السعودية كانت دائما جاهزة لمشاركة أمريكا في مؤامراتها ضدّ العرب والمسلمين . لقد شاركتها في تدمير الوحدة السورية المصرية التي كان من الممكن أن تكون نواة وحدة عربية شاملة، وحاربت الثورة اليمنية منذ قيامها، وتشارك حاليا في تدمير اليمن والعراق وسورية وليبيا، وبذلت كل جهد ممكن لإفشال الحركة القومية العربية، وساهمت في إفشال الربيع العربي، ودعمت الأحزاب الإسلامية المعادية للديموقراطية، وهدرت ثروات طائلة في مؤامرات وصفقات لم يجني منها الشعب السعودي والأمة العربية شيئا ! لقد فعلت كل هذا ” خدمة للإسلام والمسلمين” كما تدّعي هي ورجال الدين المنافقين المتحالفين معها، والداعمين لسياساتها التي لا تخدم إلاّ أعداء الأمّة والدين!
لعبة هذا الحلف السعودي الأمريكي العربي الإسلامي الجديد مكشوفة . أمريكا وإسرائيل تريدان ضرب الثورة الإيرانية لإجهاضها قبل أن تتحوّل إلى قوّة كبرى تشكّل تهدّيدا لمصالحهما ووجودهما في المنطقة. إنهما تضخّمان ما تسميانه ” التهديد الإيراني لدول الخليج ” لإبتزازها إقتصاديا والتحكم بها سياسيا، ولإلزام حكامها على شراء سلاح أمريكي بمئات المليارات من الدولارات لحماية دولهم وعروشهم.
إسرائيل وأمريكا وليست إيران هي التي تهدّد أمن الخليج والوطن العربي، وهي التي صنعت الإرهاب وليست إيران كما يدّعي ترامب ونتنياهو وبعض حكّام الدول الخليجيّة والعربية. أمريكا وإسرائيل لن تحاربا الإرهابيين الذين يقومون بتدميرالوطن العربي نيابة عنهما، وبالتعاون مع دول عربية وإسلامية. إنهما تراقبان سفك الدماء والتدمير العربي- العربي بسرور بالغ، وتعملان معا على تأجيج الخلاف الخليجي الإيراني، واستخدامه كشمّاعة لتحقيق أطماعهما والمحافظة على مصالحهما.لو كان الحكام العرب يعقلون، لأقاموا تحالفا عربيّا إسلاميّا يشمل إيران للتصدي لهما ولأطماعهما المعروفة في المنطقة ولتحرير القدس وفلسطين !
مجلس التعاون الذي تم ّ تشكيله للتصدي للثورة الإيرانية ومنع إنتقالها إلى أقطار عربية وإسلامية أخرى، لم يحقق شيئا لمواطني الخليج وللأمّة العربيّة منذ تأسيسه . الدول المشاركة فيه جميعا دول وراثية، حكّامها لا يثقون ببعضهم بعضا، ولم ينجحوا إلا في بثّ العنصرية والتفرقة بين أبناء الوطن العربي.
السعودية حاولت دائما السيطرة على المجلس والتحكم بقراره، مما أثار مخاوف دوله الأخرى من هيمنتها عليه. ولهذا فإن المجلس عانى من أزمة ثقة كبيرة وعدم اتفاق بين حكّامه على سياسات موحدة. عمان والكويت لهما مواقفهما وسياساتهما المختلفة، وقطر متمرّدة ، والبحرين مستسلمة للهيمنة السعودية مقابل الدعم المالي والعسكري الذي تتلقاه منها، والإمارات العربية تسود علاقاتها مع قطر والسعودية فتور وتوتر .
حكّام دول مجلس التعاون الخليجي حاولوا تجاوز خلافاتهم منذ تأسيسه ببوس اللحى والمجاملات على الطريقة العربية، ولكنهم فشلوا، وكان … مؤتمر ترامب السعودي الإسلامي … وقراراته القشّة التي قد تقصم ظهر البعير وتؤدي إلى تفكّكه. السعودية والولايات المتحدة وإسرائيل تريد إقحام دوله في مواجهة مع إيران، لكن قطر وعمان والكويت تفضّل إقامة علاقات تعاون وودّ معها، وتنظر إليها كدولة مسلمة وجارة، وترفض الرضوخ والمشاركة في هذا الحلف الذي قد يورطها في صراع سيلحق بها ضررا بالغا يهدّد استقرارها وأنظمة حكمها، ولا يخدم سوى الولايات المتحدة وإسرائيل .
هذه الخلافات قد تقود إلى تفكّك هذا المجلس، أو إنسحاب بعض أعضائه وإقامة علاقات سياسية وعسكرية متينة مع إيران .الخلافات العلنية الحالية بين قطر والسعودية ليست حديثة .قطر تخشى جارتها الكبيرة ولا تثق بها وتعتقد أن إرتباطها بإيران أقل خطرا على مستقبلها من الرضوخ للإرادة السعودية .إن تمرّدها على محاولات السعودية للهيمنة على دول الإتحاد، سيشجّع عمان والكويت على التمرد أيضا، وقد ينتهي هذا التحالف القبلي الذي لا يهتم إلا باستمرار حكم العوائل المسيطرة على دوله.
نحن كعرب لا نريد لأي اتحاد عربي يخدم الأمة أن يتفكّك، لكن هذا الإتحاد لم يحقّق شيئا للأمة العربية، ولهذا فإن إنسحاب بعض دوله منه، أو حتى تفكّكه، لن يغير من الأمر شيئا. الوضع العربي سيء جدا بوجود الإتحاد أو عدمه ، والأمل الوحيد هو في الشعوب العربية التي لا يمكن أن تظلّ لا مبالية كما هي الآن، وستتحرّك لتصفّي حسابها مع حكامها الذين خانوها وفرّطوا بكرامتها وحقوقها.