الصباح اليمني _ الخليج |
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا للكاتب ديفيد سانغر يقول فيه إن الرد الطبيعي للرئيس دونالد ترامب بعد عملية القتل التي نفذها متدرب من الطيران السعودي في قاعدة جوية في بن ساكولا في فلوريدا يوم الجمعة هو حماية السعوديين.
ويشير التقرير إلى أن قيام المتدرب بفتح النار على زملائه وقتل 3 وجرح ثمانية كان عملية كشفت عن الدينامية الغريبة بين الرئيس ترامب والقيادة السعودية وكان رده الأولي هو استبعاد أي اقتراح يتعلق بتحميل السعودية المسؤولية.
ويفيد سانغر بأن ترامب كتب بعد ساعات على “تويتر” تغريدة قال فيها إنه تلقى التعازي من الملك سلمان من أجل تأكيد عدم تأثير الحادث على العلاقة بين البلدين وأخبر في يوم السبت الصحافيين وهو يغادر البيت الأبيض في رحلة لجمع تبرعات لحزبه أمام جماعة مؤيدة لإسرائيل قائلا: “إنهم محطمون في السعودية” وأضاف أن “الملك سيقوم بنفسه بمتابعة العناية بالعائلات وأبنائها الأعزاء” ولم يستخدم كلمة “إرهاب” في حديثه.
وتجد الصحيفة أن ما لم يكن واضحا من الرئيس هو غياب التأكيدات على تعاون السعوديين في التحقيق والمساعدة في تحديد دوافع المنفذ أو الإجابة عن أي سؤال حول عملية التدقيق في اختيار من ترسلهم السعودية للتدريب في واحدة من أهم كليات التدريب لدولة حليفة أو الإجابة على سؤال أهم يتعلق باستمرار الولايات المتحدة في تدريب عناصر سلاح الجو الملكي السعودي وهم أنفسهم الذين يواجهون اتهامات موثوقة بارتكاب انتهاكات في اليمن بما في ذلك رمي القنابل التي تزيد من أعداد الضحايا المدنيين هناك.
وينقل التقرير عن الصحفي في معهد بروكينغز والمحلل السابق في “سي آي إيه” بروس ريدل قوله إن “الهجوم يعد كارثة في ضوء العلاقات المتوترة” وأضاف أن الحادث “سيركز الانتباه على الدور الأمريكي في تدريب ضباط سعوديين يقومون بغارات لقصف الأبرياء في اليمن الذي يعد أسوأ كارثة إنسانية في العالم” وأشار الى المعركة التي يخوضها البيت الأبيض مع الكونغرس الذي يحاول وقف الحرب الكارثية في اليمن.
ويرى ريدل أن “الغريب” أن الرئيس “يردد مثل الببغاء الموقف السعودي” وقبل أن يعرف نتائج التحقيق وإن كان المنفذ قد تصرف بمفرده أو انه كان من أتباع جماعة القاعدة الإرهابية.
ويقول الكاتب إن “حسابات البيت الأبيض في الوقت الحالي: السعودية ليست مهمة فقط لإمدادات النفط العالمية مع أنها لم تعد مهمة للولايات المتحدة فهي الدولة الوحيدة التي تستطيع مواجهة إيران ولهذا السبب يحاول مسؤولو الإدارة التقليل أو تجنب أي انتقاد يضعف التعاون الأمريكي السعودي ضد إيران”.
وتلفت الصحيفة إلى أن ترامب سارع وعبر عن رغبة لطمأنة السعوديين بأن العلاقة ستستمر وقبل أن يعرف أحد دوافع المنفذ وماهيته وأثار أسئلة حول الطريقة التي كانت سترد فيها الإدارة لو كان المنفذ إيرانيا أو مهاجرا مكسيكيا ففي أثناء حملته الانتخابية عام 2016 قال ترامب إن مقتل امرأة في كاليفورنيا على يد مهاجر غير مسجل كان السبب لقمع المهاجرين والدعوة لبناء جدار على الحدود الجنوبية.
ويورد التقرير نقلا عن المفاوض السابق والزميل في وقفية كارنيغي للسلام الدولي آرون ديفيد ميللر قوله: “لو كان الهجوم نفذه شخص من دولة مسلمة حظر أبناءها من دخول أمريكا لكانت ردة فعله مختلفة.. عندما يتعلق الأمر بالسعودية فالموقف هو الدفاع عنها فهو مدفوع بالمال والنفط ومبيعات السلاح وهي صفقة تناسب السعوديين وغزلهم” ولهذا خلق حولهم محورا من الحصانة لا يمكن اختراقه.
ويذكر سانغر أن هذه ليست هي المرة الأولى التي اتخذ فيها ترامب موقف الدفاع عن السعوديين فبعد مقتل الصحافي في “واشنطن بوست” جمال خاشقجي قلل وزير الخارجية مايك بومبيو من أي معلومات استخباراتية ربط ولي العهد محمد بن سلمان بالجريمة مع أن نتائج تحقيقات واستنتاجات “سي آي إيه” ربطت بين ولي العهد ومقتل الصحافي.
وتستدرك الصحيفة بأنه رغم وعد بومبيو وترامب بمتابعة الأدلة وإلى أين تقود لكن بومبيو عبر عن ضيق خلال العام الماضي عندما تم طرح الموضوع وعادة ما يرد بأن الولايات المتحدة تنتظر نتائج التحقيق السعودي وأكد للكونغرس أن العلاقات الأمريكية السعودية مستمرة مهما كانت النتائج ولا يمكن رهنها بحادث مروع نفذ بطريقة سيئة.
وينوه التقرير إلى أنه قبل هجوم يوم الجمعة كان البيت الأبيض يخوض معركة مع الكونغرس لقطع الدعم عن السعودية مشيرا إلى تعليق ميللر قائلا في تغريدة: “لو كان ترامب يريد نقل تعزية الملك سلمان، فهذا جيد.. لكنك لا تفعل هذا في اليوم الذي قتل فيه الأمريكيون” وهو ما يعطي صورة بأن “ترامب يبدو شخصا يعتذر نيابة عن السعوديين”.
ويفيد الكاتب بأنه بعد إعلان بومبيو عن اتصاله مع وزير الخارجية فيصل بن فرحان آل سعود فإن السفير الأمريكي السابق في إسرائيل مارتن إنديك كتب تغريدة قال فيها: “أليس من المثير كيف نشر ترامب وبومبيو تعزية السعوديين على مقتل ثلاثة أمريكيين دون نقد جريمة قتل الحكومة السعودية” لخاشقجي.
وتبين الصحيفة أن هذا كله لا يعني أن العلاقة قوية كما في السابق فالحديث عن دعم السعودية في برنامج نووي قد توقف وفرص توفير الدعم العسكري لها كما في السابق تقل.
وتختم “نيويورك تايمز” تقريرها بالإشارة إلى قول ريدل: “العلاقات الأمريكية السعودية في غرفة الإنعاش” وستكون في خطر لو فاز الديمقراطيون في انتخابات عام 2020 مشيرا إلى وصف جوزيف بايدن السعودية بالدولة المارقة وهو الذي دعم السعودية ولعقود طويلة.
خليك معنا