوا عن هذا الأتصال عبر القنوات الفضائية وأجهزة التطبيل، لم يعملوا شيئاً له وبرروا ذلك بأن حالته الصحية تتطلب نقله بطائرة مجهزة طبياً، وبسبب ذلك لم تتمكن السلطات الحاكمة في الداخل والخارج من علاجه، مع إنهم يتنقلون مع أسرهم بين عدن والمكلا والخارج بطائرات خاصة تفتح لهم المطارات وتسخر في خدمتهم الطائرات والصالات بينما يحرم المرضى والجرحى من هذه الخدمة الإنسانية.
وقد تواصلت لأول مرة مع عدد من المسؤولين في المهجر وطلبت إسعافه وعلاجه ولكني شعرت بأن ليس لديهم الصلاحيات الكافية لعلاجه وحزنت كثيراً أن يصل بنا الحال والإذلال إلى درجة نعجز معها عن تقديم العلاج لرجل شريف كرس حياته من أجل وطنه وشعبه، وشعرت منهم إن القرار بيد أصحاب القرار ولم تنفع كل جهودي التي بذلتها معهم لعلاج عبدالله البار.
في كل المحطات كان عبدالله البار ذلك الإنسان المناضل صاحب الأخلاق الرفيعة، والمواقف المبدئية، والكف النظيفة، وها هو يرحل عنا في صمت في زمنٍ اختفى فيه الكبار والكبرياء.
رحم الله فقيدنا الغالي وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.
* الرئيس الأسبق لـ«جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية» (سابقاً)
خليك معنا