تطرق موقع «ميدل إيست آي» إلى ملف اغتيال الشخصيات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي في مدينة عدن، مشيراً إلى أن مقتل إمام وخطيب مسجد الثوار في المدينة، شوقي كمادي، «يطرح تساؤلات حول الجهة» التي تقف خلف ذلك النوع من العمل.
ولفت «ميدل إيست آي» إلى أن عملية اغتيال كمادي، القيادي في «حزب التجمع اليمني للإصلاح»، تعد جزءاً من سلسلة اغتيالات طاولت قادة عسكريين، ودعاة مقربين من الرئيس هادي، والحزب المحسوب على تنظيم «الإخوان المسلمين»، منذ أواسط العام 2016، حيث زاد عدد رجال الدين الذين تم اغتيالهم منذ ذلك التاريخ على 22 داعية، فيما يقدر عدد العسكريين المستهدفين عبر ذلك النوع من العمليات بالعشرات، موضحاً أن «كثيرين يتخوفون من أن تلك العملية لن تكون الأخيرة».
وألمح «ميدل إيست آي» إلى أن خضوع مدينة عدن لسيطرة قوات «الحزام الأمني»، وهي «ميليشيات معادية لحكومة هادي»، و«مدعومة من الإمارات العربية المتحدة»، «لم يسفر عن شيء لناحية إيقاف عمليات اغتيال عشرات الدعاة والشخصيات الموالية لهادي»، في إشارة إلى احتمال تورط تلك القوات بالاغتيالات، وذلك في ضوء خشية الرئيس هادي من العودة إلى المدينة «خوفاً على حياته»، وفي ظل «استهداف مؤيديه واحداً تلو الآخر» داخل المدينة الجنوبية من قبل مناوئيهم. وفي الإطار عينه، أشار الموقع إلى أن الشكوك في هذا الشأن تحوم حول قوات «الحزام الأمني»، وبالتالي الإمارات العربية المتحدة، متوقفاً عند واقعة إحراق المقر التابع لـ«حزب التجمع اليمني للإصلاح» في عدن مرتين من قبل تلك القوات، والصدامات المتكررة بينها وبين قوات هادي.
وفي سياق متصل، اتهم وكيل وزارة الإعلام في حكومة الرئيس هادي، عبد الكريم الهدياني، الإمارات العربية المتحدة بالوقوف خلف الاغتيالات في عدن، موضحاً أن «المشتبه فيهم نادراً ما يتم إلقاء القبض عليهم، فيما أولئك الذين ينتهي بهم المطاف في أيدي الإماراتيين سرعان ما يقدر عدد العسكريين المستهدفين عبر ذلك النوع من العمليات بالعشراتيختفون». وتساءل الهدياني، في حديث إلى «ميدل إيست آي»، عن مصير «المجرمين الثلاثة المتورطين في اغتيال الشيخ عبد الرحمن العدني»، وهو رجل دين سلفي قتل في فبراير من العام 2016، وعن «قتلة المحافظ السابق لعدن، جعفر محمد سعد»، لا سيما أنه في الحالتين تم إلقاء القبض على مشتبه فيهم، بحيث تم احتجازهم في سجون تديرها الإمارات العربية المتحدة، ليتواروا عن الأنظار منذ ذلك الحين. وأكمل الهدياني: «كلنا نعرف من هم القتلة، والأدلة كافة واضحة أمامنا، ولكن لا توجد حكومة قوية من أجل وقف الفوضى في عدن». كذلك، أفاد مصدر من داخل مقر شرطة عدن، للموقع، بأنه «تم إلقاء القبض على بعض القتلة، إلا أنه كان من الصعب على القوات الأمنية، توفير الحماية لمئات الدعاة في عدن». وزاد المصدر الأمني لـ«ميدل إيست آي»: «لم يتم قتل رجال الدين والدعاة فقط في عدن ومدن أخرى، بل قادة عسكريين أيضاً. ومن الصعب حماية الجميع».
من جهته، نفى براء منير، وهو مقاتل في صفوف قوات «الحزام الأمني»، ضلوع الإمارات العربية المتحدة في ملف الاغتيالات، بالنظر إلى أن هذا النوع من العمليات «كان شائعاً، حتى قبل بدء حرب اليمن في العام 2015». وأكمل بقوله «إن البعض يتهم الإمارات العربية المتحدة بأي جريمة تحصل في عدن، إلا أن الحقيقة تقول إن دولة الإمارات تفعل كل ما هو إيجابي، ويصب في صالح المدينة، وأنها أعادت بناء المؤسسات العامة في المدينة»، متهماً عناصر تنظيم «القاعدة» بـ«محاولة خلق فوضى» داخل المدينة، إثر طردهم منها، من قبل قوات هادي، بدعم من «التحالف» في العام 2016. ومع ذلك، شكك «ميدل إيست آي» بأن يكون التنظيم المتشدد خلف ذلك الملف، كونه جرت العادة أن يعلن التنظيم مسؤوليته عن العمليات التي ينفذها.
مع الإشارة إلى مناشدة وزير الأوقاف والإرشاد في حكومة الرئيس هادي، أحمد عطية، لوزارة الداخلية وقوات الأمن التابعة للأخير «التدخل من أجل إنقاذ (رجال الدين) الآخرين من ملاقاة المصير عينه»، نقل «ميدل إيست آي» عن رجل دين موال لهادي، قوله «إن الدعاة يخشون الحديث في قضية دعم الرئيس، وغيرها من القضايا السياسية، لأن هناك العديد المعارضين له في عدن». وأردف الداعية، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن «بعض الدعاة يصر على مواصلة مهامهم الدينية، والتحدث في المسائل السياسية الحساسة، إلا أنني لن أتحدث في أي قضية سياسية، كونه لا توجد مدرعة إماراتية موكلة بحمايتي، وكوني لا أتواجد خارج عدن»، كاشفاً عن تعرض بعض رجال الدين، المؤيدين للرئيس هادي، لـ«تهديدات مجهولة المصدر» بغية منعهم من تقديم «الدعم العلني» للأخير.
إلى ذلك، تطرق «ميدل إيست آي» إلى تداعيات ملف الاغتيالات على الوضع العام في عدن. ومن هذا المنطلق، نقل الموقع عن مهدي هارون، وهو أحد سكان المدينة الجنوبية، أن زيادة عمليات الاغتيال «يهدد مستقبل المدينة، ويجعلها غير آمنة للجميع»، وإشارته إلى أن «المستثمرين حالما يسمعون بوقوع اغتيالات في عدن، سوف يتجنبون الاستثمار فيها، وسوف يتوجهون إلى بناء مشروعاتهم في محافظات أخرى، مثل مأرب». وأكمل هارون حديثه إلى «ميدل إيست آي» قائلاً: «إن الجيش اليمني حرر المدينة من الحوثيين، ونأمل الآن أن يقوم بتحريرها من الخلايا التي تحاول خلق حالة من الفوضى عبر الاغتيالات». بدروه، عبّر رئيس «مركز مدار للدراسات الاستراتيجية» في عدن، فضل الربيعي، بقوله إن «الاغتيالات تؤثر على وضع المدينة ككل، مع تحولها إلى مدينة الجريمة وانعدام الأمن». وتابع المحلل السياسي أن «المدن، وليس الأحزاب، هي التي تسقط جراء الاغتيالات، حيث تتلاشى أسماء الضحايا مع مرور الوقت، لتبقى سمعة المدينة مشوهة إلى الأبد». وأردف: «بغض النظر عن (هوية) القاتل، والضحية، فإن عدن هي الضحية الأساسية (جراء ذلك الملف)».
خليك معنا