الحديث عن تدويل إدارة الحج بعد الدعوة القطرية، والتي أثارت جدلاً واسعاً واعتبرته السعودية بمثابة إعلان حرب، أعاد للأذهان دعوات إسلامية كثيرة في هذا الإطار، ومطالبات عدة بالمشاركة بالإدارة أمام عدم تمكن السعودية وحيدةً من حماية الحجاج نتيجة الأخطاء الدائمة التي تحصل.
وزادت هذه الدعوات بعد الحادث المؤلم الذي أدى إلى سقوط مئات الحجاج ضحايا أكثرهم من الإيرانيين وعدم إجراء تحقيق شفاف من قبل الرياض، التي احتكرت تنظيم مواسم الحج دون أن تبذل جهوداً عظيمة لحماية الحجيج.
وفي سرد لبعض الحوادث التي حصلت في مواسم الحج يتبين مدى العجز السعودي عن ذلك، ففي 24 سبتمبر 2015م قتل أكثر من 769 شخصا وأصيب ما يقارب الألف بسبب التدافع أثناء رمي الجمرات في منى، وكان معظم الضحايا من الباكستانيين والإيرانيين.
وفي 2015م أيضاً أسفر سقوط رافعة ضخمة في الحرم المكي، بسبب العواصف الشديدة، عن مقتل 107 أشخاص وإصابة 238، وفق ما أعلنت هيئة الدفاع المدني السعودية. في 2012م شهد موسم الحج 81 حالة وفاة للحجاج المصريين.
وفي 12 يناير 2006م قتل 340 حاجا في تدافع على جسر الجمرات، وقد وقع بسبب تساقط أمتعة للحجاج من أعلى حافلات كانت تسير في مكان الحادث. في 2005م وقع تدافع شديد في منطقة رمي الجمرات اودى بأرواح عشرات الحجاج من مختلف أرجاء العالم.. وهو الحادث الثاني من نوعه في المنطقة ذاتها.
وغيرها من الحوادث العديدة التي حصلت ومنها حادثة 31 مايو 1987م بعد أن اعتدى الأمن السعودي على الحجاج الايرانيين وأسقط منهم مئات الشهداء بعد أن اطلقوا الشعارات تضامناً مع المسجد الأقصى في مسيرة البراءة.
ومع كل أزمة تنفجر في وجه السعودية تجدها تهرب إلى موسم الحج لتستخدمه شماعة تعلق عليها مشاكلها وفشلها. فما إن حلت أزمة الحج بين السعودية وإيران بعد مقاطعة طهران أداء المناسك، العام الماضي، حتى طفت على السطح أزمة جديدة بين الرياض والدوحة ستكون نتائجها عدم مشاركة القطريين في موسم الحج لهذا العام. فالدوحة تخاف من جهتها من عدم حفاظ السلطات السعودية على أرواح الحجاج القطريين وتدبير مكيدة انتقامية ضدهم.
هذا الخلاف ومع أن ظاهره ديني تعبدي إلا أن أساسه سياسي، فالسعودية أصبحت أمام كل أزمة تضغط على الدول في منع حجاجها من إقامة شعائرهم، في نكد سياسي واضح ضحيته المسلمون الذين باتوا أمام خيارات عدائية من قبل الرياض.
بوادر الأزمة الجديدة في ملف إدارة المناسك الإسلامية، بين قطر والسعودية، في حال تصاعدها ستشكل إدانة جديدة للسعودية من قبل الدول الإسلامية التي ما عادت تتحمل سذاجة الرياض في إدارة مناسك الحج، فيما الأخيرة ترفض المساس بهذا الموضوع، أو حتى التفاوض عليه مع باقي الدول الإسلامية، وهذا ما ذهب بالرياض إلى القول بأن طلب قطر تدويل الحج هو بمثابة إعلان حرب.
أصبح من المؤكد أن القطريين حرموا من أداء فريضة الحج لهذا الموسم، أمام تعنت السعودية، ما سيدفع الدول الاسلامية أكثر نحو المطالبة بضرورة تشكيل لجنة اسلامية مشتركة لإدارة موسم الحج كي لا يبقى حكراً على السعودية، وتبقى تستخدمه ورقة ضغط على كل من ينتقد سياستها وأخطاءها في إدارة هذه المناسك.