الصباح اليمني_الامارت
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم: إن محكمة إماراتية حكمت على رجل عماني بالسَّجن مدى الحياة في أيار (مايو) الماضي، بعد محاكمة جائرة جدا على ما يبدو.
وذكر بيان لـ “هيومن رايتس ووتش”، أن المواطن العماني، واسمه عبد الله الشامسي، يبلغ من العمر اليوم 21 عاما، وأن لديه اكتئابا وسرطان كلى، وأنه لما تم اعتقاله كان عمره 19 عاما.
ونقل البيان عن أحد أفراد أسرة تأكيده أن أمن الدولة الإماراتي أخضع عبد الله الشامسي في آب (أغسطس) 2018، عندما كان عمره 19 عاما وطالبا في مدرسة ثانوية بالإمارات، للاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي، والحبس الانفرادي المطوّل، والتعذيب.
وقال مايكل بَيْج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش”: “الحكم على رجل لديه الاكتئاب والسرطان بالسجن مدى الحياة، استنادا إلى اعتراف مشكوك فيه، مثال مروع على ظلم النظام القضائي الإماراتي”.
وأشار إلى أن “السلطات الإماراتية ترفض تقديم معلومات عن حالة الشامسي، وهي تحتجزه خلال أزمة فيروس “كورونا” في سجن معروف باكتظاظه، وظروفه غير الصحية، ونقص الرعاية الطبية”.
ووفق “هيومن رايتس ووتش” فإن محاكمة الشامسي التي بدأت في شباط (فبراير) الماضي، بعد أكثر من عام ونصف على اعتقاله، شابتها انتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة، بما فيها منعه من الاتصال بمحام أثناء الاستجواب، وقبول اعتراف يزعم أنه قسري كدليل.
وذكر بيان المنظمة أن محامي الشامسي الذي عيّنته السفارة العمانية قدم طلب استئناف في 4 حزيران (يونيو) الماضي.
ونقل عن أسرة الشامسي تأكيد هذا الأخير “أنه لم يُبلَّغ بأي تهم ضده طوال حبسه الاحتياطي، وإن الأدلة ضده قُدمت إليه قبل شهر فقط من محاكمته، وشملت تغريدات في “تويتر” نفى كتابتها، ومسابقات عبر الإنترنت شارك فيها عندما كان عمره 17 عاما فقط، استضافتها محطات تلفزيون إماراتية وقناة “الريان” القطرية، حيث قال أحد أفراد الأسرة إن الشامسي فاز بجوائز تصل قيمتها إلى حوالي 5 آلاف درهم (1,361 دولار) في هذه المسابقات.
ومنعت السلطات الإمارانية الشامسي أيضا من الاتصال بأفراد الأسرة لنحو ستة أشهر، كما منعت العائلة من حضور معظم جلسات المحكمة والاطلاع على لائحة الاتهام ووثائق المحكمة الأخرى، مشيرا إلى أن محاميا على دراية بالقضية أخبر عائلة الشامسي أن التهم تشمل التجسس لصالح قطر، وهي اتهامات تنفيها الأسرة.
وفي 31 أيار (مايو) الماضي، تلقى أفراد الأسرة، الذين حُرموا من الاتصال بالشامسي منذ أوائل آذار (مارس) الماضي، أنباء من سجناء آخرين بأنه في زنزانة الحجر الصحي للسجناء المصابين بفيروس كورونا في سجن الوثبة قرب أبو ظبي.
وطلبت الأسرة معلومات من سلطات السجن حول ما إذا كان قد خضع لفحص فيروس كورونا أو ظهرت لديه أعراض مرض “كوفيدـ19” الناتج عن الفيروس، لكن لم تزودها السطات بأي معلومات.
واختفى الشامسي، ووالدته مواطنة إماراتية، في 18 آب (أغسطس) 2018 بعد مغادرته منزل الأسرة في العين شرق أبو ظبي. وقالت عائلته إنها لم تعرف مكانه أو ما حدث له حتى 16 أيلول (سبتمبر) 2018، عندما أحضره مجموعة من الرجال يرتدون ملابس عسكرية ومدنية، ومعهم شرطية، إلى المنزل، وفتّشوا منزله وصادروا أجهزته الإلكترونية، واقتادوه مرة أخرى دون أن يعرّفوا عن أنفسهم أو يبرزوا مذكرة تفتيش.
