|بقلم:عبد العزيز بدر القطان|
ولقد شاهدنا ما شاهدناه من قبل، حيث كانت حملة مماثلة على سوريا والعراق وليبيا. اليوم انقلب السحر على الساحر، الدولة التي دعمت من قبل بقنواتها وبكل شيء، ما يسمى «الربيع العربي» تعاني اليوم حصاراً اقتصادياً وإعلامياً وثقافياً وسياسياً وفكرياً. وكل هذه الأحداث حدثت بعد قمة ترامب. أنا لا أريد أن أتكلم عن تكهنات سياسية أو تحليلات سياسية ساذجة وسطحية.
ولكن لم يتخيل العقل العربي ولم يتخيل أيّ إنسان في العالم هذه الانقسامات في الخليج وهذه الأحداث المؤسفة في الخليج. فهؤلاء الدول تجمعهم أشياء كثيرة، 90% تقريباً تطابق في العادات والتقاليد، فمجلس التعاون يعتبر دولة واحدة وهذا واقع، لذلك نستغرب اليوم هذا التفاوت السياسي وهذا الاندفاع السياسي المتهور والمستهتر بأمن المنطقة وأمن الخليج. ونشتم رائحة الكيان الصهيوني ونشتم أيضاً رائحة الإدارة الأميركية.
نشاهد ونراقب قمة ترامب في الرياض، ولا أريد أن أسميها قمة الرياض بل قمة ترامب. هذه القمة كانت للاحتفاء والاحتفال الكبير من قبل الأنظمة الوظيفية. وقد ينزعج البعض مني لاستعمالي كلمة الأنظمة الوظيفية. ماذا أعني بالأنظمة الوظيفية، هذه الأنظمة التي جاءت ولا تعلم شيئاً عن هذه القمة أبداً سوى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيحضر إلى قمة الرياض.
دائماً القمم يكون فيها تحضيرات من قبل وزراء الخارجية واللجان. كل هذا لم يحدث أبداً. بل أكثر من ذلك، إن البيان الختامي أعلن عنه بعد مغادرة أغلب الزعماء والرؤساء. وكل ما سمعناه عبر شاشات التلفزة من تحليلات سياسية وكلمات هي كلمات فارغة.
وبعد مغادرة ترامب للرياض ماذا حدث في الخليج؟ الانقلاب الكبير والانشقاقات الكبيرة بين دول مجلس التعاون. الدول التي كانت الذراع المالية الأولى للإدارة الأميركية في سوريا وأيضاً في العراق من قبل في 2003.
هذه الدول فتحت أبوابها وقواعدها الأميركية لمحاصرة العراق وقصف العراق، وأيضاً من هذه الدول ومن هذه القواعد الأميركية كانت رعاية كاملة وكان مطبخاً سياسياً وعسكرياً واستخباراتياً للأحداث في سوريا ولكل ما حدث في العالم العربي، تحت إشراف الولايات المتحدة وبخدمة هذه الأنظمة الوظيفية.
قمة ترامب وحضور الزعماء العرب والزعماء الإسلاميين، كانت لترتيب البيت الخليجي من الداخل، سواء في المملكة العربية السعودية أو بعض الدول الخليجية. أحداث المنطقة المتسارعة جداً، والنصر الذي حققه اليوم محور المقاومة على أرض الواقع في سوريا والعراق أربك هذه الدول، وهي الحليف الاستراتيجي والداعم اللوجيستي والمالي للإدارة الأميركية.
هذه الدول الخليجية تتعامل بهستيريا، والإدارات الشابة في الخليج تندفع نحو الولايات المتحدة من دون خبرة حقيقية سياسية، كل هذا الاندفاع لاسترضاء الولايات المتحدة لذلك زيارة ترامب كانت هي عبارة عن احتفاء بهذا الحليف الاستراتيجي الكبير، هذا الحليف الذي سرق مقدرات الخليج (450 ملياراً)، وأنا أتصور أن الرقم أكبر بكثير من ذلك هذا تبديد لأموال الشعوب من دون الأخذ برأيها.
هذه الأموال التي صرفت ناهيك عن صفقات السلاح وعن الحروب العبثية. لو صرف ربع هذا المبلغ اليوم على تعليم الشعوب العربية… هذه الشعوب المنكوبة. هي قمة استعراضية، وما حدث لقطر هو تضحية بدولة قرباناً للولايات المتحدة. أنا لا أتكلم دفاعاً عن دولة قطر، فهي ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في أحداث سوريا، ويكفي في هذا المجال تصريح رئيس الوزراء السابق حمد بن جاسم عندما قال «نعم أخطأنا في سوريا».
سبع سنوات وهذه الأموال تصرف على دعم المسلحين في سوريا والى العراق. ما هي الجريمة الكبرى لقطر؟ قطر تدعم الإرهاب. حدثوني عن دولة مالية خليجية لم تدعم الإرهاب، بلد واحد لم يدخل في الأزمة السورية ولم يدعم الإرهاب. في الكويت على سبيل المثال، دكتور في جامعة الكويت في كلية الشريعة، وقف وتكلم عن تجهيز 12 ألف غازٍ. بل أكثر من ذلك، في الصحف الكويتية إعلانات مدفوعة الثمن لهذا الغرض. أليس ذلك إرهاباً؟