الصباح اليمني|خاص|
يعد منفذ الوديعة المتنفس الوحيد والمدخل المتبقي امام المغترب اليمني، ورغم اهميته يشهد المنفذ اهمالا رسميا يراه المغتربون متعمدا من قبل حكومة الشرعية والرئاسة اليمنية ،كما تحول منفذ الوديعة الحدودي البري ،إلى معبر للموت، فمن ينجو من تعنت من يدير المنفذ ،وفساد الجهة القائمة على التخليص الجمركي قد لا ينجو من حوادث الطريق التي تصل المعبر بمفرق العبر التابع لمحافظة حضرموت، او ينجو من سكاكين قطاع الطرق.
غياب الخدمات أهون من غياب الدولة:
“الصباح اليمني” وخلال نزوله الميداني لعدد من محطات وصول العائدين الى ارض الوطن في عدد من المحافظات اليمنية، واستطلاع رأي اخرين من سائقي شاحنات نقل البضائع أو ما يسميه المغتربون “العفش” ، حيث اجمع المسافرون بان غياب الخدمات داخل المنفذ ليس المعضلة الوحيدة التي يعانيها المغترب وعوائلهم فهو شيء اعتادوا عليه في اليمن خلال الفترة السابقة، لكن الغريب والمثير للخوف – حسب هؤلاء- هو غياب الدولة بسلطاتها التنفيذية داخل المنطقة اليمنية من الحدود.
المغتربون شكوا من هجمات يشنها من وصفوهم بقطاع طرق يمارسون الابتزاز بأبشع صوره بحق المسافر من والى اليمن بالتنسيق مع القائمين على المنفذ، مضيفين ان من يدير المنفذ هم ايضا ليسوا سوى عصابات لا تورد لخزينة الدولة اي مبالغ مالية، وان حدث فتورد الفتات فقط.
ويشير المسافرون الى ان سلطات المنفذ تقوم باستلام رسوم مالية كبيرة على الداخل والخارج منه وبدون سندات رسمية.
ليس ذاك فحسب ،بل يفيد عائدون عبر المنفذ ،بأن من يُقدّر له النجاة باقل الخسائر من السلطات لا يسلم من قطاع الطرق الذين يكمنون للمسافرين “بلباس عسكري على شكل نقاط امنية” تمتد على طول الطريق المؤدية الى الوديعة.
علي بابا والأربعين حرامي:
لسنا هنا بصدد ،قراءة محتوى للرواية الشهيرة “علي بابا والاربعين حرامي” الخيالية وبطلها السندباد ،لكننا سنسرد واقعاً عايشه المغتربون اليمنيون ، للصوص الطرق بين منفذ الوديعة ومنطقة العبر ،بطلها فاعل مستتر خلف الكثبان الرملية والفنادق الفخمة ،ولديه كما يقول المجني عليهم “اربعون لصاً “مسلطين على رقاب المغترب العائد الى اهله ووطنه فإما ان تدفع الإتاوة أو تُدفن مع احلامك في الرمال .
الرمال التي دفنت طموح أربعة مغتربين يمنيين من أبناء محافظة البيضاء ، وأصيب خامس أثناء عودتهم من السعودية إلى ديارهم، في حادثة قامت بها عصابة مسلحة ترتدي زي القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور على طريق العبر.
الحادثة كمثال ، أثارت هلعاً في أوساط المغتربين العائدين إلى بلادهم، لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، وسبقتها العشرات من الحوادث المشابهة التي تقوم بها عصابات مسلحة تمتهن قطع الطريق البالغ طوله 100 كيلومتر، بصورة شبه يومية في ظل غياب أي جهات أمنية.