وقال أفراد الأسرة إنهم سألوا عنه، لكن السلطات رفضت الكشف عن مكانه. قال أحد أفراد الأسرة إنه حتى 14 شباط (فبراير) 2019، عندما سُمح لهم بزيارته لأول مرة في سجن الوثبة، كان عناصر أمن الدولة يحتجزونه انفراديا في مركز اعتقال سري.
ونقلت عن الشامسي قوله في إحدى الزيارات العائلية القليلة التالية، إنه خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الاستجواب، عذبته قوات أمن الدولة بالضرب والصدمات الكهربائية وقلع أظافره، وأن السلطات حرمته من الاتصال بمحام طوال فترة احتجازه قبل المحاكمة.
وأضاف: “إن المحققين أجبروه على التوقيع على اعتراف وهو معصوب العينين، استُخدم ضده لاحقا في المحكمة”.
يذكر أن الشامسي كان يتلقى علاجا لسرطان الكلى، الذي أدى إلى استئصال إحدى كليتيه، وكان يتلقى أدوية واستشارات للعلاج النفسي.
وشملت المحاكمة، التي بدأت في 5 شباط (فبراير) الماضي بـ “محكمة استئناف أبو ظبي الاتحادية”، حيث تُنظر جميع القضايا المتعلقة بأمن الدولة، ثلاث جلسات في شباط (فبراير) وآذار (مارس)، وجلسة حكم نهائية في 6 أيار /مايو، التي أبلغ خلالها المدعي العام لأمن الدولة الشامسي لأول مرة بالتهم المحددة التي واجهها.
وعُقدت جلسة النطق بالحكم عن بعد بسبب الإجراءات المتعلقة بفيروس كورونا. ولم يُسمح لأفراد الأسرة إلا بحضور جلسة الاستماع الثانية التي دامت خمس دقائق في آذار (مارس). في تلك الجلسة، أكدت لجنة طبية حكومية أن الشامسي لديه حالة نفسية، لكنها خلصت إلى أنه ينبغي ألا يؤخذ هذا الأمر في الاعتبار أثناء محاكمته.
وكان “فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي” قد أصدر في أواخر نيسان (أبريل) الماضي، رأيا في قضية الشامسي ووجد احتجازه تعسفيا، مشيرا إلى أن رد الحكومة على ادعاءات التعذيب وانتهاك الإجراءات القانونية الواجبة لا يدحض هذه المزاعم بشكل كاف، وقال إن على السلطات ضمان الإفراج عنه فورا.
وآخر زيارة أجرتها العائلة للشامسي كانت في آذار (مارس) الماضي، قبل أن تحظر السلطات زيارات السجن الشخصية لاحتواء انتشار فيروس كورونا.
وتحاول الإمارات، منذ سنوات، إظهار نفسها بصورة “الدولة المتسامحة”، لكنها تبرز على الساحة حاليا بسياساتها القمعية تجاه مواطنيها، وتدخلاتها العسكرية باليمن وليبيا.
ووفقا لمنظمات حقوق إنسان دولية وتقرير للبرلمان الأوروبي، فإن الإمارات “دولة راسبة” بملف الحقوق والحريات؛ بسبب سياساتها القمعية تجاه المطالبين بإصلاحات ديمقراطية، بينها ضمان حرية التعبير.
وقالت هيومن رايتس ووتش إنه نظرا إلى التاريخ الطبي للشامسي، ينبغي للسلطات الإماراتية أن تقدم له الرعاية الطبية التي يحتاج إليها فورا، وتزود أسرته بالمعلومات ذات الصلة وفي الوقت المناسب فيما يتعلق بصحته العقلية والبدنية.
يذكر أن سجل السلطات الإماراتية في مجال حقوق الإنسان يعرف تراجعا منذ سنوات، حيث تزج بالمئات من النشطاء السلميين ونشطاء حقوق الإنسان، المطالبين بإصلاح سياسي يفتح المجال أمام انتخابات ديمقراطية حقيقية، في السجون.
كما أن الإمارات والسعودية والبحرين ومصر كانت قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وأغلقت كافة المنافذ الجوية والبحرية والبرية معها، في أسوأ أزمة منذ تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية، عام 1981.
وفرضت تلك الدول على قطر “إجراءات عقابية”؛ بزعم دعمها للإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة، وتتهم الرباعي بمحاولة فرض الوصاية على قرارها الوطني.
خليك معنا