هل وفّرت “الحالة في اليمن” مبرّراً للأمم المتحدة من أجل تفعيل”مجلس الوصاية”، الذي علّق أعماله في مايو 1994؟ في فبراير من العام 2014، تم وضع اليمن تحت «الفصل السابع»، وبعد سنة من ذلك، شنّت السعودية حرباً شاملة على البلاد من دون الحاجة للاستناد إلى بنود هذا الفصل.
ومنذ مطلع العام الجاري، 2017، وجّه “التحالف” الذي تقوده السعودية في الحرب على اليمن، تركيزه بشكل مكثف على الموانئ والجزر اليمنية في البحر الأحمر.
ورد هذا التوجيه في تصريحات القادة العسكريين لدول “التحالف”، كما في تصريحات المسؤولين اليمنيين في حكومة هادي، باسم “معركة الحديدة”. ورغم الرهانات التي بدت حينها واثقة جداً بأن هذه “المعركة” لن تستغرق الكثير من الوقت، تكشفت وقائع القتال عن صمود لم يتوقعه “التحالف”، للقوات الموالية لصالح و”الحوثيين”.
ربما استندت تلك الثقة، التي صبغت رهانات الحسم الخاطف لمعركة الحديدة، على التواجد العسكري لدول كبرى في البحر الأحمر، كالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وغيرها من الدول التي تدعم حرب السعودية في اليمن.
غير أن واقع حال التواجد العسكري في البحر له قواعد وسياقات أخرى لا تجعله مقتصراً على الدول الداعمة للسعودية. ذلك أن التذرع بحماية طرق “الملاحة البحرية”، هو المهمة المشتركة بين الدول النافذة في العالم، بما في ذلك روسيا والصين وإيران… لكي تتمكن من نشر فرقاطاتها ومدمراتها في وضع الجاهزية القتالية.
لا يمكن الجزم بوجود توازن دولي للقوة في البحر الأحمر، لكن بعد أشهر قليلة من إعلان بدء “معركة الحديدة”، روجت وسائل إعلام سعودية لاستعداد الأمم المتحدة وضع ميناء الحديدة تحت إدارتها، مقابل عدول قوات التحالف عن اقتحام المدينة عسكرياً. وفي حين نفت الأمم المتحدة ذلك حينها، لم يلبث المبعوث الأممي إلى اليمن، اسماعيل ولد الشيخ، أن ظهر بمقترح وضع ميناء الحديدة تحت إدارة دولية.
معنى ذلك أن ما كان قطاع واسع من اليمنيين يصفونها بـ”الوصاية الدولية” أثناء المرحلة الانتقالية برئاسة هادي، تعدّت البعد السياسي المجرد إلى البعد الوظيفي الملموس. ويوم الخميس الماضي، تضمن الشريط الإخباري لقناة “الحرّة”، خبراً مفاده بأن “السعودية وافقت على تركيب رافعات جديدة بميناء الحديدة”.
هل يعني هذا أن الأمم المتحدة تتعامل رسمياً مع الحديدة كمدينة تحت الوصاية السعودية؟
حسب معلومات الأمم المتحدة نفسها، فإن “مجلس الوصاية” علق أعماله عقب استقلال “بالاو”؛ و”بالاو” هي إحدى جزر المحيط الهادئ، وضعت تحت الوصاية الأمريكية بقرار أممي منذ العام 1944، إثر هزيمة اليابان في إحدى معارك الحرب العالمية الثانية.
ويشير تعريف “مجلس الوصاية” في ميثاق الأمم المتحدة، إلى أنه مخوّل بـ”أن يفحص ويناقش التقارير المقدمة من السلطة القائمة بالإدارة عن التقدم السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتعليمي لشعوب الأقاليم المشمولة بالوصاية، وبأن يفحص، بالتشاور مع تلك السلطة، العرائض المقدمة من الأقاليم المشمولة بالوصاية، ويضطلع ببعثات دورية أو غير ذلك من البعثات الخاصة إلى تلك الأقاليم”.
السؤال الأهم من سابقه، هو هل يسعى المجتمع الدولي الذي أخفق في إعادة “بناء الدولة” في اليمن كدولة اتحادية عبر مؤتمر الحوار، إلى تنفيذ خطة الأقاليم بإشراف عسكري من دول الجوار؟
حصلت جزيرة باولا على استقلالها بعد أربعين سنة من انتهاء الحرب العالمية الثانية، وعقب وضع اليمن تحت “الفصل السابع” قالت سفيرة بريطانيا في صنعاء، إن “الإرادة السياسية” تمثل “التحدي الكبير أمام بنية الدولة الاتحادية”. ترى ما هو التحدي الكبير الآن بعد ما يقارب ثلاث سنوات من الحرب الطاحنة!