الصباح اليمني|تقرير خاص|
شهر خامس ، مضافٌ إليه عامان من الحرب المستعرة ،براً وبحراً وجواً، هدفها المعلن إعادة الشرعية اليمنية الى الحكم ، فيما كان القضاء على قدرات الجيش اليمني ،وتدمير قواته هو الهدف الابرز لدى التحالف الذي شكلته المملكة العربية السعودية.
تحليلات العسكريين الأوروبيين
“بعد حرب السعودية على اليمن .. الجيش اليمني لم يضعف بل أصبح مدرسة قتالية فريدة”
في منتصف ليل الـ26من مارس 2015م ،كانت العاصمة اليمنية وبقية محافظات الجمهورية تمطر بشتى اصناف القنابل وصواريخ الطيران، في هجوم مفاجئ كان هدفه المعلن القضاء على قدرات الجيش اليمني واللجان الشعبية ،وشل حركته، وتحييد القوة الصاروخية التي أرقت مضاجع القيادة السعودية منذ سنوات سبقت ظهور جماعة الحوثيين ووصولهم الى صنعاء، فهل تحقق لها ذلك؟
المعطيات تشير الى ان لا شيء تحقق من هذه الحرب رغم طول أمدها ، وبالعودة الى حديث الناطق باسم التحالف العربي العميد أحمد عسيري في ظهوره الاول على شاشات التلفزة سيجد أن الاخير أكد ،نجاح تحالفه في تحقيق كل أمنياته خلال 15دقيقة فقط من بدء عملياته الجوية، فلا صواريخ بالستية كما يقول ولا غرف عمليات للجيش ،ولا قيادة وسيطرة او اتصالات ، واستطاعت قواته إخماد الدفاعات الجوية ، ومهاجمة القواعد الجوية وتدمير الطائرات ، وقرابة 80بالمائة من السلاح اليمني تحولت الى رماد تذروه الرياح، لكن الايام والوقائع أثبتت ان حديث عسيري كان مجرد أماني ، وأحلام ليس إلا.
خيارات الردع:
الكثير من الفرحين انتظروا سقوط العاصمة صنعاء ،كما خطط لها التحالف ، ورسم تباشير ذاك السقوط عسيري، لكن الرد جاء من الجانب الآخر ،وبعد أكثر من 50 يوما ،اعلنت صنعاء بدء مرحلة الرد ،على ما أسمته العدوان ،فاطلقت عملياتها البرية صوب الحدود السعودية ،كما أطلقت صواريخها البالستية على عدد من القواعد العسكرية السعودية، ليخرج علينا عسيري متحدثاً ،عن محاولات عبثية للمليشيا لإثبات وجودها، ومناورات ما قبل السقوط ،وهو أمر لم يقلق عسيري أو قيادته العسكرية الحازمة ،كما قال.
المعادلة تغيرت:
الوعود العسيرية ،ربما ذهبت أدراجها ، كما ذهب ايجازه الصحفي الذي كان يطل من خلاله ، حتى ملّه جمهوره، فاختفى تدريجيا، وبقيت المعارك والصواريخ حاضرة في الميدان ،وها هي اليوم تدخل الحرب شهرها الخامس بعد الحولين الكاملين، وتبدو قوة الحوثيين ،أقوى من السابق ،كما يقول خبراء عسكريون، وهي كما يقولون باتت تتحكم بمسار الحرب ،وإدارة المعارك ، فاستفادت من الحرب ، التي أكسبتها خبرة عملية في الميدان ،كانت تنقصها قبل الحرب، بل ان الظهور المقنن لزعيم الجماعة ،بات مصدر إلهام وتحفيز لدى انصاره ،وبالعكس يمثل بؤساً لدى المملكة والمتحالفين معها، فحديثه عن الخيارات الاستراتيجية ,بدأ المراحل الاولى منها ،يوحي حسب محللين عسكرين عن قيادة حكيمة ،تفقه فن التكتيك العسكري ،كما تدرك مفاهيم المراوغة السياسية، وتتقن لعب الاوراق في الوقت والمكان المناسبين ،وهذا ما ينقص قيادة التحالف والتي رمت بكل اوراقها دفعة واحدة .
وبحسب أحد المحللين العسكريين، فإن مجريات العمليات العسكرية على الأرض منذ فبراير من العام الجاري تؤكد بأن التحكم بمسار هذه العمليات أصبح بيد قوات صنعاء، كما أن التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات في اليمن تحول اليوم من مخطط ومدبر للعمليات الهجومية إلى إدارة للعمليات الدفاعية، وأصبحت غرفة عمليات التحالف تواكب المعارك بناءً على العمليات الهجومية المفاجئة هنا وهناك التي تدار من غرفة عمليات قوات صنعاء.
