الصباح اليمني_مساحة حرة|
أول حالة كورونا في حضرموت هي النذير لنعلم أن استمرار الحرب سيجلب للبلاد الموت المحقق مرضاً وجوعاً.
إغلاق الحدود والحصار يعني أن الغذاء والدواء سيختفي في ظل تعقيدات استيرادهم، ويجب انسانيا ان تسمح الهدنة بالبحث عن وسائل عاجلة لإيصالهم.
العالم مطالب بفرض وقف الحرب لإنقاذ اليمنيين.
بينما الحكومة المهاجرة تتهرب من مسؤولياتها وتعوض استرخاءها بمفردات سمجة وخطابات مملة وبيانات بلهاء ووعود كاذبة.
الحكومات المحترمة تعيش مع الناس ولا تتركهم يعانون الجوع والمرض والحرب والحصار بينما تسكن فندقا فاخرا.
الزعامة لا تأتي عبر الشاشات والضجيج ولها مسار لا يقوى عليه الا الكبار!
وحين استخدم في كتاباتي مفردة “الرخوة” لتوصيف “الشرعية” فليس ذلك تناولا شخصيا لمن يعمل معها، ولكن للتعبير عن سوء أدائها وفشلها في تحقيق أي إنجاز وطني منذ هروبها من صنعاء بعد الانقلاب المسلح الذي قام به مسلحو جماعة (أنصار الله) في 21 سبتمبر 2014 ثم بدايات الحرب في 26 مارس 2015.
ورغم التبرير المقبول نوعا ما الذي تسوقه معظم القوى السياسية التي خرجت بأنها كانت مضطرة لاتخاذ هذا القرار كي لا تصبح خاضعة لسلطة الميليشيات ولخشيتها التعرض لعقابها، ولكنه في ذات الوقت أثبت عدم قدرتها ورغبتها في المقاومة وتركت الناس لمصيرهم دون غطاء على أمل العودة قريبا.
خلال الساعات الماضية تناولت المواقع الإعلامية بعضا من تفاصيل خلاف بين عدد من الوزراء في اجتماع تم عبر الانترنت.
إنه من المعقول والمنطقي حدوث خلافات حول السياسات العامة وحول قضايا تهم المواطنين وتمس احوالهم المعيشية وانقطاع مرتباتهم منذ سنوات خمس او البحث في إمكانية مواجهة كارثة الوباء الذي يهدد البلاد والعباد او دراسة اسباب انهيار كل الخدمات الأساسية وانعدام الامن في ال85 ٪.. لكنهم نحوا كل هذه القضايا جانبا لانهم يعتبرونها ترفية.
الذي حدث –بحسب ما تم تناوله إعلاميا- هو ان الاجتماع تحول الى اتهامات مباشرة وجهت الى وزير الدفاع حول مبلغ يقترب من 900 مليون دولار يقال انها صُرفت لحساب وزارته… نعم 900 مليون دولار! قالوا انها جاءت من حساب الحكومة اليمنية من عائدات هي حصيلة بيع النفط والجمارك والضرائب، ومقتطعة من قوت الناس وعلاجهم.
سأفترض ان هذا الرقم صحيح لان وزير الدفاع لم ينفه، لكني أسأل: لماذا تم فتح هذا الملف الآن؟ أين الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة؟ أين هيئة مكافحة الفساد؟ أين رئيس الوزراء منذ عامين؟ اين مكتب الرئيس؟ اين كان هؤلاء من عامين وقبلهما؟
ان تحول مجلس الوزراء الى ساحة لتصفية الحسابات يثبت عدم كفاءته وعجزه عن مواجهة مسؤوليته الأخلاقية والوطنية، فحين تنشغل أي الحكومة بتوافه الأمور وتتحول الى كتل متصارعة ويكون الناس اخر همومها، فإن الحديث عن (استعادة الدولة) يصبح ملهاة مضحكة، ولن تجدي الخطابات المملة والمصفوفات والانفوغرافيك لاقناع الناس به وبهم.
لم تقدم أي من حكومات الشرعية الرخوة أي انجاز ضئيل يذكره الناس لها، وتخلت عنهم في الداخل والخارج وانشغلت بتأمين أوضاع قلة من منتسبيها، وصار لكل كتلة فريقها الإعلامي الذي يدافع عنها وينشر فضائح خصومها.
حين يغيب رئيس الجمهورية عن الناس ويترك صلاحياته كاملة لنجليه ومدير مكتبه المنشغلين بتوقيع قرارات التعيينات وصرف المساعدات،
وحين يصبح رئيس الحكومة موظفا كبيرا لا يعنيه الا تلميع صورته دون ان يقدم ما يشفع توليه هذا الموقع ولا يمتلك كفاءة ومهارات تدعم ما ينشره صحفيوه،
وحين يصبح الوزراء أحزابا مهمتهم اقتلاع المنافسين وتشويه سمعتهم ومدافعين عن فساد انصارهم،
حين يكون هذا هو المشهد في قمة الدولة فكيف يمكن ان يقتنع الناس بأن كل هذه المؤسسات تمثلها وتعبر عن أمالهم وامنياتهم في حاضر اقل دموية وبؤسا او مستقبل اكثر أمانا.
(ملاحظة: كنت اود الحديث عن دور مجلس النواب لكن أعضاءه يرون أنهم الأكثر نزاهة والأسد حرصا على الوطن والاعظم أحتراما للقسم الذي ادوه مرة واحدة قبل 15 سنة ولذا فهم فوق النقد).
مصطفى أحمد النعمان:
خليك معنا