الصباح اليمني_قراءات|
التوجه الذي تعتمده الادارة الاميركية على اعتاب تطبيق “صفقة القرن” هو تقويض جبهات النزاع التي يثيرها ترامب، اما السعودية والامارات ايضا فتفكران بخروج مشرف من العدوان الفاشل على اليمن، هذا في حين ان انصار الله تفكر بصون حقها المشروع المتمثل بصون استقلالها وسيادة قرارها وبالطبع تعزيز هذه المبادئ الديمقراطية. السؤال المطروح حاليا، ماذا سيكون مصير هذه التوجهات المتضاربة؟
مضت ثلاثة اسابيع على الانذار الذي اطلقته اميركا لتحالف العدوات السعودي بغية الحضور الى طاولة المفاوضات، ذلك الانذار الذي يحمل في طياته اعترافا بفشل اربع سنوات من عدوان التحالف السعواماراتي على اليمن. حاليا الممثل الخاص للامم المتحدة في الشأن اليمني يقوم بزيارات مكوكية بين الرياض وصنعاء، ومسودة القرار البريطاني برواية سعودية – كما وصفه محمد علي الحوثي- ينتظر طرحه في مجلس الامن منذ الجمعة الماضية حيث تجري تعديلات عليه.
ترامب وفي خطوة اثارت استغراب غالبية المحللين تطرق في بيانه الذي كان من المقرر ان يخصص للاعلان عن القاتل الحقيقي لجمال خاشقجي، عاد ليطلق تصريحات مضحكة مبكية كما هو ديدنه، حيث اعتبر ازمة اليمن بانها تعود الى التواجد الايراني في هذا البلد وحربها النيابية مع السعودية. هذا في حين ان السعودية والامارات وصلتا الى مرحلة الاستنزاف وفقدتا الامل بتحقيق اي نصر في حربهما باليمن، ولذلك كانتا السباقتين في خفض التصعيد على ميناء الحديدة وليس وقف هجماتهما. جميع هذه التطورات تأتي في حين ان حركة انصار الله لا زالت تصر على نيل استقلال بلادها السياسي الى جانب اليمنيين العازمين على تحقيق هذا التطلع والحق المشروع اكثر من اي وقت مضى. ومن هنا يمكن القول انه يمكن التكهن بشأن مستقبل السلام في اليمن من خلل اخذ النقاط التالية بنظر الاعتبار:
النقطة الاولى: في حين ان الاحصائيات تشير الى انه كل عشر دقائق، يقضي طفل يمني نحبه من الجوع والمرض، وفي حين ان سوء التغذية والامراض الناتجة عن الحصار السعودي – الاماراتي الى جانب القصف المستمر للشعب اليمني ادت الى الوضع المأساوي الراهن، اعلن تقرير صادر عن هيئة انقاذ الاطفال ومقرها بريطانيا ان نحو 85 ألف طفل دون سنّ الخامسة ربما ماتوا بسبب المجاعة والامراض والقصف خلال سنوات الحرب المفروضة على اليمن. هذا يعني ان اي عملية سلام في اليمن ستكون رهنا بألغاء الحظر والتهديد والتفكير باثارة اي حرب مستقبلية.
النقطة الثانية: في حين ان اليمنيين رحبوا كما في السابق بالدعوة الى وقف اطلاق النار ومن ثم مفاوضات السلام، واعلنوا استعدادهم للمشاركة في المفاوضات المقررة بالسويد، من الطبيعي ان يعارضوا فرض اي ظروف غير متكافئة عليهم في المفاوضات. لا ننسى بان السعودية والامارات شنتا مرتين على اقل تقدير خلال الاشهر الاخيرة هجوما شاملا على الحديدة، بغية احتلال هذا الميناء الاستراتيجي لارغام انصار الله على الجلوس الى طاولة المفاوضات، او على اقل تقدير ان تكون لها اليد العليا في المفاوضات. طبعا جميع هذه المحاولات باءت بالفشل اثر اصطدامها بصخرة عزيمة وارادة الشعب اليمني.
النقطة الثالثة: قبل يومين وحين سعى ترامب من خلال بيان اصدره لانقاذ ابن سلمان من ورطة جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، اشار في جانب من بيانه الى ضرورة وقف الحرب النيابية بين ايران والسعودية في اليمن وقال: ان انسحبت ايران من اليمن فان السعودية ايضا ستغادر اليمن بملء رضاها. تصريحات ترامب هذه تأتي في حين انه ومنذ بداية العدوان على اليمن، تذرع التحالف السعودي، بأن العدوان يأتي لدعم الرئيس المستقيل والفار عبد ربه منصور هادي، ولم يكن هناك اي تلميح عن ايران لا من قريب ولا من بعيد، هذا فضلا عن انه وخلال السنوات الاربع الماضية من العدوان على اليمن، لم يقدم اي دليل يثبت تواجد الايرانيين في اليمن. بناء على ما قيل آنفا ونظرا الى الذرائع، يمكننا القول انه، حتى لو تم التوصل الى اتفاق سلام في اليمن، فان الارضية ستكون ممهدة دائما، للتدخل ثانية من قبل دول مثل اميركا والامارات والسعودية.
النقطة الرابعة: نقلت وكلة “رويترز” مؤخرا خبرا مفاده ان انصار الله نشرت افضل عناصرها القتالية في الحديدة، وفي وقت سابق كانت مصادر يمنية اعلنت عن توجه العشائر اليمنية الى هذا الميناء الاستراتيجي للمحافظة عليه. هذا يعني ان المخابرات الاميركية وكذلك السعودية والاماراتية علمت قبل الكل وفق تقييماتها بان مستقبل الحرب اليمنية قاتم، ولذلك بدات تبحث عن الحلول السلمية. ولكن الدور الذي سيناط الى عميل مثل هادي في يمن المستقبل لا زال مجهولا. قد يكون تغيير رئيس وزراء هادي وتبديله بـ”معين” هو جزء من السيناريو الذي تبيته اميركا والائتلاف لمستقبل اليمن. لا ننسى بان الامارات كانت دائما من الدّ اعداء هادي.
النقطة الخامسة والاخيرة: هي انه، بناءا على المخطط المشترك الذي وضعته اميركا وتحالف العدوان، ليس تم وضع مسالة تهدئة المنطقة تحسبا لتطبيق “صفقة ترامب” على قائمة الاولويات فحسب، بل لا يبعد ان يكونوا قد بيتوا مصيرا مشابها لغزة الى اليمن، وفي ضوء هذا المخطط يجري فرض حصار رسمي على انصار الله من قبل عملاء اميركا والامارات والسعودية من جهة، واستمرار تخييم شبح الحرب الدائمة على رؤوس اليمنيين من جهة اخرى.
هذا في حين ان المؤشرات والتجارب تثبت ان انصار الله وبفضل الخبرة التي حصلت عليها من خلال ادارتها للحرب غير المتكافئة التي تخوضها منذ اربع سنوات، تتخذ جانب الحيطة والحذر في كل تحركاتها. ونحلص مما سبق انه في حال تحقق السلام فان النصر الدبلوماسي سيكون حليف انصار الله على اي حال، كما هو حالها بتحقيق النصر في الحرب الصلبة والناعمة خلال السنوات الاربع الماضية.
ابو رضا صالح – العالم
خليك معنا