مبادرة البرلمان اليمني طبخة غير وطنية دُبّرت بليل، وهي خطوة تقدم من يقف خلفها كطرف انتهازي يسعى لكسب ود الغزاة المعتدين على حساب الوطن وكرامته وتضحيات شبابه الجسيمة والعظيمة.
المبادرة المفاجئة حد الصدمة للقوى الوطنية المقاومة للعدوان السعودي الأمريكي مؤشر مفضوح إلى نوايا خطيرة للغدر بالوطن وبشعبه الصامد لمصلحة تحالف الشر، مقابل الحصول على مكاسب سياسية حقيرة وعبر طرق منحطة تقوم على التسليم المذل لرغبات وأطماع العدوان، وتعمل على تمكين المشروع الأمريكي الإسرائيلي من تحقيق أهدافه الإستعمارية التي عجز عن تحقيقها بالحرب الوحشية الظالمة على اليمن، وفي طليعة ذلك السيطرة على باب المندب والجزر اليمنية في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، والهيمنة على المنافذ البحرية الإستراتيجية.
تقديم البرلمان اليمني لمبادرة استسلام مجانية للعدوان في الوقت الذي يعرف فيه أن هكذا قضايا ليست من اختصاصه البتة، يؤكد يقيناً أنها مبادرة لا تنفصل عن مكائد الشيطان الأكبر وأدواته المتصهينة في المنطقة.
والمدقق في أبعاد فضيحة البرلمان سيجد أنها خطوة عملية أولى في إطار مشروع خياني واضح، يسعى أصحابه إلى تنفيذ خطوات تآمرية أخرى، بعد أن يتم استكمال الحوار حول طبيعة الدور القادم، والاتفاق على تفاصيل الصفقة التي يراد إبرامها في هذا التوقيت المفصلي الذي يمر به الوطن في مواجهته الأسطورية للعدوان، وإحرازه انتصارات عسكرية يمانية في مختلف الجبهات، وثبات ميداني غير مسبوق للجيش واللجان، وتزايد التفاعل الشعبي الواعي لرفد الجبهات بالمال والرجال والسلاح.
مبادرة البرلمان المخزية لم تكن البتة محض اجتهاد خال من سوء النوايا، وليست عملاً مقصوداً به فقط لفت انتباه الغازي السعودي الإماراتي، أو مجرد إبداء حسن نية عابرة تجاه الأطماع الأمريكية الإسرائلية كما هي العادة المعروفة التي ينتهجها البعض في إبداء الإستعداد لتقديم خدماته للأمريكي تارة وللسعودي الإماراتي تارة أخرى، بل إن هذه المبادرة تؤكد أن هناك تواصلاً فعلياً مع الغزاة.
كما أن هذه المبادرة المعلنة من قبل مؤسسة تشريعية محسوبة على مكون سياسي يمثل جزءاً من تحالف وطني، ويدعي أنه شريك في مقاومة العدوان، ما هي إلا دليل إضافي على الرغبة المتأصلة لدى البعض في التجارة الرخيصة بمواقف وتضحيات وصمود الشرفاء.
لذلك، فإن إعلان البرلمان لمبادرة تحمل طابعاً استسلامياً للعدوان، إلى جانب مضمونها الأكثر خطراً على حاضر ومستقبل اليمن من خلال دعوتها الصريحة لوضع البلد كأجزاء منفصلة عن بعضها تحت الإشراف الأجنبي والوصاية الدولية…
وهذا السقوط المدوي لمن يقف خلف هذه المبادرة المشينة، يدل وبشكل واضح على أن هكذا قرار يُعدّ خطوة خيانية أولى لإثبات مصداقية الطرف المتواصل مع تحالف العدوان، وتأكيده عملياً على إمكانية اتخاذه مواقف أخرى تضر بالجبهة الوطنية الداخلية، وتنسجم مع توجه دول العدوان، أو لخدمة أهداف إماراتية في أسوأ خطوات المكر والخيانة المرتقبة.
نجاح البرلمان في تنفيذ هكذا طعنة دون خجل أو خوف من غضب الشعب يعني أن القادم سوف يشهد إبرام صفقات أكثر كارثية على وضعنا الداخلي، من خلال احتمالية تنفيذ مؤامرة متكاملة التفاصيل لخدمة أجندات العدوان، مقابل تحقيق مصلحة سياسية لفئة محدودة، على حساب دماء وتضحيات شعبنا، وعلى حساب سيادة واستقلال وكرامة اليمن.
وهذا ما يجب الوقوف أمامه بقوة وحزم، والتعامل بوعي كبير وجدية حازمة مع هكذا نوايا باتت في حكم التوجه الجاد لطعن الوطن والغدر بصموده الذي أذهل العالم، بل أصبح فخراً لليمن ولكل الأحرار في العالم.