الصباح اليمني_مساحة حرة|
بعد التغيرات المفاجئة التي حصلت في المنطقة وهرولة السعودية والإمارات لتبني سياسة سلام جديدة، بالتزامن مع غياب مريب للأمريكان، فقد بالغ البعض بوصف هذا الأمر واعتبروه خروج أمريكي كلي من المنطقة، بل إن البعض الآخر ذهب إلى أبعد من ذلك وقال إن هذا مؤشر لبروز قطب عالمي ثالث “القطب العربي والإسلامي”.
فهل يمكن للسعودية والإمارات مثلاً أن تبادر للسلام دون رجوع لمرجعياتهم الغربية؟!
ندرك تماماً بأن الأنظمة الموالية للأمريكان سقفها الحقيقي هي المظلة الغربية وأقدامها لاتتحرك إلا بإشارة من ريموتات يتحكم بها صناع القرار في الغرب، ومن يقول عكس ذلك فهو يغالط نفسه ويغالط الآخرين ويكذب المعطيات والحقائق الدامغة التي بنيت على أساسها هذه الأنظمة وسنت اتفاقياتها وقوانينها على تشريعات تشبه”صاحب العمارة وحارس البوابة”.
بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية بعدة أشهر اتجه صناع القرار في الغرب لتلبيس أذرعهم في المنطقة “قناع السلام”،ولطخوه بكثير من مساحييق التبييض لطمس الجرائم التي ارتكبوها بحق المدنيين، وبدأوا بخطوات فعلية لتطبيع العلاقات مع كل الدول والقوى التي حاربوها خلال السنوات الماضية وعجزوا على إضعافها، وذلك كإجراء وقائي تكتيكي ومرحلي للتفرغ للمشاكل التي طرأت في شرق أوروبا وفي بحر الصين.
نحن لسنا ضد السلام أبداً، لكنا نود أن نوضح الدوافع والخلفيات التي قادت السعودية وحلفاءها إلى الجنوح للسلام، وإلى جانب ماذكرناه سابقاً، فالجزء الأكبر من هذه الدوافع يعود لصمود محور المقاومة- وبالخصوص اليمن-وتحقيقه لمعادلة الردع العسكرية ومع مرور الوقت فقد أصبح العمقين السعودي والإماراتي بمنشآتهما الحيوية تحت مرمى النيران اليمنية، وهو ماشكل تهديداً حقيقياً للاقتصادين السعودي والإماراتي، لتتشكل معادلة جديدة تقول “لاتنمية اقتصادية في الخليج بدون مد يد السلام لليمن”.
وخلال فترة “السلام التكتيكي” ستستمر الحرب الناعمة ضد حركات التحرر والمقاومة في المنطقة_على الأقل_لكبح جماح توسعها وتناميها المضطرد خصوصاً في المجال العسكري، وعندما نقول حرب ناعمة يفسرها البعض على أنها تتعلق بنوعية المظهر الخارجي من ملبس وقصات شعر فقط، دون أن يدرك أن الحرب الناعمة شاملة للحرب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية وغيرها، فهي بعد أن عجزت عن إخضاعك بالصواريخ ستلجأ لدعم فصائل سياسية أو دينية تعارض توجهاتك وتعمل على إذكاء الصراعات والاقتتال البيني، وبدلاً من استخدام المرتزقة الذين عجزوا عن تحقيق تقدم في الأرض ستلجأ إلى حرب اقتصادية ضد مصادر الإنتاج والتمويل التي تساعدك على الصمود، وهكذا.
خليك معنا