الجيش اليمني في نظر خبراء الغرب:
ويجمع خبراء الحروب والتخطيط العسكري بأن الجيش اليمني اليوم لديه من الخبرات القتالية ، ما يؤهله الى مصاف الجيوش المتقدمة، بغض النظر عن جوانب التسليح ،ونوعية العتاد التي لا يزال غير قادر على امتلاكها رغم تغلبه عليها بوسيلة أو بأخرى، حيث كان يمتلكها التحالف ويستخدمها في معاركه لإعادة الشرعية.
ويرى محللون عسكريون غربيون بأن الجيش اليمني الذي كان يُصنف الخامس عربياً، أثبت أنه أقوى من ذلك بكثير، فقد أدهش المقاتل اليمني العالم في ثباته وقدرته على المواجهة ، وكسر كل نظريات ومعادلات القوة والتسليح ،حسب قولهم .
ويضيف احد الاكاديميين العسكرين في بريطانيا بان المقاتل اليمني بات بحد ذاته مدرسة قتالية فريدة يجب أن تدرّس، مشيرا الى ان عددا من الاكاديميات العسكرية الغربية بدأت بالفعل في استعراض ودراسة المقاطع المصورة التي يبثها الاعلام الحربي اليمني، وتعليمها للطلاب ،.
الجاهزية للأسوأ:
وذهب محللون عسكريون بان الجيش اليمني والقوات المنضوية تحت لوائه لم تثبت قدرتها في المواجهة البرية والتغلب على نقاط القوة لدى الجيش السعودية ومن معه فقط ، بل استطاع ايضا النجاح في المواجهة البحرية والتي كانت تنقصه وتغيب عنه في دورات التدريب والتأهيل.
ويضيف المحللون بأن التحالف، دخل المواجهة البحرية كحل أخير ،بعد فشل القصف الجوي الكثيف ،وفشل تقدم القوات البرية التي يدعمها، كما عجزت القوات السعودية من الحفاظ على حدودها ، فاختارت البحر كنقطة ضعف لدى الجيش اليمني الذي تنقصه مهارات المواجهات البحرية ،ليتفاجؤوا باستعدادات ومهارات قتالية ،كانت كفيلة بإفشال كل عمليات الانزال البحري وقدرة فائقة على التخفي والمناورة ،واستطاعوا ضرب وتدمير عدد من بوارج وزوارق التحالف.
الخلاصة:
وخلص المتابعون بان التحالف فشل في تحقيق اجندته في اليمن ،ورغم عتاده العسكري الضخم ،فلم يتحقق ولن يتحقق له أي من اهدافه –كما يقولون – لأسباب كثيرة وان ايقاف عملياته في اليمن واعلان انسحابه بات مجرد وقت.
ويشير المراقبون ان التحالف لم يفشل في تحقيق أهدافه فقط ،بل تسبب في أزدياد قوة الحوثيين العسكرية ،وارتفاع معنوياتهم القتالية ،فالجيش المستهدف من التحالف عزز مكانته عُدةً وعتادً ،
وبات يطور مختلف الصناعات العسكرية بما في ذلك الصورايخ البالستية وطائرات الدرونز الاستطلاعية ،وتصنيع مختلف انواع الذخائر التي يقاتل بها .
ويضيف اخرون بان الجيش اليمني أكتسب من المعارك الميدانية ،ما يفوق عشرات السنوات من التأهيل والدراسة العسكرية بما فيها المناورات العسكرية بالذخائر الحية، معتبرين ان الجيش اليمني كان ينقصه التمس على المواجهة البحرية ،الا انه استطاع التغلب على نقطة الضعف هذه باسلحة تقليدية بسيطة اثبتت جدواها ،
واجبرت الاساطيل البحرية للتحالف على التراجع بعيدا عن السواحل اليمنية ، وان التواجد الاماراتي في سواحل مدينة المخا مازال مهددا بعد انسحاب تكتيكي من المدينة لتفادي الخسائر البشرية في المناطق المكشوفة امام الطيران الحربي بشتى صنوفه ،والتمركز في سفوح الجبال ،واستدراج القوات المعادية الى حرب استنزاف طويلة ،وهو الواقع الذي حذر منه خبراء التحالف العسكريين،منذ بداية عمليات عاصفة الحزم .
خليك معنا