الصباح اليمني_مساحة حرة|
لكل من عرف القاضي علي ابو الرجال موقف وقصص معه خلال عمره الطويل في الوظيفة العامة وخارج الوظيفة ,وبعد وفاته كتب البعض عن تلك القصص والمواقف, وخلال علاقتي معه التي استمرت ما يقارب خمسة وعشرين عام حدثت لي مواقف وقصص عديدة اعتبرها مرجع هام استعين به في حياتي العملية حيث كان لي نعم الصديق ونعم المعلم ,وسوف اتناول في هذه العجالة موقفين كان لهما اكبر الاثر في بناء علاقاتي مع الاخرين .
الموقف الاول كان في عام 2002م عندما سافرت معه الى الرياض لحضور ندوة عن الوثائق العربية حيث كان من ضمن برنامج الندوة لقاء مع امير الرياض سلمان بن عبد العزيز آنذاك بحكم انه كان راعي الندوة , وفي اثناء اللقاء تحدث الامير وكان في معظم حديثة رسائل موجهة الى اليمن وعندما لاحظ ان القاضي يضع سماعة في اذنه شعر بان رسائله لم تصل , وبعد انتهاء اللقاء وصل الينا سكرتيره ينقل الى القاضي رسالة من الامير يخبره فيها انه لاحظ ان القاضي يضع سماعة واذا كان راغبا في العلاج فيمكنه ان يختار أي مستشفى في السعودية للعلاج وعلى نفقة الامير , فاعتذر القاضي بأدب شديد وقال انا ذهبت الى مستشفيات كثيرة في الداخل والخارج واخبروني بان لا فائدة في العلاج وعلي الاستمرار في استخدام السماعة , وعند ذلك ذهب السكرتير وعاد مسرعا يخبرني (لأني كنت الوسيط بحكم ان القاضي ضعيف السمع ) بان الامير مصر على علاج القاضي واذا كان لا يرغب بالعلاج في السعودية فيمكنه ان يختار دولة عربية او اجنبية للعلاج فيها وسوف يتحمل الامير كافة النفقات له ولأفراد اسرته , فكرر القاضي اعتذاره بإصرار قائلا (ما فيش فائدة ليش الخسارة ) , وبعد ذهاب السكرتير سالته لماذا رفضت يا قاضي فرصة تغيروا جو انت والاولاد في اوروبا على حساب الامير , فرد علي قائلا هؤلاء لا يقدموا شيء ببلاش فعندما يعطوك شيء سوف يطلبون منك ان تقدم لهم خدمة وعندها لن تسطيع ان تقول لا , شعرت عند ذلك ان القاضي قد لقني درسا لن انساه وان على الانسان ان يقول لا لأي اغراء لا يتوافق مع مبادئه حتي يعيش حر , ومن خلال هذا الموقف عرفت لماذا كان المسئولين يتساقطوا امام اغراءات السعودية .
واما الموقف الثاني فكان في بداية حياتي العملية في المركز حيث تم تكليفي بخدمة الباحثين , وصادف ان جاء الى المركز باحث امريكي مرسل من المركز الامريكي للدراسات في صنعاء , وكان بحثه عن الاوقاف ونظرا لعدم وجود معلومات كافية في المركز تتعلق بموضوعه فقد فأشرت عليه بان يذهب الى اماكن اخرى يمكن ان يجد لديهم ما يبحث عنه , وبعد عدة ايام تلقيت اتصال من مديرة المركز الامريكي تطلب مني المجي الى المركز وعندما ذهبت اخبرتني بان المركز سوف يعطيني 300$ مقابل مساعدة الباحث الامريكي فاستغربت لأني لم اقدم للباحث سوء نصيحة وشعرت بالقلق , فطلبت منها ان تمهلني حتى استأذن من رئيس المركز , فذهبت الى القاضي واخبرته بالموضوع فقال لا مانع لدي من ان تأخذ المال ولكن اريد ان اخبرك بان الامريكي سوف يعطيك مبلغ ثم يعطيك مبلغ وانت تعرف بانك لم تقدم شيء يذكر مقابل المال وسوف يكرر الموضوع حتى يشعر بانك اصبحت تنتظر المال منهم , وعند ذلك سوف يطلبون منك معلومات تتعلق بعملك او تتعلق بأقرب الناس اليك ولن تستطيع في تلك اللحظة ان تقول لا وستضطر لتنفيذ ما يطلب منك , وبعد انتهاء القاضي من حديثة شعرت بقلق شديد واعتذرت للمركز الامريكي عن قبول المبلغ , وعند ذلك عرفت كيف يتم استدراج الشباب للعمل معهم , واصبحت لدي حذر شديد عند العمل مع الامريكيين او مع الاجانب ولكن بثقة كبيرة .
كانت هذه المواقف من ضمن مواقف عديدة مع القاضي تعلمت منها الشي الكثير الذي افادني في حياتي , واتمنى من الجميع ان يعرف ان كلمة لا في الوقت المناسب قد تنجيك من اخطار كبيرة قد تقع فيها .
رحم الله القاضي على ابو الرجال واسكنه فسيح جناته
خليك معنا