لا يراعون حرمة أو عيب:
محمد عبدالله هزاع احد ضحايا من وصفهم بالذئاب يشكو تعرضه للسطو من قبل ثلاثة افراد يرتدون “الزي العسكري” في نقطة لا تبعد كثيرا عن المنفذ فيقول: كنت في سيارتي مع افراد اسرتي عائدا الى البلاد فاذا بنقطة عسكرية لا تبعد عن المنفذ سوى عشرة كيلومترات اوقفتني وطالبوا مني اوراق السيارة وجواز السفر ولما اخذوهم قالوا ان عليا بلاغ من الجمرك باني مهرب ويجب تفتيش كل العفش الذي فوق السيارة او دفع حق الحماية للنقطة وبعد مفاوضات طلبوا مني عشرة الاف ريال سعودي فحلفت لهم ان المبلغ غير موجود لديّ، فهددوني باختطافي والاعتداء على اسرتي ان لم اسلم لهم ما معي من فلوس فدفعت كل النقد الذي في جيبي وكانت نحو سبعة الف ريال ،بينما كانت بطاقة الفيزا كارت في شنطة زوجتي فاخلوا سبيلنا بعدما تعهدت ان لا اخبر احد بما حدث.
علي بابا وشاحنات نقل “العفش”:
العصابات المسلحة في طريق العبر ،تمارس القتل في وضح النهار أن لم يُدفع ما يسمونه “بدل حماية” ، وغالبية ضحايا هذه العصابات هم من سائقي شاحنات النقل المحملة برسائل خاصة بالمغتربين، بحكم ما تحمله من مدخرات وبضائع غالية الثمن، بالإضافة إلى سيارات خاصة بعوائل منفردة، والتي لا تسلم هي ايضا من بطشهم “عصابات خط العبر”.
وكما يقول سائقو شاحنات النقل فإنهم قد تعرضوا لعشرات المرات من عمليات الابتزاز لذئاب الطرق، مؤكدين تقديم اكثر من شكوى لإدارة المنفذ والمعسكرات التابعة لقوات “هادي” المنتشرة في الطريق بين الوديعة مرورا بالعبر وتفرعها الى مدينة مأرب ،و الى شبوة، جنوباً، لكن لا حياة لمن تنادي.
ويشير اخرون بان عمليات الابتزاز اجبرتهم على رفع تكلفة النقل على المغترب ، بناءً على سقف تقديري للمبالغ التي تصرف للنقاط المنتشرة على طول الطريق ،سواء تلك التابعة للجيش الوطني الموالي لهادي او التابعة للعصابات المسلحة التي لا يميزها عن سابقتها علامة فجميعهم يرتدون زي الجيش ويحملان السلاح ويطالبان بحق “الحماية”، حسب قولهم.
باصات النقل ولصوص الوديعة :
تنامي الأعمال الإجرامية ضد المغتربين العائدين من أراضي السعودية ، والذين يصلون إلى قرابة مليوني مغترب ، دفعت الكثير منهم إلى ترك سياراتهم الشخصية في المملكة والعودة عبر وسائل النقل الجماعي، خوفاً من تعرضهم لأعمال النهب والسرقة بالإكراه أو التصفية في حال مقاومتهم ورفض الضحايا الإستسلام وتسليم ما بحوزتهم من أموال.
صلاح محمد الشعبي يروي ان احدى نقاط الشرعية استوقفت الباص الذي سافروا على متنه مطالبين السائق بجمع حق الحماية من الركاب فقال له السائق بلهجته السورية يا أخي “هؤﻻء اهل بلدك تعا احكي معهم شومابدك” وبعدما علا صوتهما هاج المسافرون كلهم وصاحوا فاضطر احد المسلحين الى التدخل وطالب السائق بالتحرك معتذرا منهم على سوء الفهم.
المغتربون سواسية أمام لصوص الشرعية:
مغتربون من المحافظات الجنوبية لم يسلموا من عملية النهب، حيث شكى جنوبيون عائدون من دول الخليج ان عملية التقطع والنهب زادت عبر منفذ الوديعة والطريق الممتد عبر مناطق محافظة شبوة، وتسببت – حسب قولهم- تلك التقطعات بفقدان مغتربين ما جمعوه خلال رحلة اغترابهم بحثا عن لقمة عيش. وبحسب مغتربون فإنه وخلال أسبوع واحد فقط تم نهب اكثر من 200 ألف سعودي لمغتربين من يافع الحالة الأولى لعدد من أبناء العرقة بيافع والثانية لأحد أبناء الحد وذلك بحادثتي تقطع ونهب في خط (الوديعة شبوة) من خلال مهاجمة سيارتي المغتربين من قبل مسلحين يرتدون الزي العسكري .
يختلفون على القسمة: