الدّعم الرّوسيّ للرّئيس الأسبق علي عبد الله صالح، الذي وعد بإعادة العلاقات اليمنيّة الرّوسية إلى سابق عهدها، أثار حفيظة الرّئيس هادي، الأمرَ الذي دفعه للتّقارب مع روسيا لإدراكه ضعف موقفه بسبب تركيز السّعودية على الشّمال وقناعته بأنّ أمريكا غير مستعدّة لحمايته. فجاء تعيين عبد ربه منصور لسفير جديدٍ لليمن لدى موسكو، وهو المنصب الذي بقي شاغرًا لأكثر من ستّة أعوام، لتعزيز العلاقة بين هادي وروسيا، حيث يعتقد الرّئيس اليمني أنّ وجود موسكو الأساسيّ في البحر الأحمر هو حصن متين ضد النّفوذ الإيرانيّ باليمن.
بالرّغم من أنّ الرّوس غير مهتمين باليمن ضمن اولوياتهم الجيوسياسيّة، لانشغالهم بسوريا، إلّا أنّ تدخّلهم ونجاحهم في التوصّل إلى حلول سياسيّة سيجعلها تمتلك ورقة ضغط تجاه أمريكا ودول الخليج للحصول على مكاسب في سوريا وليبيا وأوكرانيا. ومهما يكُنْ من أمر، فإنّ التزام روسيا العميق بضمان وقف إطلاق النّار في اليمن سيتطلب التزاماتٍ أهمُّها وقف الأعمال العدائيّة، ما سيسمح لروسيا ببناء قاعدة بحريّة في اليمن بذريعة المراقبة، وسيكون للقاعدة اليمنية قيمة استراتيجية كبيرة بالنسبة لموسكو لأنها ستزيد من وصول روسيا إلى ممرات الشحن في البحر الأحمر ومضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن.
وفي حال انحاز الرّوس مع الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح ، فمن المُرجّح أن تقنع السعودية الرّئيس هادي بالتفاوض مع الحوثيّين للضّغط على صالح، مما يعزز طموحات موسكو لوقف إطلاق النار، والذي سيكون نتيجة لإستراتيجية متبعة من صناع القرار في الكرملين لتحسين صورة روسيا في المنطقة وبانها تصلح ماافسدته واشنطن ، وبذلك سيصبح تأثير الرّوس والإيرانيّين في اليمن أكبرَ من التّحالف العربيّ مع واشنطن.
إنّ فسح المجال لروسيا للتّدخل بالأزمة اليمنيّة من قبل التّحالف العربيّ، سيما وأن إستراتيجية موسكو تعتمد على الدخول الدبلوماسي مع جانبي النزاع اليمني، سيجعل الدّور الرّوسيّ أكثر التزاماً وحياديّة. إلّا أنّه لا يمكن التّعويل على الرّوس، لانهم قد يتطلّعون من وراء تدخّلهم في اليمن للحصول على تنازلات من أمريكا. وعليه فمن المرجح أن تتخلّى روسيا عن اليمن لتترك وراءها فوضى اكبر ، خاصة أنه لا يوجد ما يشير إلى أن روسيا ستتولّى مَهمَّة عسكريّة باليمن، كما أن لموسكو سجلٌ حافلٌ بمواءمة سياسة طهران الخارجيّة في صراعات أخرى بالشرق الأوسط، بما في ذلك سوريا.
بما أن النّفوذ الرّوسيّ باليمن ازداد، فإن أمريكا ستسعى لتعطيَ مزيداً من الانتباه لليمن حيث قال السّفير الأمريكي باليمن إن واشنطن عازمة على لعب دور قياديّ أكبر بحل الأزمة اليمنيّة، وبذلك سيكون تجاوب واشنطن جديا مع تهديد الحوثيّين، وعدم الاكتفاء بخطر القاعدة، أو الادّعاء بأنّ تأثير إيران على الحوثيّين ضعيف.